هذه أول مرة يستهل فيها رئيس مصري بداية تحمله المسئولية بشد الرحال إلي دار القضاء العالي لكي يقول للدنيا كلها أنه ليس في مصر مقام أرفع من مقام قضاة مصر الذين تفخر بهم الأمة باعتبارهم حماة العدالة وحملة الميزان في دولة القانون التي لا سلطة فيها تعلو سلطة القضاء وأحكام القضاة الذين يمثلون الضمير الحي ولا ينطقون بغير الحق ولا تشوب أحكامهم شائبة ميل أو هوي! لقد اراد السيسي أن يرد الاعتبار لهذا المقام الرفيع الذي تعرض في عام حكم الجماعة إلي كل أشكال الحصار والضغوط والتهديد والترويع ومع ذلك صمد قضاة مصر أمام العاصفة وأثبتوا أنهم ليسوا فقط حراسا للعدل وإنما هم جنود أشداء عند الضرورة دفاعا عن الوطن والدولة رفضا للطغيان وابتغاء المصلحة العامة تحت رايات خفاقة لتأكيد سيادة القانون باعتباره الأساس الوحيد لمشروعية كافة السلطات... وكل دروس التاريخ تشهد بأن القضاء المصري كان في كل العصور هو السد المنيع أمام أي طغيان تنزلق إليه السلطتان التنفيذية والتشريعية بمحاولة إعطاء القانون إجازة. زيارة السيسي لدار القضاء العالي لم تكن زيارة شخص أو منصب وإنما كانت نيابة عن شعب مصر الذي لا يشعر بالأمن والأمان إلا في محراب العدالة الذي يتساوي فيه جميع المواطنين في الحقوق والواجبات إعمالا للنصوص الدستورية التي توفر للناس كافة الشعور بالعدل وهو ما يزيد من قوة ورسوخ الاحترام المتوارث في الثقافة المصرية لهيبة العدالة ومقامها الرفيع. إن الزيارة الرئاسية للمقام الرفيع تأكيد جديد لثقة المصريين في أن استقلال القضاء ليس ميزة للسادة القضاة وإنما هي تعزيز لثقة الشعب في سلطة منوط بها تحقيق العدل والانتصار للحق لأنه لا سلطان عليهم لغير القانون بنص الدستور والقانون الذي يحميهم من الترغيب أو الترهيب من جانب أحد مهما علا شأنه! خير الكلام: ويا وطني لقيتك بعد يأس.. كأني قد لقيت بك الشبابا ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله