ليهنأ ابناء واشنطن وعملاءها بقدرة أمهم أمريكا علي فعل ماتريد وإنقاذ رقابهم من يد العدالة بالضغط والإرهاب تارة, والتحايل والألاعيب تارة أخري, إلا أن الأمر المؤكد ان المنظمات التي كانت مشبوهة بسبب تورطها في تلك القضية لم تعد مشبوهه ولا متهمة فقط وأنما اصبحت متورطة و مدانة فعلا, ولولا أنها كذلك ماتحركت أمريكا بكل هذا العنفوان والقوة لتضغط بأقصي مايمكن وتحاول تهريب مواطنيها في إطار صفقة لا نعرف أبعادها ولاتفاصيلها ولا من يقف خلفها بعد. ماحدث هو سقطة وسوء ادارة للأزمة منذ بدايتها حتي نهايتها, وفي وقت تم الكشف فيه عن الطرف الثالث أو اللهو الخفي وبدأت الخيوط تتكشف وأبعاد المؤامرة تتضح وإحالة القضية الي محكمة الجنايات بعد استيفائها من قضاة تحقيق مختصين مستقلين ومن الذين أصدروا قرارهم بإحالة القضية الي الجنايات, وبدأت المحكمة نظر القضية إلا أن الأمريكان بدأوا حملة ضغوط مكثفة علي مصر وصلت الي حد الصفاقة والتهديد بقطع المعونة ومحاصرة مصر في المنتديات الدولية وصندوق النقد, وهو مايذكرنا بالموقف المخزي الذي أتخذته امريكا اثناء بناء السد العالي إبان ثورة يوليو.1952 هي أمريكا أمبراطورية الشر التي تعمل طبقا لاجندتها, وحينما رأت أن مسار الثورة في مصر يسير بعيدا عما تتمناه وترغبه نزلت بكل ثقلها لإفساد الثورة وإفشالها, فهي أي أمريكا كانت تريد حقا ثورة في مصر ولكن علي طريقة العراق وليبيا وتحويل الثورة الي حرب أهلية وتقسيم مصر الي دويلات, كما حدث في العراق التي تحولت الي ثلاث دويلات واحدة للاكراد وثانية للشيعة وثالثة للسنة, ولايمكن للعراق ان تعود موحدة مرة أخري علي الأقل في الأمد القريب, ونفس الحال حدث في ليبيا التي بدأت بوادر الانقسام تشتعل هناك وبدأت قبائل شرق ليبيا تستعد لإعلان برقة إقليما فيدراليا يمتد من حدود مصر في الشرق الي سرت غربا, وتحويله الي فيدرالية اتحادية تستمد شرعيتها من الدستور الذي أقر إبان عهد أدريس السنوسي عام.1951 مصر كانت هدف استراتيجية الفوضي الخلاقة الامريكية, وحينما بدأت بوادر نجاح الثورة بشكل سلمي وتوارت مخططات التقسيم والحرب الاهلية بدأت امريكا واعوانها يصرفون بسخاء ويغدقون الأموال يمينا ويسارا لعلهم يستطيعون إنجاح مخططاتهم الجهنمية, وتنفس شرفاء الوطن الصعداء حينما بدأت الخيوط تتكشف والأمور تسير في نصابها الصحيح حتي كانت الصدمة الكبري وما صاحبها من سيناريو هزيل ورديء لتهريب الأمريكان والتدخل في شئون القضاء المصري الشامخ الذي نعتز به ونفخر, فالطائرة الأمريكية العسكرية وصلت قبل إلغاء قرار منع السفر وأموال الكفالة دفعتها الخارجية الأمريكية, وتحويل القضية من جناية الي جنحة أمر غير مستساغ, وتنحي المحكمة شيء غير مفهوم وحيثياته غير مقبولة.. كل هذه الأمور تؤكد سيناريو الصفقه والتدخل الامريكي السافر لإنجاز تلك الصفقه, لأن الادارة الامريكية تعلم علم اليقين تورط الامريكان المتهمين في القضية, ولو ان لديها مثقال ذره من يقين ببراءتهم ماتحركت بكل هذه الكثافة ومارست كل هذه الضغوط لتهريبهم قبل أن ينالهم العقاب, والأهم من العقاب ما كانت التحقيقات ستزيح عنه الستار من مؤامرة وفتن وتجسس وأساليب قذرة لضرب مصر وإستقرارها ووحدتها الوطنية والجغرافية. الصفقات في تاريخ الدول والشعوب موجودة وقد تكون ضرورية احيانا وليست عيبا, ولكن العيب هو ذلك السيناريو الرديء الذي خرجت به الصفقة, وهناك العديد من الصفقات التي تحدث بين الدول وابرزها مايحدث في تبادل الجواسيس كما حدث أخيرا بين مصر واسرائيل في قضية إيلان جبرائيل الجاسوس الاسرائيلي الذي كان يحاول العبث ايضا في الثورة, كما ان هناك صفقات تحدث بين الدول وتتعلق بالأمن القومي والمصلحة العليا كما حدث في صفقه اليمامة الشهيرة بين بريطانيا والسعودية وهي القضية الشهيرة التي كانت تتعلق بصفقات اسلحة ضخمة وتورط فيها العديد من كبار المسئولين بين البلدين, كان من الممكن الانتظار حتي تنتهي التحقيقات في قضية التمويل واصدار الاحكام ثم العفو عنهم واطلاق سراحهم بعد ذلك في مقابل صفقة معلنة, لكن أن يتم إخراج سيناريو بدائي ساذج دون الكشف عن التفاصيل فهذا هو غير المقبول ولا المعقول والمرفوض جملة وتفصيلا. المزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة