ربما تجيء التحية متأخرة بعض الشيء, لكنها واجبة علي أي حال.. فالهيئة المصرية العامة للكتاب قد أحسنت صنعا حينما أصدرت الأعمال الكاملة للفنان الشامل البديع صلاح جاهين. والتي جاءت تحت عنوان( حلاوة زمان) بريشة الفنان الرائع حلمي التوني, وهي الطبعة الشرعية الكاملة والموثقة التي تضم كل أعمال الشاعر الكبير, وهي أيضا كما يقول الشاعر والزميل العزيز بهاء جاهين, الطبعة الوحيدة الموجودة في السوق حاليا بشكل شرعي والتي خضعت لمراجعة دقيقة والوحيدة التي يمكن تسميتها ب(الأعمال الكاملة) تقع الأعمال في سبعة مجلدات تمثل كل ما كتبه صلاح جاهين و أكثر من70% منها لم يسبق نشره علي حد كلمات بهاء جاهين في المقدمة. يضم المجلد الأول الدواوين الشعرية( كلمة سلام موال عشان القنال عن القمر والطين الرباعيات قصاقيص ورق أنغام سبتمبرية), أما المجلد الثاني فيضم في صفحاته الفوازير التي كتبها جاهين سواء كانت في الإذاعة أو التليفزيون, والمجلد الثالث( مسلسل هو وهي) والرابع يحوي منوعات غنائية مثل الأغاني القديمة وأغاني الأفلام, أما المجلد الخامس فبه الأعمال المسرحية الكاملة التي كتبها جاهين فضلا عن أشعار المسرحيات والترجمات, المجلد السادس: مسرح العرائس وأخيرا المجلد السابع: المقالات الساخرة. وصلاح جاهين ظاهرة إبداعية لا مثيل لها في الحقيقة, ليس فقط لأنه فنان شامل متنوع( شاعر وكاتب مسرحي وكاتب سيناريو وممثل, وقبل هذا وذاك فنان كاريكاتير من الطراز الأول) ولكن أيضا لأنه فنان مصري بديع صاحب موهبة متفجرة, تترك بصماتها المؤثرة أينما كانت.. وتخلف وراءها هذا الرحيق الخاص أينما حلت.. غنينا مع عبد الحليم حافظ وسعاد حسني كلماته العذبة البديعة.. وانتظرنا كل يوم في( مربع) الأهرام الشهير رسوماته الكاريكاتيرية اللماحة التي تحمل معها نقدا سياسيا واجتماعيا لاذعا وساخرا أبلغ من أي مقال يمكن أن يكتبه الخبراء والمتخصصون. علي يده أحببنا الشعر العامي.. وتعلمنا كيف يمكن لهذه الكلمات اليومية العابرة أن ترقي إلي مصاف الشعر العذب الذي يدخل القلب والنفس مباشرة دون استئذان لفرط سلاسته وبساطته, ولأنه يترجم واقع حياتنا المصرية بكل تفاصيلها وملامحها الخاصة. ومن منا يمكن ان ينسي رائعته( الليلة الكبيرة) هذا العمل الخالد الذي تظل الأجيال تتغني بكلماته وتطرب بأشعاره جيلا وراء جيل. (أنا هنا يا ابن الحلال إن كنتي ست الحسن والجمال صحصح لما ينجح الفيل النونو الغلباوي), وثمرة تعاون مع قامتين شامختين: صلاح جاهين وسيد مكاوي. (عروستي).( الخاطبة) وفوزاير نيللي التي طالما أمتعتنا في شهر رمضان.. (هو وهي), هذا المسلسل الشهير الناجح الذي حفظنا كلماته علي ظهر قلب. شاعر الثورة الذي صدحت كلماته عاليا في السماء تبارك ثورة يوليو المجيدة.. شاعر الشعب الذي صارت حروفه وعباراته علي شفاهنا نرددها في كل مكان وكل زمان..( حلاوة زمان).. حلاوة الأمس واليوم.. حلاوة يقدمها جاهين للأجيال القديمة والجديدة التي سوف تسعد بالتأكيد بصحبة هذا الفنان البديع.. تحية للهيئة العامة للكتاب التي تصدت لهذا الانجاز الكبير وفي انتظار المزيد, فمصر تزخر بالمبدعين والأدباء الذين يستحقون حقا أن نعيد طبع أعمالهم في مجموعات كاملة..