لم يخطر ببال أحد ، أن يخرج المصريون في ثورة جديدة ، يوم 30 يونيو2013 ، بعد عام و3 أيام من حكم محمد مرسي وجماعته، بعد أن أثبت " المعزول" أنه ليس رئيس لكل المصريين ، وإنما لأهله وعشيرته فقط ، وأكد بما لايدع مجالا للشك، أن مصالح جماعته تعلو فوق مصلحة الوطن.. ولم يتصور المصريون، أن تنحرف الثورة 25 يناير عن مسارها، وأن تذهب تضحياتهم من أجل العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الانسانية سدى، ، بفعل انقضاض جماعة الإخوان على الثورة، لتحقيق أهدافها في التمكين، والاستحواذ، والسيطرة على مفاصل الدولة، بفاشية دينية، تتخذ من الدين ستارا لتحقيق مصالحها.. احتكار السلطة في 30 يونيو، ثار الشعب المصري - كما يقول بهاء الدين أبو شقه سكرتير عام حزب الوفد- عندما شعر بأن جماعة سرقت ثورته، ففعلت بالبلاد ما لم يفعل أحد، بدءا مما تكشف عن وصولهم للحكم بدعم من دول خارجية، إضافة إلى الصدام مع مختلف مؤسسات الدولة، ومحاولات احتكار السلطة، والاستحواذ على المناصب في محاولة لأخونة الدولة، فضلا عن الانفلات الأمني، و غيرها من المظاهر السلبية التي تلت ثورة 25 يناير، .. كل تلك الأمور ، دفعت المصريين للشعور بأن جماعة الإخوان تسير في طريق غير الذي أرادوه ، وأن المطالب التي رفعوها خلال ثورة 25 يناير، كالعيش والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، قد ذهبت سدى بعد وصول الإخوان إلى سدة الحكم. يعود أبو شقة بالذاكرة إلى الوراء قليلا، حينما قامت ثورة 25 يناير، التي كانت مصر مهيأة لاندلاعها، بعد أن شعر المصريون أنهم أمام نظام فقد صلاحية الحكم، وفقد ولاءه للشعب، فقام بثورته العظيمة، وأسقط نظام مبارك، أملا في مستقبل أفضل، وحياة كريمة، بعد أن ضرب الفساد بجذوره في الأعماق، وبعد أن ارتفعت معدلات الفقر، والمرض، ونمت العشوائيات، وتدهورت أوضاع البلاد، وأحوال العباد، وتزاوج المال مع السلطة، فما كان من الشعب إلا ان اتخذ قراره بالتخلص من ذلك النظام، والقضاء على حلم التوريث، وضحى الشعب من أجل ثورته العظيمة بدمائه، ثم جاءت جماعة الإخوان، التي قضت على أحلام الثورة في غضون عام، فما كان من الشعب إلا أن قرر عزل محمد مرسي، ليضع حدا لأطماع تلك الجماعة، التي فتحت أبواب الصراعات على أشدها مع كافة مؤسسات الدولة، وحاولت طمس الهوية المصرية، واحتضنت الإرهاب بكل أشكاله وصوره، وجاءت ثورة 30 يونيو لتصحيح مسار ثورة 25 يناير، التي انحرفت بفعل أطماع الإخوان، فأضاعوا فرصة ذهبية سنحت لهم للوصول إلى الحكم، فقد كسرت ثورة 25 يناير حاجز الخوف، وعمقت الوعي السياسي، وأعادت المصريين لأحضان الوطن، ووحدت الشعب خلف مطالبه وأهدافه المشروعة. الدفاع عن الهوية قامت ثورة 30 يونيو – كما تقول الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة- لأسباب عديدة، أولها الدفاع عن الهوية المصرية، بعد أن حاولت الجماعة طمسها، وتغييرها، وتشويه تاريخ مصر، ودمجها بكيانات لا علاقة لها بها، فقد قامت الثورة دفاعا عن مصر وهويتها ، أضف إلى ذلك عدم الرضا الذي انتاب المصريين، بسبب ممارسات الجماعة، وتسلطها، وديكتاتوريتها، واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ولم تكن هناك بوادر أمل في تحقيق مطالب المصريين التي خرجوا من أجلها في 25 يناير، مطالبين بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الانسانية، وكذلك الفشل الذريع للرئيس المعزول ونظامه، الذي كان معنيا فقط بالاستحواذ والهيمنة على كافة مفاصل الدولة، وإذا بهم يعملون ضد رغبات الشعب ومصالحه، ساعين إلى تأسيس دولة دينية لا مدنية، واستبدلوا الحريات بالقهر، وأطاحوا بالديمقراطية من أجل الديكتاتوريه، وأصابوا الشعب بالإحباط، حتى أن المصريين شعروا بأنهم غرباء في وطنهم. مخططات هدم الدولة وفي 30 يونيو، خرج الشعب- والكلام هنا ل نبيل زكي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع- عندما شعر أنه سقط فريسة لخدعة كبرى اسمها جماعة الإخوان، التي تضع قناعا على وجهها القبيح، وتتستر باسم الدين، زورا وبهتانا، حينها أدرك المصريون أن استمرار هذه الجماعة في الحكم يعني ضياع مصر، وهدم الدولة، وأخونة جميع أجهزة السلطة الحاكمة، حيث كانت الجماعة تسعى لوضع ترتيبات محكمة، لضمان تزوير أي انتخابات قادمة، وبذلك تقطع الطريق على تداول السلطة في المستقبل، ويدرك الجميع، أن جماعة الإخوان، عملت على تمزيق وحدة النسيج الوطني الواحد، وتفتيت الوحدة الوطنية، والقضاء عليها، ولأول مرة يحدث اعتداء على الكاتدرائية بالعباسية، وكذلك حادث أبو النمرس الإرهابي. وقد أثبتت جماعة الإخوان أنها مستعدة لربط مصر بعجلة التبعية للغرب والقوى الأجنبية، مقابل البقاء في السلطة، واستعدادها لتشكيل ميليشيات موازية للجيش، لضمان بقاء الحاكم في قصر الرئاسة، حتى لو على حساب جثث المصريين، ولم ينفصل مرسي عن مقر جماعة الإخوان بالمقطم، بعد أن رشحته للحكم بديلا لخيرت الشاطر الذي حالت موانع قانونية دون ترشحه للرئاسة ، وكان مرسي مدينا للجماعة بوجوده على رأس السلطه، ومعلوم أن وسيطا في الرئاسة، كان حلقة الوصل بين مكتب الإرشاد بالمقطم والمعزول، لتنفيذ التعليمات التي ترد إليه. وأدرك المصريون- كما يقول نبيل زكي- أن تلك الجماعة تناصب العداء حرية الصحافة والإعلام، فجاءوا برجالهم في المؤسسات الصحفية القومية، ومن حاذوا ثقتهم، للدفاع عن مصالحهم، وكانت الجماعة مستعدة للقتل للحفاظ على وجودها، وضمان بقائها في الحكم، ولعلنا نتذكر أحد قادة الإخوان الذي قال أن الذي سيتظاهر في 30 يونيو سنقتله، ولكن الشعب لم يتأثر بتلك التهديدات، وخرج في 30 يونيو دفاعا عن هويته، وصونا للدولة المصرية التي صارت مهددة، والحفاظ على المؤسسات التي سعت الجماعة للاستحواذ والانقضاض عليها من أجل أخونتها، ليثبت الشعب المصري أنه يملك تراثا أسطوريا في حماية ترابه الوطني من أعداء الخارج، ومتآمري الداخل، مهما كلفه ذلك من تضحيات. دوافع الثورة وقد مرت السنة الأولى والأخيرة من حكم الجماعة حافلة بالعثرات والأخطاء، وكان أكثرها تأثيراً على الإطلاق – كما يقول الدكتور عادل عامر الخبيررئيس مركز المصريين للدراسات السياسية ولاجتماعية والاقتصادية - هو التقارب غير المنطقي بين الجماعة ودولة إيران المتخمة بمشاكلها الداخلية والخارجية، بعد ثلاثة عقود من القطيعة السياسية بين البلدين، فعودة العلاقات في ظل الظروف السيئة المحيطة بالاقتصاد المصري - خاصة بعد ثورة 25 يناير - تدل على أن الجماعة لا تملك مشروعاً حقيقيا يضيف لمكتسبات الشعب المصري، وبأنها لا تضع مصلحة مصر كدولة ضمن أولوياتها، حيث كانت تنظر إلى الأمور من خلال منظار الجماعة فقط، ولم تكترث لكل الكوارث التي قد تجرها على الاقتصاد المصري جراء سياساتها العشوائية. وعلى ذلك، فإن ثورة 30 يونيو – كما يقول الدكتور عادل عامر- ما هي إلا تصحيح لمسار ثورة 25 يناير ، التي حاولت جماعة الإخوان اختطافها في غمرة انهماك شباب الثورة برسم مستقبل بلدهم ليبرهنوا للعالم أجمع بأن مصر أكبر من أن تحكمها جماعة الإخوان التي لم تعِ دروس التاريخ جيدا.