الحديث عن تحويل مصر لدولة اقتصادية كبرى دون الاهتمام بالقطاع الصناعى بالقطع ضرب من الخيال والتجارب العالمية سواء فى أوروبا وأمريكا أو دول شرق أسيا تؤكد أن القطاع الصناعى هو القاطرة الحقيقية للإسراع بمعدلات النمو. هذا ما أكده الدكتور جيفرى ساكس الخبير الاقتصادى العالمى فى دراسة أعدها تحت عنوان "نحو معدلات اعلى للنمو الاقتصادى فى مصر" وساكس عمل مستشارا اقتصاديا لحكومات عدة فى أمريكا الجنوبية وشرق أوروبا والذى أكد أن سياسات التصنيع فى الصين وكوريا والهند وهونج كونج وسنغافورة وماليزيا أدت للإسراع بمعدلات النمو وبدأت جميعها بإنشاء مناطق حرة لتصنيع منتجات التصدير ومناطق اقتصادية خاصة لجذب الاستثمار الأجنبى وللبدء فى عملية النمو على أساس التصدير الصناعي . تباطؤ النمو بتحليل بيانات وزارة الصناعة يتضح وجود تباطؤ فى حركة النمو الصناعى وذلك بالمقارنة بين إحصائيات عامى 2012 و 2014 حيث ارتفعت عدد المنشآت من 33046 منشأة إلى 34381 بنسبة زيادة 4 % فى حين لم تزد قيمة الإنتاج إلا بنسبة 0,09 % من 811 مليار جنيه إلى 818 مليارا وارتفع عدد العمالة من 1846431 عاملا إلى 1848679 بنسبة زيادة 0,12 % وتقدر التكلفة الاستثمارية بحوالى 606 مليارات للمنشآت عام 2012 ارتفعت إلى 615 مليارا عام 2014 , وان مصر لديها مميزات نسبية عديدة لجذب الاستثمار منها الموقع وشبكة طرق ومواصلات متنوعة وتوافر المواد الخام ، وان الوزارة لديها خطط إستراتيجية للنهوض بالصناعة منها قيام وزير الصناعة منير فخرى عبد النور فى شهر أغسطس عام 2013 بوضع أولى خطوات المشروع القومى للمجمعات الصناعية المتخصصة للصناعات الصغيرة والمتوسطة وذلك بحصر المجمعات الصناعية والهناجر غير المستغلة بالمحافظات لإدخالها للعمل ، ويهدف المشروع إلى إيجاد بيئة مواتية للاستثمار الصناعى لقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، و إنشاء قاعدة صناعية عريضة للصناعات المغذية للمصانع الكبيرة ويهدف المشروع إلى إنشاء 22 مجمعا صناعيا متخصصا فى 14 محافظة فى مجالات المفروشات والملابس الجاهزة الصناعات المغذية للصناعات المنزلية ولمكونات السيارات وللصناعات الغذائية والرخام ومواد البناء والألومنيوم والأدوات المنزلية والالكترونية والبرمجيات والصناعات الهندسية والبتروكيماويات وقطع غيار وسائل النقل الثقيل ,وان المشروع سيوفر فى مرحلته الأولى حوالى 28 ألف فرصة عمل بتكلفة تقديرية 2 مليار جنيه . كما أعدت وزارة الصناعة خريطة مستقبلية للصناعة من خلال عدة محاور تبنتها للنهوض بالصناعة على رأسها توطين الصناعات الثقيلة على أسس علمية واقتصادية وبيئية لبناء قاعدة بيانات اقتصادية قوية لجذب حولها الصناعات المتوسطة والصغيرة والحرفية طبقا لمقومات الموقع والمواد الخام والثروة الطبيعية والبنية الأساسية اللوجيستية والتوزيع السكانى والمجمعات العمرانية القائمة .وأخيرا مشروع نقل المدابغ إلى منطقة الروبيكي. انطلاقة حقيقية يقول الدكتور محمود سليمان رئيس لجنة الاستثمار باتحاد الصناعات المصرية أن الحديث عن إحداث انطلاقة حقيقية للصناعة الوطنية يتطلب التعامل مع القطاع الخاص على انه شريك وليس متهما بالفساد ، وتوفير الأراضى الصناعية المرفقة التى لا يوجد عليها نزاع وما تعرضه الوزارة فى الغالب أراض غير مرفقة ليس لها جدوى كما أن الأراضى المرفقة تعرض بسعر 750 جنيها للمتر وهى تكلفة مرتفعة جدا بالمقارنة بالدول المجاورة ، وتوفير الطاقة التى تحتاجها المصانع لتعمل بكامل طاقتها ، وبالنسبة للطرق فإن الدولة تولى هذا الملف اهتماما كبيرا وهناك تطور جيد وملموس فيه ، ويجب توفير العمالة المدربة القادرة على الارتقاء بالصناعة فلدينا نقص شديد فى العمالة المدربة وهذا يتطلب إعادة النظر فى منظومة التعليم لتلبية احتياجات السوق والاهتمام بالتعليم الفنى ، والإسراع فى إنشاء مجلس أعلى للتدريب يضم جميع الجهات الخاصة بالتدريب سواء قطاعا عاما أو خاصا على مستوى الجمهورية لتصبح منظومة تعمل بفكر واحد تضع نظما ومعايير علمية صارمة لتراخيص مزاولة التدريب التى ستوكل باستصدارها لمراكز التدريب ويمثل هذا المجلس سلة واحدة لديها احتياجات السوق من العمالة وإستراتيجية محددة لكيفية التعامل مع المنح الدولية التى تقدم للدولة التدريب بدلا من أن تضيع معظمها على الموظفين كما يحدث حاليا. وينبه محمد المرشدى عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ورئيس غرفة صناعة الغزل والنسيج بالاتحاد الى أن التهريب استحوذ على نحو 60 % من السوق وهى حصة كانت للمصانع المحلية وهذا بسبب غياب الرقابة أو استخدام الأنظمة الاستيرادية الحكومية القانونية منها السماح المؤقت والمناطق الحرة أو حتى الاستيراد القطعى وجميعها بها ثغرات كما أن هذه الأنظمة تدخل البضائع المستوردة بدون جمارك أو ضرائب لأنها تدخل بهدف اعادة التصدير وهى فعليا لا يتم تصديرها وتدخل السوق المحلية . وفيما يخص صناعة النسيج التى يعمل بها قرابة 1٫5مليون عامل فإن ما تواجهه من مشاكل أدى إلى إغلاق 2400 مصنع كان يعمل بها حوالى نصف مليون عامل ، لذا يجب الإسراع بتشكيل لجنة عليا لتنمية قطاع الغزل والنسيج برئاسة رئيس الوزراء لوضع حلول للمشاكل والمعوقات التى تواجه القطاع خلال عامين ووضع خطة لضخ استثمارات فى السوق لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة وتشغيل مصانع جديدة بما يوفر قرابة مليونى فرصة عمل حقيقية . خريطة مستقبلية أما محمد البهى رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات وعضو مجلس إدارة الاتحاد فيرى أن البداية الحقيقية فى إحداث انطلاقة للصناعة تتطلب تفعيل الخريطة الصناعية المستقبلية لتقوم على أساس الميزات النسبية لكل محافظة للقضاء على مشاكل ضخمة تواجه الاستثمار حاليا تتمثل فى إهدار المال والوقت والجهد فى نقل العمال من أماكن بعيدة ونقل الخامات وأيضا المنتج النهائى على سبيل المثال الصناعات التى توجهها الدولة للتصدير تنشأ بالقرب من الموانئ والمدن الساحلية خاصة الصناعات الغذائية ، وضرورة انشاء مجمعات ضخمة للصناعات الصغيرة موجهة ومحدد إنتاجها ليكون مغذيا للصناعات الكبيرة كما حدث فى ماليزيا فى حين أن الصندوق الاجتماعى يعطى قروضا للشباب دون متابعة فتستخدم فى حالات عديدة لأغراض أخرى مثل شراء سيارة ملاكى أو شقة أو للزواج