رغم ما تقره الأديان والمذاهب الإنسانية فى تأكيد الرحمة والرفق بين بنى الإنسان، ورغم حجم الأضرار التى تتكبدها الإنسانية بسبب اعتماد العنف كأداة للتخاطب والحوار، ورغم أى إنجاز بشرى للقضاء على العنف ضد المرأة فإنه ما زال هناك الكثير للقضاء على تلك الظاهرة. إلى متى يستمر هذا العنف ضد المرأة؟ وهل سيكون العام الجديد بابا مفتوحا للأمل لخطوات جديدة للقضاء على العنف بأشكاله ضد المرأة؟ ولنكن متفقين على أن العنف ضد المرأة هو أى فعل تدفع به عصبية الجنس, ويترتب عليه أّذى أو معاناة للمرأة, سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية, سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة، ولنتفق أيضا أنه يجب على الدول أن تبذل الجهود, وأن تلتزم بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية فى مجال المساواة وتمكين المرأة.. وربما يكون ختام العام الحالى ترجمة لتلك الجهود, وبارقة أمل لعام جديد بمزيد من الأنشطة للقضاء على تلك الظاهرة.. فقد أطلقت هيئة الأممالمتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة حملتها “16 يوم من الأنشطة” تلك الحملة العالمية والتى بدأت يوم25 نوفمبر الذى يوافق اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة, وانتهت يوم 10 ديسمبر, وهو اليوم العالمى لحقوق الإنسان، فالصلة وطيدة بين العنف ضد المرأة وحقوق الإنسان-، واختتمت الفاعليات بإضاءة أهرامات الجيزة وأبو الهول وبرج القاهرة باللون البرتقالي, لرفع الوعى بقضية العنف ضد المرأة والفتيات، وكانت هى المرة الأولى التى تضاء فيها الأهرامات و أبو الهول باللون البرتقالي، كرسالة عالمية لمواجهة العنف ضد النساء. “أضيفوا اللون البرتقالى لمنطقتكم”.. هذا الشعار الذى وضعته الأممالمتحدة, حيث يرمز اللون البرتقالى إلى الأمل فى مستقبل خالٍ من العنف ضد النساء. وأكدت الدكتورة عبلة عماوي، مدير مكتب هيئة الأممالمتحدة للمرأة بمصر، أن الأممالمتحدة تبذل مجهودات كثيرة من خلال مشروعات وندوات ولقاءات حقيقية على أرض الواقع للقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضد المرأة المصرية، وأن العام المقبل سيكون هناك العديد من الأنشطة المختلفة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى والمبادرات الشبابية، لأن العنف ضد المرأة يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، ودعت عبلة جميع الحركات النسائية للمشاركة، لأن المرأة المصرية كانت وما زالت لها دور كبير فى نهوض وتنمية المجتمع فلن تنهض مصر وحقوق النساء ضائعة فيها. وللرجال دور فى تمكين المرأة وتشير الإحصاءات إلى أن سيدة من بين ثلاث سيدات تتعرض للعنف الجسدى أو الجنسى على الأقل مرة واحدة فى حياتها، هذا ما أكدته نهاد جوهر المسئولة بهيئة الأممالمتحدة للمرأة بمصر، وأضافت أنه لابد من العمل الجاد من أجل تمكين المرأة للقضاء على العنف ضدها، وأبرزت أهمية دعم دور الرجال لمناهضة العنف الذى تتعرض له المرأة فى العمل وفى خارجه، وأشارت إلى أنه لم يتم التصدى لكل المشكلات التى تتعرض لها المرأة, ولم يتم حلها منذ انعقاد مؤتمر بكين عام 1995، وأن الشراكة مع المجلس القومى للمرأة ووزارتى الداخلية, والتضامن الاجتماعي, ومنظمات المجتمع المدنى باتت أمرا حتميا من أجل الحشد والتأييد فى قضايا العنف ضد النساء، وأكدت أن هيئة الأممالمتحدة للمرأة ستستمر فى العمل مع منظمات المجتمع المدنى على مستويات المجتمعات المحلية فى المحافظات من أجل تغيير السلوكيات والمفاهيم الخاطئة. ضعى وردة والبسى فستانا كانت مروة جالسة فى أحد المطاعم بالقاهرة فى مزاج سيئ, تفكر فيما يحدث من حولها وتتساءل عن القبح الذى أصبح يحاصرنا من كل مكان..فجأة دخلت المكان امرأة أجنبية نحيلة ترتدى فستانا بسيطا وتضع وردة برتقالية فى شعرها.. وردة صغيرة قطفتها من حوض الزهور أمام المطعم.. تصرف تلقائى وعفوى أثار الشجون فى نفس الشاعرة السكندرية مروة مأمون.. فمتى توقفت المصريات عن غرس الورود فى شعورهن..كتبت هذا التعليق على حسابها على موقع تويتر, وفى ساعات قليلة كان الهاشتاج الأكثر تداولا على الموقع..وكانت دعوة لمحاربة التحرش بالجمال. وجهت مروة الدعوة لجميع النساء بوضع الورد فى شعورهن وعلى طرحة الرأس وعلى الملابس.. لاتنسى أنك انثى ولا تدعيهم يجبرونك على ارتداء ما لاترغبين فيه, ولا تمشى مثل العسكرى لمجرد خوفك من التحرش..ربما لو انتشر الجمال فى شوارعنا لتوقف من نفوس المرضي..ربما كان انتشار القبح فى كل شيء وسبب التحرش..هكذا تعلق مروة بعد أن تحولت دعوتها إلى مبادرة شاركت فيها النساء والبنات من مصر وخارجها, فانضمت لها الفنانة سيمون بوضع وردة فى شعرها ونشر صورتها, والكاتبة الكويتية دلع المفتي, والكاتبة أنيسة عصام حسونة.. لم تتوقع الشاعرة السكندرية هذا الصدى للدعوة, لكنها كشفت عن اشتياق المصريات للدلع والتعبير عن أنوثتهن..فاللأسف أصبحت الفتاة تفكر ألف مرة قبل نزول الشارع, ولم نعد نرى ورودا فى تسريحاتهن, أو حتى فساتين.بالنسبة لمروة فصور المجندات الكرديات يحاربن بضفائرهن والورود فى شعورهن وملابس الصاعقة هى قمة الأنوثة, ونحن كمصريات لسن أقل منهن, وبإمكاننا أن نحتفظ بأنوثتنا مهما كان الأمر. غدير أحمد لديها نفس الرؤية, وإن كانت سابقة لمروة..غدير من خلال صفحتها على الفيس بوك «ثورة البنات» أطلقت قبل فترة حملة بعنوان «حنلبس فساتين» كان لها نفس الهدف وهو تحدى التحرش بالجمال..وجهت غدير الدعوة للبنات على النحو التالي: “لكل أنثي, البسى فستان, مش معناها اقلعى حجابك وقصرى فستانك واتدلعى ..معناها ... ارجعى بنت تانى بهدوئك ولبسك اللى يرضى ربنا ..ارجعى تانى لخجلك ورقتك وحيائك .. البسى وعيشى سنك من غير ماتغضبى ربنا وتستفزى خلقه على الأرض اعملى كل ده واللى يقرب منك او يتحرش بيكى اقطعى إيده الحملة دى موجهة للجزء الرقيق اللى فاضل جوه كل بنت وابدئى بنفسك والخلاصة هنرجع بنات تاني» وتقول غدير: فى كل مكان فى العالم لا تحتاج البنت كثيرا من الوقت لتقرر ماذا سترتدى اليوم, لكن فى مصر عليها أن تفكر ألف مرة..لم يعد بإمكانها أن ترتدى فستانا قصيرا يكشف عن ساقيها وذراعيها . بنات كتير نفسها تلبس فساتين زى أفلام الأبيض والأسود, لكن لم يعد بإمكانها تحقيق الحلم..نحن نساعدهن فى ذلك, وجهنا الدعوة وتجاوبت معها البنات.