باتت الأجواء السياسية فى اليونان متأزمة للغاية، بشكل ربما يجر البلاد مجددا إلى نفق مظلم، خصوصا بعد فشل البرلمان أخيرا فى انتخاب الرئيس الجديد من الجولة الأولى، مما قد يترتب علية حل البرلمان و سقوط الحكومة و الدعوة لانتخابات عامة مبكرة؛ تعطى الفرصة لليسار المتشدد لقيادة البلاد، مما سيهدد الاستقرار السياسى والمالى للبلاد بعد سنوات عديدة من الإصلاحات، كادت تصل بها إلى بر الأمان.بفشل البرلمان اليونانى الأربعاء الماضى فى انتخاب الرئيس الجديد للبلاد، ستافروس ديماس المرشح من قبل الحكومة الائتلافية الحالية، خلال الجولة الأولى، حيث حصل على موافقة 160 برلمانيا من أصل 300، وامتنع عن التصويت 135 برلمانيا، كما تغيب عن حضور الجلسة 5 أعضاء، عادت البلاد مجددا إلى الحلقة الأولى من أزمتها المالية، و تراجعت اسهم بورصة أثينا جراء الانسحاب الجماعى للمستثمرين الأجانب، وبرزت أزمة سياسية جديدة، و تباينت تصريحات رؤساء الأحزاب . البرلمان اليونانى سيبدأ عملية الاقتراع فى الجولة الثانية يوم الثلاثاء المقبل، و الجولة الأخيرة فى التاسع و العشرين من الشهر الحالى، لاختيار رئيس جديد للبلاد، وسط شكوك بعدم نجاح هذا المسعى، ما قد يقود لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، قد تدخل البلاد فى أزمة سياسية عميقة تثير مخاوف المانحين والأسواق المالية، وتهدد فرص خروج البلاد من حالة الركود الاقتصادى المستمرة منذ 6 سنوات. و بالرغم من أن منصب " رئيس اليونان" هو منصب شرفى، إلا أن دستور البلاد يوكل للبرلمان انتخاب الرئيس، وأن يعلن فوز الرئيس بعد الحصول على نسبة ثلثى الأعضاء أى بموافقة 200 صوت، وفى المرة الثالثة والأخيرة بنسبة ثلاثة أخماس الأعضاء أى180 صوتا، وفى حال فشل العملية يتم حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. ونظرا لأن الحكومة الائتلافية اليونانية برئاسة أندونيس ساماراس، و نائبه ايفانجيلوس فينزيلوس، و المؤلفة من حزبى الديمقراطية الجديدة المحافظ، والباسوك الاشتراكى، والتى تشكلت العام 2012، تتمتع بأغلبية 155 مقعدا فقط من أصل ثلاثمائة، فى الوقت الذى يحتاج فيه الرئيس إلى 180 صوتا فى الجولة الثالثة و الأخيرة، فإن عملية انتخاب الرئيس تشكل مقامرة سياسية، تجعل من حزب تحالف اليسار الراديكالى(سيريزا) قوة للمعارضة الرئيسية فى البلاد، كما أن فوزه فى استطلاعات الرأى وتقدمه فى الانتخابات الأوروبرلمانية فى يونيو الماضى جعله يزايد فى تبنى خطاب يدعو إلى إنهاء سياسة التقشف ووقف سداد الديون، وإلغاء الالتزامات المالية للبلاد بموجب برنامج الإنقاذ الأوروبى. وقد اعتبرت المعارضة ممثلة فى حزب سيريزا اليسارى أن ما حدث فى فشل انتخاب الرئيس، هو أول انتصار لها و أن الحكومة فشلت فى أن تحقق أهدافها. أما أندونيس ساماراس رئيس الوزراء،، فقد أعرب عن تفاؤله، موضحا أن هناك جولتين أخريين، وأعرب عن أمله فى أن يتم انتخاب الرئيس بنجاح، ووصف الأجواء فى البلاد بالصعبة للغاية، معربا عن اعتقاده بأن يدرك البرلمانيون جيدا أن الدولة لا يمكن أن تدخل فى مغامرات غير محسوبة. من جانبه قال بانوس كامينوس زعيم حزب اليونانيين المستقلين إن على الشعب اليونانى لا يشعر بالخوف تجاه تحرير البلاد من قبل المحتلين الأجانب، و كما قال هما (برلين و البنك المركزى الأوروبى) و أن البلاد تتجه نحو انتخابات جديدة، و الحكومة لن تستطيع ابتزاز الشعب مرة أخرى كما كانت تفعل دائما. فى غضون ذلك، شهدت أثينا الفترة الماضية، فضيحة سياسية، قلبت كل الموازين، مما أضطر رئيس الوزراء أندونيس ساماراس، لتقديم بلاغ رسمى للنيابة العامة لإجراء التحقيقات، و تتعلق الفضيحة بزعم عضو البرلمان بافلوس خياكاليس (ممثل سابق معروف)، و الذى صرح على أحد القنوات التليفزيونية، أن أحد السياسيين قدم له رشوة مالية مغرية تصل إلى 3 ملايين يورو فى حال موافقته لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وقام خيكاليس بتسجيل هذه اللقاءات، و قدمها للنيابة العامة إلا أنه احتفظ بنسخة و أجرى مونتاجا عليها. و أكدت التقارير أن خيكاليس مدعوم من حزبى اليونانيين المستقلين، وتحالف اليسار سيريزا، و هما حزبان معارضان، يريدان فشل البرلمان فى انتخاب رئيس جديد، بهدف إسقاط الحكومة و اللجوء إلى انتخابات مبكرة.