تصدر التشريعات انعكاسا لرغبة المجتمع في التصدي لما يعانية من مشكلات وعلاج الظواهر الاجتماعية التي يعاني منها من خلال قواعد وآليات منظمة لتلك المهمة. وتتوقف درجة نجاحها في الدور الحيوي علي مدي تفاعل البرلمانات مع متطلبات المواطن وادراكها لاحتياجاته حتي تكون فاعلة في تحقيق الاهداف المر جوة منها. اذ لا يتوقف نجاحها عند مجرد استيفاء القواعد الاجرائية او الحصول علي الاغلبية اللازمة لاصدارها او مراعاة القواعد التي تحول بينها وبين الطعن عليها مستقبلا بعدم الدستورية ويضعها تحت سيف البطلان. فينبغي ان تراعي في المقام الاول توافق الرأي العام عليها والقبول الشعبي لها من خلال الشراكة الشعبية عن طريق استطلاعات الرأي, سواء علي المستوي العام او النقابي بالقدر الذي يضمن التوازن بين جميع مصالح المجتمع دون الافتاءات علي اي منها دون ان يعد ذلك سلبا لسلطة البرلمان التشريعية او ازدواجا في الاختصاص بل هي محاولة لارساء مبدا التكاملية بين الشعب ونوابه متي كان الهدف منها هو الارتقاء الي صياغة تشريعية قادرة علي تلبية طموحات المواطن عقب ثورة 25 يناير الامر الذي يرتبط جذريا بالتخلي عن ظاهرة سلق القوانين ومنح البرلمان الوقت الكافي لإجراء الابحاث ولاستطلاعات اللازمة, فالعبرة ليست بزيادة عدد التشريعات او سرعة اصدارها انما بقناعة المواطن بها وقدرتها علي التصدي بفاعليه لقضاياه واحداث التغيير المطلوب منها في الشارع المصري. ان تدعيم البناء الديمقراطي في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد يقتضي وضع القضايا الجوهرية التوافقية علي صدر أولويات الأجندة التشريعية والابتعاد مؤقتا عن القضايا الجوهرية التوافقية علي صدر أولويات الأجندة التشريعية والابتعاد مؤقتا عن القضايا الفرعية الخلافية التي من شأنها تشرذم القوي السياسية وتغذية بذور الانشقاق بين اطياف المجمتمع وفي وقت يلزم معه ترتيب أوضاع البيت من الداخل, والتوافق علي ما هية اولويات المرحلة التي تحتاج الي التدخل التشريعي بدلا من الانسياق خلف المصالح الخاصة وتنفيذ الايدولوجيات المذهبية. ولئن كان القاسم المشترك بين غالبية اعضاء البرلمان هو حداثة عهدهم بذلك الدور التشريعي في بناء مصر الحديثة. الأمر الذي يلقي عليهم عبء صياغة خطاب موضوعي يستند علي اسس علمية وقانونية حتي تكون مناقشاتهم جادة تعبر عن ادراك لحاجات المجتمع ووعي لكيفية التصدي لها, وهو ما تجسد جليا في معالجة احداث التعدي المستمر ة علي مقر وزارة الدخلية وما تبعها من محاولات اقتحام بعض أقسام الشرطة بدعوي التظاهر السلمي, وهو ما يؤدي بدوره الي انتشار الفوضي وهدم سلطة الدولة في وقت يطالب فيه الجميع باعلاء سيادة القانون والحفاظ علي مؤسسات الدولة وهيبتها دونما إخلال بممارسة حق التظاهر السلمي واحترام حقوق الانسان. فالعمل الثوري يدور وجودا وعدما مع تحقيق مصلحة الوطن فان انتفت تلك الغاية نكون بصدد مؤامرة تستهدف كيانه وأمنه القومي, وهو ما ينبغي معه اصدار التشريع اللازم لتحقيق تلك المعادلة الصعبة والتصدي لجوهر تلك المشكلة بدلا من استهلاك الوقت في تشكيل اللجان او التفرغ لإلقاء الخطب النارية وتصفية الحسابات الخاصة وتوجيه سهام الاتهام القاتلة لوزير ورث تركة محملة بأثقال النظام السابق يسعي جاهدا لتعزيز التواجد الامني وتغيير الثقافه الشرطيه. فالمواطن المصري يستشعر حقائق الامور ولاتنطلي عليه العبارات الرنانة الجوفاء, فالطريق الوحيد لنيل ثقته هو احترام عقليته وترجمة الاقوال الي افعال علي ارض الواقع بما يسهم في نهضة البلاد والارتقاء بها قدما عبر منظومة تشريعية تراعي التوازن بين قيم المجتمع ومصالحه واعتبارات الحداثة والتطوير.