ظللت مدة طويلة اتعجب من أن أصحاب المخابز مازالوا يبيعون أجولة الدقيق والخبز لحسابهم علنا حتى بعد تطبيق نظام الخبز ببطاقة التموين ،وعندما سألت البعض عن السبب فى هذه الثقة فى البيع ،فقال: إن هذا على حسابه بالخسارة ،لأنه يشترى الدقيق ويحصل عليه من الدولة بسعر السوق ،إلى أن قابلت أحد مفتشى التموين الذى شرح لى السر المكنون ،بأن صاحب المخبز يتفق مع مشرف جهاز المراقبة والإرسال التابع لمنطقته والذى يراقب من خلال جهاز الكمبيوتر حركة بيع الخبز فى نحو عشرين مخبزا ،ليسجل له أرقاما وهمية ومضاعفة لما باعه بوضع صفر أمام كمية المبيع من الخبز ، فإذا باع المخبز 20 رغيفا ،يسجل الجهاز له صفرا إضافيا فيصير 200 رغيف، ومنها إلى ألفين ،فإذا كان جوال الخبز ينتج ألفا و200 رغيف ،فيعنى ذلك أنه مع بيع خبز الجوال الواحد يستولى صاحب المخبز على تسعة أجولة ،فإذا كان الجوال ثمنه 200 جنيه ، فمعنى ذلك أنه يحصل بالسرقة على ألف و800 جنيه يوميا ،ومن ثم مضاعفاتها ،فى الوقت الذى يتقاسم فيه المبلغ مع المشرف بنسبة خمسين جنيها عن كل جوال .ليسرق الإثنان أموال الدولة تحت بصر ومعرفة المسئولين عن الرقابة من المفتشين وغيرهم من القيادات الذين قد يجهلون ما يحدث إلا أن يعتمدوا المبالغ المنصرفة ، ليضيع على الدولة نحو عشرة مليارات جنيه على تجار قوت الشعب . ولعل مانشر ومعروف لدى الكثيرين من المواطنين بأن كثيرا من أصحاب المخابز يطالبون معارفهم بالمنطقة باستخدام بطاقة التموين بالماكينة الخاصة بالمخبز فى مقابل الحصول على الخبز مجانا ،لأنهم وسيلة لسرقة 90٪ من الدقيق بسعر السوق ،فى حين تجد أن وزن الرغيف يكون حسب المواصفات فى الصباح الباكر ثم يبدأ فى النقصان بعد ساعتين ،لتكون السرقة من ناحيتى الوزن والعدد، ويكون الحل العاجل الآن هو إلزام المشرف على جهاز الإرسال بتسجيل رقم البطاقة التى صرفت حصتها من الخبز وإظهاره ،حتى يمكن مراقبته والتأكد من الأرقام بما يستحيل معه التلاعب ،وفى نفس الوقت تكون الرقابة الجادة والمتحركة دون التزام بمكان حتى لايسهل استمالة صاحب المخبز للمفتش بالرشوة ،لأن الواقع يقول ذلك فالمخالفات شائعة وعلنية . فى نفس الوقت اعتقد أنه آن الأوان ليأخذ المواطن حقه من الخبز دون وساطة ،أولا: بخفض كمية المنصرف إلى ثلاثة أرغفة للفرد الواحد فى سبيل أن يصرف الباقى له نقدا،ولو بخمسة قروش وعلى المواطن أن يختار النظام الذى يناسبه لأنه من المعروف أن استهلاك الأسرة العادية يعتمد أكثر على الأرز والمكرونة ،ولأن ثمن الرغيف الواحد يبلغ بسعر التكلفة 34 قرشا،تتحمل الدولة منها 29 قرشا،وثانيا : أن يصرف مبلغ رمزى على البطاقة بما يعادل ثمن الرغيف بعشرة قروش ، بشرط الحفاظ على مستوى أداء المخابز ،ومواصفات المنتج. لمزيد من مقالات وجيه الصقار