شغل تنظيم الدولة الاسلامية فى بلاد العراق والشام "داعش" مساحات واسعة من السياسة الدولية والرأى العام العربى والعالمى , نظرا لطبيعة هذا التنظيم والغموض الذى يكتنف ظهوره خاصة فى ضوء استقطاب اعداد من جنسيات أجنبية مختلفة لهذا التنظيم , ومشاهد الذبح الوحشية البربرية التى اقترنت به . سمعنا عن الكثيرين من الأجانب الذين جندهم التنظيم فى صفوفه , وكنا نتعجب من تلك الظاهرة ونحاول دراسة الأسباب التى حدت بهؤلاء الى ترك ديارهم وأهلهم وأصدقائهم , والهروب إلى المجهول بدافع القتال فى صفوف "داعش" !! أى مبررات تلك التى تجعل شباب وفتيات من ثقافات وبيئات مختلفة تنصهر فى بوتقة تظيم دموى فاشيستى يتخفى تحت عباءة الدين الاسلامى الحنيف . صحيفة "الجارديان" البريطانية كانت قد نشرت تقريرا يظهر قلق الدول الغربية من مغادرة مئات النساء والفتيات بيوتهن فى الدول الغربية للانضمام إلى المسلحين التكفيريين فى الشرق الأوسط , وحسب التقرير فإن هناك فتيات لاتتجاوز أعمارهن 14 , 15 عام يسافرون إلى سوريا للزواج من المسلحين الداعشيين والانضمام إلى مجتمعاتهم , ولفرنسا العدد الأكبر من المجندات إذ يبلغ عدد النساء الفرنسيات 25% من مجموع النساء الغربيات اللاتى انضممن إلى المتطرفين , كما تعانى المانيا من نفس القلق إذا ما عرفنا أن اعدادا كبيرة من الفتيات قد هربن من أسرهن وسافرن إلى سورياوالعراق عبر تركيا للجهاد , وبالذات "جهاد النكاح" , واخترق التنظيم أيضا مواطنى أمريكا العدو الأول لداعش وقام بتجنيد الفتيات فى موطنهن متحديا , بعيدا عن عين القانون والمباحث الفيدرالية التى اعتبرت طبيعة تجنيد هذا التنظيم المخبول تتمثل فى طريقة استخدام عنصر المفاجأة ! . لكن مع تفشى ظاهرة المنضمين ل"داعش" فقد برز نقيضها , فهناك من الأجانب الذين سموا أنفسهم "فعلة الخير" يناهضون التنظيم ويناصبونه العداء , فمن هم "فعلة الخير" الذين يقاتلون ضد تنظيم "داعش" ولماذا ؟ يصر كثير من هؤلاء المقاتلين ضد "داعش" على أن دوافعهم إنسانية , لكنهم يقولون أيضا أن بعضهم سيختلف فى تفسير قراره حمل السلاح للقتال من أجل الشعب السورى تحديدا ! وقد انضم حتى الآن عدد يقدر ببضع عشرات من الغربيين الذين يقاتلون الدولة الاسلامية فى شمال سوريا وبينهم امريكيون وكنديون والمان وبريطانيون , وانضم هؤلاء للقتال ضد داعش بحسب أقوالهم , تعاطفا مع مقاطع الفيديو المروعة التى ظهرت فيها مشاهد قتل الصحفيين الامريكيين والبريطانيين , ومشاهد الابادة والتطهير العرقى التى مارسها التنظيم بحق الطائفة الايزيدية فى العراق , بالاضافة إلى محنة ملايين السوريين الذين حاصرهم القتال بين تنظيم داعش والحكومة السورية , وكان ذهابهم من منطلق مساعدة الابرياء فى سورياوالعراق وتوثيق جرائم داعش , لكن يؤكد خبراء بان من الصعب تقدير عددهم الاجمالى , فهذا الرقم لا يقارن بأى شكل من الاشكال بعدد المقاتلين الذين انضموا إلى صفوف داعش منذ عام 2012 , ويقدر بنحو 16 الف من اجمالى 90 دولة وفق أرقام وزارة الخارجية الامريكية , وشهادة الاممالمتحدة التى تحدثت عن تجنيد الاجانب من الجماعات المتطرفة على نطاق غير مسبوق وإن هؤلاء يؤمنون بالجهاد وقد يشكلون خطرا لسنوات مقبلة . الكثير من "فعلة الخير" يملكون خبرة عسكرية وجاءت مشاركتهم فى القتال عن طريق اتصالات عبر "الفيس بوك" , ورغبتهم فى محاربة تنظيم "داعش" من منطلق فعل الخير , غير أن فاعليتهم ربما تكون محدودة على المستوى العسكرى مقارنة بمقاتلى داعش التى تعمل بشكل أكثر تنظيما , ومع ذلك هناك العيد ممن أبدوا رغبتهم فى التطوع لمشاركتهم القتال ضد "داعش" . ورغم أن تنظيم "داعش" يتمتع بقوة المال والسلاح والعدد , إلا أنه خسر الكثير من رصيده فى معركة الفوز بقلوب وعقول المسلمين , فلا يعقل أن يتعاطف عاقل مع تنظيم دموى يدعى البطولة والجهاد فى سبيل الله , وهو يذبح ليل نهار مدنيين عزل لا حول لهم ولا قوة سواء كانوا مسلمين أو مسيحين دون أن تأخذه بهم رحمة , ومهما طال الزمن أو قصر فمصيرهذا التنظيم إلى زوال فى مزبلة التاريخ كما حدث مع التتار والهكسوس فى العصور الغابرة . لمزيد من مقالات جيهان فوزى