إن علم المصريات «كنز مفتوح بحاجة إلى مزيد من التنقيب»، هكذا يقول الباحثون الصينيون المولعون بهذا العلم الشائق الذي يتضمن موادّ غنية وفروعا كثيرة تمتدّ على مجرى مرحلة زمنية طويلة تأسر ألباب شعوب العالم منذ قديم الأزل، ولاسيما الشعب الصيني الذي يزخر بحضارة عريقة ترجع إلى خمسة آلاف عام ويولي اهتماما كبيرا بدراسة علم المصريات وأبحاثه الأكاديمية. يعود تاريخ دراسة علم المصريات في الصين إلى أكثر من سبعين عاما مضت، حيث حصل رائد علم الآثار الصيني الراحل شيا ناي على دكتوراة في علم الآثار المصرية من جامعة لندن عام 1941، وأصبح أول صيني يجيد الهيروغليفية المصرية ويتفهم جيدا منظومة دراسة علم المصريات. وبفضل الخبرات والمعارف التي اكتسبها من خلال عمله في موقع التنقيب الأثري بمدينة أرمنت بمحافظة قنا في صعيد مصر ودراسته للآثار داخل المتحف المصري بالقاهرة في نهاية ثلاثينات القرن الماضي، ساهم شيا ناى، الذي تولى رئاسة معهد الأبحاث الأثرية ثم تقلد منصب نائب رئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، في فتح الباب أمام علم الآثار الحديث في عهد الصين الجديدة. وعلى مدى العقود الثلاثة المنصرمة، شهدت الصين تقدما ملموسا في الأبحاث المتخصصة في علم المصريات الذي يمتزج فيه علمان من العلوم الإنسانية، هما علم الآثار وعلم التاريخ، حيث بدأت جامعة شمال شرق الصين للمعلمين وجامعة القوميات بمنغوليا الداخلية وجامعة فودان بشانغهاي إلخ على التوالي بدراسة وتعليم علم المصريات بشكل منتظم. وعلاوة على ذلك لاقت الكتب المبسّطة حول الثقافة المصرية القديمة إقبالا كبيرا في سوق الثقافة الصينية. وتبين الإحصاءات أن عدد الأطروحات الأكاديمية التي نشرت في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة تجاوز سبعين مقالة، بينما قامت دور نشر صينية بطبع نحو 50 كتابا متخصصا باللغة الصينية تتناول معظم جوانب علم المصريات، علاوة على نحو ألفي كتاب متنوع حول مصر.