أبرز معلومات عن المستشار عصام الدين فريد رئيس مجلس الشيوخ الجديد    هيثم الحريري يتقدم بطعن على قرار استبعاده من كشوف المرشحين لانتخابات مجلس النواب القادم    عاجل- السيسي يوجّه بتحويل مطار القاهرة إلى مركز طيران عالمي.. وتشغيل ذكي ومستدام لمبنى الركاب الجديد    التخطيط: أكثر من 700 مليون دولار محفظة ضمانات وكالة "ميجا" في مصر    قريبًا.. الحكومة تعلن موعد بدء التوقيت الشتوي في مصر    مصادر طبية في غزة: تسلم جثامين 15 فلسطينيا تم الإفراج عنها من قبل إسرائيل ليرتفع العدد الإجمالي إلى 135    اليونيسف: الوضع الإنساني في غزة كارثي.. والسكان يواجهون نقصًا حادًا بالغذاء    مقتل شخصين في هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية على جزء من منطقة خيرسون خاضع لسيطرة روسيا    بث مباشر شاهد مبارة تشيلسي ضد نوتينجهام فورست في الدوري الإنجليزي    تردد قنوات ثمانية الجديدة 2025 على نايل سات وعرب سات لنقل البطولات السعودية حتى 2031    تحرير 272 مخالفة تموينية وضبط سلع مدعمة قبل بيعها في السوق السوداء    طقس اليوم خريفي معتدل على مدن مطروح    مصرع شاب في حادث تصادم بين دراجة نارية وسيارة ملاكي بطريق بنها كفر شكر    ثلاث حفلات كبرى وندوات علمية في ثالث أيام مهرجان الموسيقى العربية    دينا الشربيني وأسر ياسين بأول ظهور بمهرجان الجونة قبل تعاونهما في رمضان 2026    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    الثقافة: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني من أعظم المعجزات الفلكية في التاريخ    هيئة الدواء تسحب تشغيلة من قطرات أنف مستخدمة في علاج البرد والإنفلونزا    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين موسكو وواشنطن بدأ قبل 6 أشهر    ضبط محطة وقود لتصرفها في 13 ألف لتر سولار.. وتحرير محاضر لتعطيل أجهزة ATG بالبحيرة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 14 آخرين إثر اصطدام سيارتين على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    بكين وواشنطن توافقان على عقد محادثات تجارية جديدة    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    «قناة السويس» تتابع جودة الخدمات الغذائية المقدمة لطلاب المدينة الجامعية    محمد مصطفى كمال يكتب: من أين جاء كل هذا العنف بين أطفالنا؟    المحكمة الجنائية الدولية تؤيد مجددا مذكرات توقيف نتنياهو وجالانت    المستشفيات التعليمية تتوسع في خدمات كهرباء القلب إلى بنها ودمنهور لتخفيف العبء عن المرضى    «الصحة» تواصل برنامج «درّب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بالمنشآت الصحية    فيديو.. منى الشاذلي تمازح حمزة نمرة: أنت جاي تتنمر عليا    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    أسعار زيت الطعام بعد إضافة عبوة جديدة على بطاقات التموين.. اعرف التفاصيل    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    رئيس صريبا: قمة بوتين وترامب في المجر أهم قمة في القرن 21    ترامب يدعو أوكرانيا وروسيا إلى وقف الحرب فورا    طريقة عمل البطاطا الحلوة بالبشاميل، تحلية مغذية ولذيذة    وزير الري: مواصلة إدارة الموقف المائي بصورة ديناميكية وفقا للرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية    أسعار البيض اليوم السبت 18 أكتوبر    لا ترهق نفسك بالتفاصيل غير الضرورية.. خظ برج الجدي اليوم 18 أكتوبر    الأهلى يضع «عبدالمنعم» ضمن المرشحين لدعم الدفاع فى يناير    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة الاتفاق في الدوري السعودي    تشييع جثمان تلميذ الإسماعيلية ضحية زميله اليوم من مسجد المطافي    تشكيل بايرن ميونخ ودورتموند المتوقع في كلاسيكو ألمانيا    تعرف على سعر حديد التسليح اليوم السبت    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-10-2025 في محافظة قنا    اليوم.. الحكم على 37 متهما بقضية "خلية التجمع"    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي في مستهل مشواره بالكونفدرالية الأفريقية    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    القطط فى مصر القديمة.. الرفاق الذين أصبحوا آلهة    ملوك الدولة الحديثة ذروة المجد الفرعونى    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السكون يتحدث
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 01 - 2015

النسيم منعش هذا الصباح. نوارس تتشمس على ضفاف القصباء. شجر يزهر بالبرتقالى والأصفر والبنفسجى. خرير المياه من برك الحدائق اليابانية الصغيرة يتدفق بلطف على الصخور البيضاء المكورة الملساء. كانت السماء قد اتشحت بشال ألوانها فجرا وتبدت الشمس بدفء رقيق يحمل العافية معه. ثم أن السحب تأتى وتذهب. هناك سكون يحمل السلام بين تلك الأصوات.
كل شىء يولد من السكون: الفجر من سكون الليل, الطفل من رحم الأم, الكون من أمر كن فيكون, وكل شىء ينتهى فى أو على السكون: الحياة بصرختها, الحزن والغضب فى أوجه والحب بكل أشكال وهجه.
السكون-السكينة.
يكتب إيكهارت تول الألمانى كتابه السكون يتحدث, وقد اشتهر بكتابيه السابقين قوة الآن, والأرض الجديدة. إيكهارت تول باحث فى الحكمة ومتأمل حديث خارج المؤسسات الدينية والروحية. يمتلك منهجا فى التفكير والتأمل الروحى الذى يسعى للصفاء الروحى للإنسان ويضرب بجذوره فى البوذية والصوفية وفلسفة التاو والزن.
السكون يتحدث كتاب لا تقرأه مرة واحدة بل على دفعات. ذلك أنه كتاب وكلمات وحال للتأمل. يهدف لا إلى تعليم القارئ بل إلى إزاحة ذلك الذى يفصل بينك وبين الحقيقة التى تعرفها فى أعماقك. إنه كتاب للاستجلاء وهو يستخدم كلمات من خلال القراءة تصبح أفكارا فى العقل.
يبدأ كتابه بفصل عن الصمت والسكون أى السكينة. يدور حول أن الإنسان عندما يفقد الصلة بسكونه الداخلى يفقد الصلة بذاته. وحين يفقد الصلة بذاته يفقد نفسه فى ضجيج وضوضاء وضياع العالم. انظر إلى شجرة, وردة, نبتة, دع وعيك يرتاح عليها. كم هى ساكنة وعميقة التجذرفى الوجود.إسمح للطبيعة أن تعلمك ماهية السكون.
ما هو أبعد من العقل المفكر هو فصله الثانى . معظم الناس يقضون حيواتهم سجناء لأفكارهم. إنهم لا يستطيعون الإفلات من قبضة الماضى على نحو شخصى وعام ويسردون ذواتهم على أنها قصص حدثت وتحدث ويصدقون ذلك ويتصرفون بناء عليه. الأفكار هى مجرد أفكار وكذلك الهواجس والقصص التى نسجن ذواتنا فيها. التعصب والتحيز اللذان يؤديان إلى الكراهية والعنف والحرب هى مجرد أفكار معظمها من الماضى ومعظمها قصص سردت وصدقتها النفوس وعاشت فيها ونسيت لحظة الآن وذلك الفيض من الحكمة الذى يأتى من التوحد مع اللحظة والتأمل وإفراغ الرأس من سيل الكلمات والتسليم بأن الماضى والمستقبل هما أفكار والحقيقة واحدة هى الحاضر-الآن. إن اليقظة الروحانية هى اليقظة من حلم الأفكار. لا شىء يأتى ويذهب هو أنت.أنت المعرفة ولست الحالة التى قد عرفت. إن قوة وذكاء وخلق أعظم منك, وهو أيضا واحد معك, هو الذى يتبدى لك فى السكون والسكينة.
ثم ينتقل إلى توصيف الذات المتضخمة والمتورمة. أنا وقصتى, تلك الأنا التى تحب وتكره, تخاف وترغب, الأنا التى لا ترضى ولا تشبع أبدا. تلك النا تختلف عن الرائى بداخل الإنسان الذى يتجاوزها ويراقب من منطقة السكون. الأنا الأعمق التى تتجاوز الماضى والمستقبل والرغبة والخوف. ما الذى يبقى منا,خط صغير فاصل بين تاريخين: تاريخ الولادة والوفاة.
الآن هو الموضوع.
إن تقسيم الحياة إلى ماضى وحاضر ومستقبل هو حالة ذهنية مصطنعة ووهمية. الماضى والمستقبل مجرد أشكال فكرية, مفاهيم ذهنية, والماضى يمكن تذكره عبر الحاضر فقط. والشىء الحقيقى الوحيد هو الحاضر, الآن. أنا لست الأفكار, بل أنا الحياة كما هى ولحظات السكون بين الأنفاس.
أن تجد نفسك هو أن تجد كامل الحياة بداخلك ولا شىء غير هذا يهم.
كل ما هو عابر لا يهم.
أنت ذلك الوعى الذى يتجاوز الكينونة المتصل بما هو أكبر منه بكثير. ومع ذلك يأتى التسليم بما يحدث ويصبح الإنسان هو السلام الحى. القبول والتسليم أهم سلوك للنفس فى هذه الحياة. دع الحياة لشأنها, دعها تكون.
الطبيعة تعلمنا الطريق إلى البيت. الأشجار والكائنات الأخرى. كلها فى إتساق مع نفسها ومع الكون وخطة الحياة القائمة. تنمو فى السكون وتمنحنا الحياة فى حياتها. نحن لسنا منفصلين عن الطبيعة, بل نحن الطبيعة أيضا, وكل فصل هو مصطنع وقسرى وضار بحياة الإنسان وافكاره.
إن المعاكس لمعنى الموت هو الولادة. الحياة لا معاكس لها. الحياة أبدية. الوجود الإنسانى يشبه الحياة فى حلم. وحين ترى وتقبل الطبيعة العابرة لكل أشكال الحياة يتسلل إليك إحساس غريب بالسلام الذى يقيم فيك.
إيكهارت تول يقدم شرحا للسكون والتسليم واتحاد الذات بالكون وتجاوز العابر إلى الأبدى والمعنى الحقيقى للحياة خارج إطار سرد الماضى وعذابات الرغبات والمخاوف. يكتب حكمة هى أقرب للصوفية والتسليم بأمر الخالق.
حسنا, جاءت لحظة الغروب وتلونت السماء من جديد وهبط الليل بسكونه وهدوءه والحياة التى تعيش فى ذلك السكون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.