فى الوقت الذى نشرت فيه السلطات السويسرية أكثر من 3 آلاف جندى لتأمين المنتدى الاقتصادى العالمى فى منتجع دافوس، سيطرت المخاوف من شبح الإرهاب الذى يهدد أوروبا والعالم على اجتماعات القادة المشاركين فى المنتدى الدولي. كما تطرقت المباحثات إلى التوتر فى أوكرانيا، والشكوك التى تلقى بثقلها على الاقتصاد العالمى المتباطئ، والمخاوف المثارة حول تداعيات انهيار أسعار البترول العالمية.وقد انطلقت اجتماعات القادة فى دافوس وسط إجراءات أمنية قصوى، حيث تم نشر قوات من الجيش لتأمين نحو 2500 مشارك. ونقلت وكالة بلومبيرج للأنباء عن متحدث باسم الأمن السويسرى إشارته إلى أنه منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة، فقد حرص الأمن السويسرى على إعداد سيناريوهات لمواجهة أسوأ هجمات إرهابية محتملة. وتزامن انعقاد المنتدى الدولى مع تأكيد استطلاع للرأى العام الدولي- نشرت نتائجه وكالة أسوشيتد برس للأنباء- عن تراجع ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة إلى معدلات عام 2009، وذلك بعد عام من حوادث الطائرات والصراعات والهجمات الإرهابية. إلا أن الاستطلاع كشف عن ثقة البريطانيين غير المحدودة فى أجهزة الأمن المحلية، مقارنة بتراجع حاد فى ثقة الأمريكيين فى الإف بى آى والسى آى إيه. ويأتى افتتاح المنتدى بعد أيام من الاعتداءات الإرهابية فى فرنسا وحملات الاعتقالات التى نفذتها وحدات مكافحة الإرهاب فى مختلف أنحاء أوروبا، وهو ما دفع كلاوس شواب مؤسس ومدير المنتدى للتأكيد فى كلمته عند افتتاح النقاشات : «نحن هنا من أجل إظهار تعاطفنا، إن عنوان هذا اللقاء سيكون المشاركة والاهتمام». كما يأتى عقد المنتدى فى ظل مخاوف كثيرة تحيط بمستقبل منطقة اليورو، لا سيما بسبب الانتخابات اليونانية المرتقبة الأحد المقبل، والتى يمكن أن تشهد فوز حزب «سيريزا» المناهض لسياسات التقشف. كما يمكن أن يعلن البنك المركزى الأوروبى اليوم عن برنامج لإعادة شراء أسهم لدعم الاقتصاد فى منطقة اليورو، وهو ما سيكون أيضا على مائدة المناقشات. وشارك فى إلقاء كلمات أمام المنتدى أمس عدد من قادة الدول، وكان من بينهم رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزي، ورئيس الوزراء الصينى لى كيه تشيانج، كما حضر الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند، وكذلك محافظو البنوك المركزية ورؤساء أكبر المجموعات التجارية فى العالم. وبحسب استطلاع للرأى نشرت نتائجه قبل المنتدى، فإن كبرى المنظمات العالمية مثل صندوق النقد الدولى ورؤساء الشركات هم الأقل تفاؤلا من السابق بخصوص الوضع الاقتصادى لعام 2015. وفى الوقت نفسه، من المتوقع أن تتمحور مناقشات قضية الطاقة أمام المنتدى حول انهيار أسعار البترول، والمشكلات التى سببها للدول المنتجة، برغم أن «الأثر كان إيجابيا بشكل طفيف على الاقتصاد العالمي»، بحسب ما قال ناريمان باهرافش الخبير الاقتصادى فى مؤسسة «آى إتش إس» فى تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية. وأضاف الخبير نفسه أن موضوعى «الإرهاب والجيوسياسة سيطغيان على لقاء هذه السنة، والاثنان يشكلان تهديدات جدية للاستقرار السياسى فى أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وتابع «هذه السنة، ستسعى الوفود للحصول على تطمينات حيال موضوعين : أولهما أن الحكومات الوطنية ستتخذ التحركات اللازمة للحد من مخاطر الإرهاب، وثانيهما التأكد من أن جهودا كافية تبذل للحفاظ على نمو الاقتصاد العالمي». ومن جانبه، حذر أركادى دفوركوفيتش نائب رئيس الوزراء الروسى مما وصفه بتراجع طبيعى فى إنتاج البترول الروسي. وأشار خلال مشاركته فى المنتدى إلى أن الانخفاض قد يصل إلى مليون برميل يوميا بحد أقصى، إلا أنه لا توجد أى خطط لخفض الإنتاج رسميا بالتنسيق مع منظمة أوبك. كما أوضح أن مشكلة تراجع أسعار البترول لن تؤدى إلى خفض فى النفقات العسكرية الروسية. وإن كان قد توقع أن تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة. وأكد أنه فى حالة استقرار أسعار البترول عند حاجز ال50 دولارا للبرميل فإن هذا سينعكس سلبا على الكثير من المشاريع ، وربما يكون هناك خفض محدود فى الإنتاج ولكن ليس بشكل متعمد. وألقت الأزمة الأوكرانية بظلالها على الاجتماعات، بعد أن اضطر الرئيس الأوكرانى بيترو بوروشينكو أمس إلى اختصار زيارته لدافوس والعودة إلى بلاده، لمتابعة الوضع الأمنى المتدهور فى شرق البلاد، فى ظل التقدم الأخير الذى أحرزه الانفصاليون الموالون لروسيا. وقال فياتسلاف سيجولكو المتحدث باسم بوروشينكو على صفحته على الفيسبوك إن رئيس الأركان ووزير الدفاع الأوكرانيين قدما تقريرا مساء أمس الأول - الثلاثاء - للرئيس «حول الوضع بالقرب من مطار دونيتسك» ، وأنه «بسبب تأزم الوضع، فإن الرئيس قرر اختصار زيارته لسويسرا والعودة إلى أوكرانيا».