مر الاقتصاد المصرى بفترات حاسمة منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، شهد فيها تقلبات عكستها حالة الحراك السياسى، وقبل ثورة يناير سجل الاقتصاد معدلات نمو غير مسبوقة تجاوزت نسبة 7% لكن ثمار هذا النمو كانت تذهب لفئات بعينها. ومع زيادة هذه المعدلات، تزامن معها زيادة متوازية فى معدلات الفقر والبطالة، وكانت هى النواة الأولى لثورة المصريين. وتقول الدكتورة أمنية حلمى كبير الاقتصاديين ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية ، إنه منذ اندلاع ثورة 25 يناير اتسم الاقتصاد المصري بمعدلات نمو أقل كثيرا من المتوسط الذي سجله قبلها. ولكن بدأ في التعافي ليحقق 3.7% في يونيو 2014 مقابل 0.4 % في يونيو 2010. بعد أن سجل تراجعاً بنحو 4.2% خلال العام المالى 2010-2011، كما تأثر النمو سلباً نتيجة تراجع حجم الصادرات وانخفاض الاستثمارات لمعدلات متدنية جداً. وأشارت إلى أن التراجع أمتد لمعدل الادخار والاستثمار وأصبحا أقل من من المستوى اللازم لتحقيق معدلات أسرع من النمو الاقتصادي، حيث سجلت خلال الربع الثانى من العام 2010- 2011 إلى نحو 15.5 % للاستثمار ونحو 11.3% للادخار. ووصلت تلك النسب خلال الربع الثالث من نفس الفترة والتى شملت توقيت الثورة إلى نحو 14.9% لمعدل الاستثمار بينما سجل معدل الادخار نحو 10.5%، وتعافت تلك المؤشرات إلى أن وصلت إلى نحو 18% للاستثمار ونحو 9.4% للادخار فى الربع الأخير من العام المالى المنتهى فى يونيو 2014. وحول معدلات البطالة، أكدت ان تباطؤ النشاط الاقتصادي ساهم في ارتفاع معدل البطالة من 9% تقريبا في سبتمبر 2010 إلى 13% في سبتمبر 2014، وتزايد معدل البطالة بين الشباب من 19.8% عام 2010 إلى 25.8% عام 2013، فيما ارتفع معدل البطالة بين حملة المؤهلات الفنية المتوسطة خاصة في بورسعيد وأسوان، وبين الجامعيين خاصة في القاهرة والإسكندرية، حيث وصلت فى بورسعيد إلى نحو 27%، فيما وصلت فى بنى سويف لنحو 4%، ما يستدعى ضرورة ربط مخرجات التعليم والتدريب بالمهارات المطلوبة في المحافظة. وقالت إن نسبة البطالة في المناطق الحضرية زادت من 12.3% عام 2010 إلي 16.3% عام 2012، وأيضا في الريف من 6.4% إلي 8.9% خلال نفس الفترة، وكان الذكور الأكثر تأثرا من الإناث بتفاقم البطالة في أعقاب الثورة. وأكدت أمنية حليم أن ضعف الطلب المحلي ساهم في تباطؤ معدل التضخم من ديسمبر 2010 إلى نوفمبر 2014، ولكن مع الانخفاض الحاد لقيمة الجنيه وتوقعات مزيد من إصلاح نظام الدعم وزيادة الإيرادات الضريبية عاود معدل التضخم الارتفاع ليصل إلي 10.13 في ديسمبر 2014. وحول الأوضاع المالي لمصر، أضافت كبير الاقتصاديين ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أن عجز الموازنة العامة للدولة تزايد إلى 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2013-2014 مقابل 9.8% خلال العام المالي 2011-2010 . هذا بالاضافة الي تزايد عجز الموازنة العامة للدولة إلى 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة يوليو- نوفمبر من العام المالي 2014-2015 مقابل 3.9% خلال الفترة المناظرة من العام المالي 2011-2010. وقالت إن الإنفاق العام زاد على الدعم والأجور ومدفوعات الفائدة، في حين انخفض الاستثمار العام ، وسجل نحو 29.3% من % من الناتج المحلى خلال عام 2011، وصعد لنحو 35.1% خلال العام المالى الماضى. وأوضحت أن الحاجة لتمويل العجز المالي أدى إلى تزايد اعتماد الحكومة على الاقتراض المحلي حيث سجل الدين العام المحلى نحو 1.8 تريليون جنيه مع نهاية سبتمبر الماضى، مشيرة إلى أن الدين الخارجي لمصر لا يشكل تهديدا مباشرا على الاستقرار الخارجي حتى الآن. وأشار كبير الاقتصاديين ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إلى أنه مع تزايد اعتماد الحكومة على الاقتراض المحلي، والإفراط في إصدار أذون الخزانة، أصبحت البنوك التجارية تفضل الإقراض السيادي لأنه ينطوي على مخاطر أقل نسبيا، فتراجع الائتمان الموجه للقطاع الخاص نتيجة مزاحمة الائتمان الموجه للحكومة، حتى وصل نسبة الاقتراض الحكومة من البنوك مقارنة بإجمالى الاقتراض إلى نحو 63.6% خلال أكتوبر الماضى، مقارنة بنحو 23.7% للقطاع الخاص. كما أشارت إلى نسبة القروض للودائع وانخفضت لتعكس عدم توافر الائتمان للقطاع الخاص ونقص الاستثمارات، مما لا يساعد على تحفيز النشاط الاقتصادي وسجلت تلك النسبة نحو 48.5% خلال مارس 2011، فيما وصلت إلى نحو 41% خلال العام المالى الماضي. وبالنسبة للاحتياطى النقدى، تراجعت موارد النقد الأجنبي من صافي الاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة وقناة السويس، إلا أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج شهدت تزايدت ملموساً. لتؤكد الخبيرة الاقتصادية أنه مع تراجع المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي وبصفة خاصة خروج الاستثمارات الأجنبية، تآكلت الاحتياطيات الدولية، وتراجع الجنيه أمام الدولار بنسبة 23% من ديسمبر 2010 إلى نوفمبر 2014 وانخفض صافي الاحتياطيات الدولية من 35.6 مليار إلى 15.3 مليار في ديسمبر 2014.