إحتل قانون الإسلام الجديد بالنمسا مكان الصدارة بين أهم القضايا التى شغلت الرأى العام وأثارت ردود فعل وإنتقادات واسعة فى عام 2014 داخل وخارج هذه الدولة التى تعد أول بلد أوروبى يعترف رسمياً بالدين الإسلامى ويمنحه حقوقا قانونية مساوية للمسيحية واليهودية وغيرهما من الأديان المعترف بها. وجاء القانون الجديد كتعديل لقانون الإسلام الصادر عام 1912 بعد إنضمام البوسنة والهرسك للإمبراطورية النمساوية، والذى نظم الحقوق الممنوحة لمسلمى النمسا البالغ عددهم نصف مليون نسمة ويشكلون 6% من عدد السكان البالغ عددهم ثمانية ملايين،ولا يخفى على المراقبين حقوق الأقلية النمساوية المسلمة الواردة فى القانون الجديد، والمتمثلة بتدريس الدين الإسلامى للتلاميذ المسلمين بالمدارس الحكومية باللغة الألمانية ضمن المناهج الرسمية من خلال معلمين تخرجوا من الأكاديمية الإسلامية بفيينا ويتلقون رواتبهم من الحكومة النمساوية. و أشار قانون الإسلام الجديد أنه يمكن لمسلمى البلاد بسهولة نسبيه إقامة مقابر خاصة بهم، ويتيح لهم الإشراف الدينى والرعاية الروحية على المسلمين بالجيش والشرطة والمستشفيات والسجون ودور المسنين، والاعتراف بالأعياد والمناسبات الإسلامية دون إعطاء الحق فى الحصول عليها كإجازة رسمية.وجرى التصويت على القانون الجديد فى البرلمان النمساوى فى نوفمبر الماضي، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ فى يناير المقبل ما لم تعترض عليه المحكمة الدستورية. وترى القياده الإسلاميه هنا أن مسلمى النمسا لم يمانعوا بتعديل قانون الإسلام القديم بعد تجاوزه مائة عام وعدم تغطيته لكل احتياجاتهم ومتطلبات العصر رغم مزاياه العديده، إلا أن القانون الجديد لم يعترف -بعكس سابقه- بالهيئة الإسلامية كممثل وحيد لمسلمى النمسا مما يفتح الباب لتفتت الهيئة. فضلا عن أن قانون الإسلام الجديد يحظر تمويل المنظمات الإسلامية ورواتب الأئمة من خارج البلاد مما يؤدى لإغلاق عشرات المساجد ووقف أنشطة الكثير من المؤسسات الإسلامية المعتمدة على التمويل الخارجي. ومن جانبه إعتبر فؤاد سنج رئيس الهيئة الدينية الإسلامية الممثلة لمسلمى النمسا لدى السلطات الرسمية أن قانون الإسلام الجديد صدر دون تشاور مع مسلمى البلاد وجرح المساواة الدينية مرات عديدة. ودعا سنج للتشاور مع المسلمين فى صياغة مواد القانون الجديد مجددا، خاصة بشأن تعيين المعلمين المسلمين بالجامعات، ومنح أئمة المساجد الحق المكفول للقساوسة والحاخامات فى الحفاظ على أسرار رواد دور العبادة. وضمن الجدل الذى تزايد بالنمسا أواخر عام 2014 بشأن قانون الإسلام الجديد، وجه أساتذة معهد الفلسفة القانونية للحقوق الدينية والثقافية بجامعة فيينا انتقادات واسعة للقانون الذى أعده وزير الخارجية والشؤون الأوروبية والاندماج سابستيان كورتس وإعتبر الأساتذة أن هذا القانون يمثل نتيجة لتقارير وسائل الإعلام المعادية للإسلام، ويعكس سوء ظن واضح تجاه المسلمين. ورأى أساتذة المعهد الحقوقى أن منع المنظمات الإسلامية من الحصول على تمويل خارجى يمثل تحيزا ضد المسلمين لأنه يمنع عنهم نفس الحق المكفول للمسيحيين واليهود، ودعوا لتدخل المحكمة الدستورية للفصل بمشروعية هذا القانون وهو ما أيده الرئيس النمساوى هاينز فيشر. وتعدت الإنتقادات الموجهة لقانون الإسلام الجديد النمسا إلى الأممالمتحدة التى دعت الحكومة النمساوية لمراجعة هذا القانون قبل تطبيقه، وأعتبرت المنظمة الأممية أن بعض مواد القانون الجديد للإسلام تنتهك مبدأ المساواة وحق ممارسة المعتقدات الدينية وتشكيل المنظمات. وفى نفس السياق أعتبرت منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا فى رسالة من 21 صفحة وجهتها للحكومة النمساوية أن قانون الإسلام الجديد لا يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتزامات النمسا كدولة عضو بالمنظمة.