أول أمس الأحد 4 يناير يعتبر عيدا لكل المكفوفين فى العالم، فهو اليوم الذى اخترعت فيه طريقة «برايل» التى تعلمهم القراءة والكتاب، بعد أن كانت الطريقة الوحيدة فى التعليم بالنسبة لهم هى السماع فقط، وسبب اختيار هذا اليوم أنه ذكرى ميلاد الفرنسى «لويس برايل» مخترع هذه الطريقة التى تعتمد على استخدام حاسة اللمس. فى البداية يقول محمد أبو طالب «كفيف»ومدرب كمبيوتر: على الرغم من أن طريقة برايل كانت موجودة فى العالم فى أواخر القرن ال 19، لكنها لم تدخل مصر إلا فى أواخر الستينيات من القرن الماضي، وقد تم عقد عدة مؤتمرات عالمية للاتفاق على أشكال الحروف ذات مخارج الصوت أو النطق الواحد، فيلاحظ أن حروف ( ا ب ت ج ك ل م ن ه و a b t j k l m n الخ) لهم نفس الشكل تماما حتى مع اختلاف اللغة الأجنبية من إنجليزى فرنساوى ألمانى وغيرها، والأرقام كلها نفس الشكل فى جميع لغات العالم دون اختلاف، وطريقة برايل الفرنسية عبارة عن مستطيل به ست نقاط وتشكل الستة نقاط 256 شكلا هى المكونة للحروف والأرقام وعلامات الترقيم وعلامات العمليات الحسابية والتشكيل الخ، وتعتبر طريقة برايل هى الطريقة الأكثر شيوعا حول العالم لتعلم المكفوفين أما على صعيد عالمنا العربى مازالت تستخدم طريقة السماع لتعلم الكفيف بشكل واسع جدا حتى بعد تخرج الكفيف من مدرسة النور للمكفوفين يجد أن التعليم الجامعى وما بعده هو تعليم سماعى فقط، إما لأسباب معروفة هى تكلفة الطباعة بطريقة برايل، أو لعدم الاهتمام بفئة المكفوفين فى مراحل التعليم الجامعية على سبيل الإحصاء نسبة المكفوفين المتعلمين بطريقة برايل في مصر تبلغ حوالى 5% من عدد المكفوفين ونسبة المكفوفين المتعلمين عن طريق السماع فى مراحل التعليم الأساسية حوالى 10% من عدد المكفوفين ويبلغ عدد المكفوفين غير المتعلمين أصلا فى مصر حوالى 85% من عددهم، ويرجع هذا لأسباب أهمها قلة الموارد أو عدم اهتمام الأسر بتعليم أبنائهم المكفوفين، وعدم وجود توعية مجتمعية بأهمية التعليم للكفيف، وقلة عدد مدارس النور لهم على مستوى الجمهورية، والتى بدورها هى التى تعلم الكفيف القراءة والكتابة بطريقة برايل حيث لا توجد سوى مدرسة وحيدة فى كل محافظة وبالطبع العاصمة القاهرة هى الاستثناء. أما الدكتور أحمد مصطفى شلبى « كفيف» ومستشار صحة نفسة فيقول: لدينا فى مصر نقص شديد فى عدم الاهتمام بتعليم طريقة برايل للمكفوفين ولا زالت الطريقة السماعية هى المسيطرة فى جميع مراحل التعليم لنا، وهذا يرجع إلى عدم أدراك وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى للدور المهم التى تلعبه طريقة برايل فى التعلم بالنسبة للمكفوفين، ونجد على العكس تماما فى مختلف الدول الأجنبية – التى زرت معظمها – اختفت طريقة التعليم السماعى وحل مكانها طريقة برايل، ولذلك نجد فروقا كثيرة بين مستوى التعليم للكفيف فى مصر وفى غيرها من الدول الأخرى، وأطالب الدولة وجميع أجهزتها المهتمة بالعملية التعليمية بضرورة التوسع فى إدخال طريقة برايل إلى مختلف المراحل التعليمية للمكفوفين. الجدير بالذكر أن لويس برايل – مخترع طريقة برايل - ولد فى 4 يناير عام 1809 بفرنسا، وكان والده يعمل بمجال الجلود مُستخدماً سكينته الحادة وعندما بلغ لويس ثلاثة أعوام ذهب ذات يوم مع والده إلى الورشة لكى يراقب والده وهو يعمل، ومثل آى طفل كان يلعب بالآلات الحادة والتى كانت تستخدم فى تقطيع الجلود وأثناء اللعب انغرست الآلة الحادة فى عنه اليمنى وعندما ذهبوا به إلى المستشفى أخبرهم الطبيب انه لم يرى بعينه وأنه سيفقد عينه اليُسرى بعد أيام وبعد فترة قصيرة فقد لويس برايل بصرة لكى يصبح كفيفا، وفى السادسة من عمره التحق بمعهد لتدريس المكفوفين وتفوق فى الدراسة برغم صعوبة القراءة بطريقة الحروف القائمة أو البارزة كما انه برع فى الموسيقى كعازف للبيانو وبعد تخرجه أصبح معلما بالمعهد، وتعلم لويس برايل طريقة «الشفرة» العسكرية والتى أخترعها الضابط الفرنسى بيير لسكى ليرسل التعليمات العسكرية إلى الجيش الفرنسى وهو فى حربه مع الألمان والتى تتكون من أثنتى عشرة نقطة ولكن لويس طورها إلى ست نقط فقط ليسهل استخدام هذه الطريقة على المكفوفين والتى تعتمد على حاسة اللمس لقراءة لتك النقاط والتى تشبه النقاط الموجودة على الزهر أو حجر «الدومينو» وذلك للتسهيل على الكفيف عملة تعلم القراءة والكتابة بها. توفى لويس برايل فى 6 يناير، 1852 وتم اعتماد طريقة برايل عام 1854 وتم استخدامها فى بريطانيا عام 1869 و فى أمريكا عام 1860، وفى منتصف القرن التاسع عشر دخلة اللغة العربية على يد محمد الأنسى طريقة برايل لكى يستخدمها المكفوفون العرب . والآن تعتبر طريقة برايل هى الطريقة الأولى والتى يستخدمها المكفوفون فى القراءة والكتابة خصوصا بعد ثورة التكنولوجيا التى حدثت فى الآونة الأخيرة سوى فى طباعة الكتب الخاصة بهم أو صنع أجهزة الكترونية تتيح لهم تصفح الإنترنت ومتابعة كل ما هو جديد سوى فى مجال الأخبار أو أى مجال آخر .