رحلة الحياة تتمتع بزخم مستمر من المفاجآت والمفارقات بين حزن وفرح.. ونقترب أكثر من قطاع صغير من الرحلة وهى العلاقات الزوجية، والقليل جدا من الرجال أو النساء تمضى معهما الحياة بقدر من الهدوء والسعادة لدرجة أن بعض السيدات السعيدات فى حياتهن من خوفهن يدعون كذبا فى مجال عملهن أو عائلتهن أنهن ضقن من المعيشة ومتاعب الحياة الزوجية (خوفا من الحسد)، لأن أقل قليلا من نصف الزيجات لا تستمر العلاقة لأكثر من سنة واحدة فى الزواج (47%)، ويصبح الطلاق هو الحل، وأصبح يحمل عدة صفات مابين طلاق «تقليدى» على يد مأذون أو «بالخلع».. والبعض «بهروب» الزوج من شريكة حياته (18 ألف زوج) أو المفارقة بالمعروف. هذه مقدمة لقضيتنا، عندما يتزوج الابن أو الابنة، وتدفع الأسرة دم قلبها، ولكن كل هذا يهون أمام السعادة التى تعكسها فرحة الابن أو الابنة.. وتكون الأم حققت أغالى أمنياتها بزواج إبنها الوحيد من بنت الحلال.. وعندما تعلم أن زوجته حامل يتملك الأم والأب فرح طاغ، ومرت الشهور التسع.. ووضعت المولود، وزفت المستشفى الى الجدة الملهوفة خبر سلامة المولود والأم.. ويصل الجد والجدة للحفيد من أمه من إحدى الدول العربية، وذهبا على التو إلى المستشفى لرؤية حفيد. تمر الأيام وتتعلق الجدة بحفيدها. وبدون مقدمات، طلق الابن زوجته، وكانا على خلاف جذرى لم يشعر به الأب أو الأم،.. وتم الطلاق (19% من الطلاق يحدث بعد السنة السابعة من الزواج، 15% بعد السنة العاشرة)، وذهبت الابنة الى حماتها لتأخذ الحفيد وقد تركته حتى لا يشاهد واقعة الطلاق وترحل لتسكن بشقة الأسرة، وفى نفس الوقت يجهز الإبن حقيبة ملابسه للسفر الى إحدى الدول العربية بتكليف من العمل، كان المشهد حزينا.. باكيا.. سافر الابن وغاب الحفيد.. ولم يتحمل الجد الموقف وغادر الدنيا، وبقيت الجدة وحيدة حتى أصابتها الأمراض، ولجأت الى «بيت للمسنين».
ونقترب من قصة أخرى، مستشار رئيس محكمة وزوجته أستاذ الأدب الانجليزى، رزقا بإبن وحيد، ونهج نفس طريق والده قاضيا، وتزوج الابن وانجب بنتا، وكانت الفرحة لا تسع العائلة، وفجأة يصاب الابن فى حادث ويتوفى وترحل الزوجة وكريمتها، بعد أن ورثت نصيب زوجها المتوفى، وتركت الحسرة فى قلوب الأجداد، وبعد قضايا فى المحاكم، يحكم للجد والجدة «بالرؤية» فى أحد أندية المهندسين ولكن الزوجة تحذر كريمتها من الإقتراب من الأجداد أو الدخول فى احضانهما أو تقبيلهما، الرؤية تكون من بعيد، ويعود الجد والجدة الى المنزل بملابس الحداد السوداء على الابن.. ودموع الفراق لا تفارقهما.. ودموع ساخنة صامتة من غدر الزوجة وبراءة الحفيدة وسماع تنبيهات الأم وتحذيراتها قبل «مأساة الرؤية». عشرات المآسى نتيجة طلاق الابن أو الابنة..
يقول خبراء الطب النفسى إن عواقب هذا الانقطاع «القسرى» مريرة للعلاقة التى ارتبطت بين الجدة والحفيد، لقد خسرت الجدة التمتع بحب الحفيد أو الحفيدة وخسر الحفيد دلع الجدة وحضنها ومداعباتها وحكاياتها.. وبالضرورة هذه السحب التى خيمت على الأسرة خلقت مشاكل متكررة بين الجدة والجد يراجعان العلاقة مع زوجة الإبن، أو زوج الابنة،. ويتضاعف الألم إذا ما فكر الأزواج المطلقون فى زواج جديد ويفكر الإبن فى الإنجاب من الزوجة الجديدة، أو الابنة عندما تكون حاملا من زواج جديد.. وقد تمر الأيام وتطلب الأم أولادها من الجدود، ليعيشوا فى كنفها مع أشقائه الجدد.. هنا ظهر أجدان آخران لأحفادهما.. قد يكونا آمرين للحفيد.. وليسا مساندين له.. يبقى السؤال.. هل القانون يلزم الأطراف الأخرى (زوجة الإبن.. وزوج الإبنة) النظر فى حقوق الأجداد للرؤية أو الزيارة.. ويتوارى الأجداد بعيدا عن المشهد.. ويتابعون من بعيد مستقبل الحفيدة أو الحفيد.. أطباء النفس يحذرون من عذاب الجدود وحرمان الأحفاد والذى يدفع الثمن كلاهما ولكن ضريبة الطلاق أفدح لدى الأجداد.. لأنه طلاق للأبناء وفراق للأحفاد.
أطباء النفس لديهم خمس نصائح هى: لابد وأن تقنع الحفيد بأن هذه الزيارة يتمناها وانها جانب ثمين من الوقت. المشاركة فى حضور المناسبات مثل عيد الميلاد، نجاحه فى المدرسة، تخرجه، الأعياد الأخرى الدينية، وغيرها.. التواصل معهم على وسائط الاتصال الاليكترونى. تبادل الرسائل وبطاقات الأعياد فى المناسبات. وضع الأحفاد فى الصورة بالنسبة لأحداث العائلة أفراحها وأطراحها.