بعدما تعاونت ايرانوالولاياتالمتحدة سويا للتخلص من عدوهما المشترك وهو صدام حسين, تلوح في الأفق نذر مواجهة بينهما من أجل السيطرة أو مزيد من بسط النفوذ والسيطرة علي منطقة الخليج العربي وثرواتها النفطية. خاصة أن فاتورة الحرب علي العراق دفعت معظمها دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر او غير مباشر, والتي قدرتها وزارة الدفاع الامريكية بحوالي600 مليار دولار. ورفع جوزيف ستيجليتز الاقتصادي الحائز جائزة نوبل وناقد الحرب, التكلفة البعيدة المدي بما يزيد علي أربعة تريليونات دولار. ويقول مكتب الميزانية في الكونجرس الامريكي, ومحللون ان ما يتراوح بين تريليون وتريليوني دولار أكثر واقعية. ومع دخول المواجهة الإيرانية-الأمريكية الإسرائيلية في دائرة التحذيرات المتبادلة علي خلفية التهديدات الغربية بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية النفطية علي طهران, ورد طهران بالتهديد بإغلاق مضيق' هرمز' الذي يمر عبره نحو40% من النفط المنقول بحرا علي مستوي العالم, فإن دول مجلس التعاون الخليجي الست, تضع في حساباتها عدة أمور, وتستذكر دروس الماضي القريب والبعيد, قبل مباركة أو التورط في دعم ومساندة الموقف الأمريكي والغربي والأسرائيلي لشن حرب علي ايرن. ومن هذه الأمور أن ايران لا تمثل خطرا نوويا أو عسكريا أنيا علي دول الخليج. فبالرغم من الاتهامات المتبادلة بين الدول الخليجية العربية وايران بتدخل كل من الجانبين في الشئون الداخلية, فإنهما يرتبطان بشكل متفاوت بعلاقات اقتصادية ومصالح مشتركة, كانت طوال سنوات قادرة علي احتواء الأزمات المتكررة بين حين وأخر, وتجميد أو تصفير قضايا أخري مثل قضية احتلال ايران للجزر الاماراتية الثلاث(طنب الكبري والصغري وابوموسي'. كما أن ايران تعمل من جانبها, علي طمأنة الدول العربية بشأن برامجها النووية. كذلك فإن دول الخليج العربية لا ترغب في التورط في مواجهة مباشرة مع ايران حتي لا يؤدي ذلك إلي تفجر براكين الاقليات الشيعية التي كادت أن تعصف باستقرار مملكة البحرين العام الماضي, وتحاول أن تثور في السعودية. ولذلك تؤكد الدول الخليجة علي رفضها استخدام أراضيها لضرب ايران. ثالثا: أن العالم كله يري ويسمع أن إسرائيل هي المحرض الأول علي تدمير القدرات النووية لإيران لتظل هي القوة النووية الوحيدة في المنطقة, لدرجة أنها تهدد بتوجيه ضربة منفردة لايران دون اطلاع واشنطن. بل إنه مع فشل دول العالم في اقناع الولاياتالمتحدة بالضغط علي' حليفتها الصهيونية' للقبول بمبادرات اخلاء الشرق الأوسط من اسلحة الدمار الشامل, باتت القوي القادرة مقتنعة بأنه لم يعد هناك بديل عن السعي لأن تكون دولا نووية في ظل الغطرسة الأمريكة والوحشية الإسرائيلية. ومع أن الولاياتالمتحدة ما زالت لديها قوة عسكرية هائلة في الخليج العربي رغم انسحابها العسكري من العراق, فإن القادة العرب يدركون جيدا أن هناك تغييرات في ميزان القوي في المنطقة حيث لم تعد الولاياتالمتحدة قادرة' اقتصاديا' علي خوض حرب طويلة مجددا في ظل أزمة مالية تطيح بأخرين من حلفائها في أوروبا, وهو ما يصب في مصلحة ايران التي تحاول حاليا تحسين علاقتها مع قوي اقليمية كبري في المنطقة, وصار لديها خبرة كبيرة في المناورة والمراوغة في مواجهة القوي الغربية وربما أحيانا تصل معهم إلي اتباع سياسة' حافة الهاوية'. وأخيرا, فإن الدول الخليجية العربية وايران تذكر جيدا تاريخ حضارتيهم, وكيف تعايشا جنبا الي جنب في سلام وحسن جوار مئات بل ألاف السنين, وذلك بعكس العلاقات مع الروم, وحديثا مع أمريكا ودول أوروبا الذين زرعوا عدوا لدودا لكل شعوب المنطقة ومحتلا لأراضيها.