تتلاحق التطورات وتتسارع, ومعها تزداد هواجس الساسة الأتراك, بشأن الخطوة القادمة, هل هي إستمرار الضغط علي أهل الحكم في الجارة الفارسية العنيدة, بهدف إثنائهم عن حلمهم الأسطوري بإمتلاك جمهوريتهم الإسلامية السلاح الفتاك. ؟ أم إنتظار الضربة الاسرائيلية المحتملة ضد المنشأت النووية الايرانية ؟ كان هذان الافتراضان مطروحان العام الماضي بنفس صيغتهما, ولم يحدث شئ, غير أن أجواء الحاضر وسماءه الملبدة بالغيوم, تبدو جد مغايرة, والخوف كل الخوف أن تكون ساعة الحسم قد إقتربت, ومعها قد يستيقظ الاناضول المتاخم, لإراضي الصفويين أعداء الأمس البعيد, علي كارثة تضاعف مآسي ما سببته الحرب الأمريكية علي العراق. وفي محاولة قد تحول دون الكابوس المرعب, من المتوقع أن يقوم رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان بزيارة في الاسبوع الاول من إبريل للعاصمة طهران وللتدليل علي حرص أنقرة كان أردوغان يود لو أن زيارته تمت في الثامن والعشرين من الشهر الجاري في طريق عودته بعد مشاركته في القمة النووية الكورية يومي26 و27 مارس الحالي لكن تواجد الرئيس أحمدي نجاد خارج بلاده حال دون ذلك. علي أية حال تركيا هي حتما ضد الحرب التي ستضرب تداعياتها بشدة عمق البلاد, وهناك من الاسباب, كلها ليست فقط إقتصادية, ما يصعب حصرها, غير أن جميعها يصب في رغبة أكيدة للحيلولة دون وقوعها, فعلي سبيل المثال لا الحصر, دائما هناك نفي, لكن ماوراء العبارات الدبلوماسية, تجري أمور من الصعوبة إثباتها, إلا أنها موجودة, وهناك أكثر من وكيل يقوم بما كان يفترض أن تقوم به الحكومة غير أن الأخيرة مضطرة إلي الالتزام بالقرارات الاممية, بإختصار أنه الإختراق التركي للعقوبات المفروضة ضد إيران, فلم يعد خافيا أن انقرة لا تلتزم حرفيا بالحظر فثمة مبادلات مصرفية شديدة التعقيد تتولاها شركات وهمية تمكنت ولازالت من التحايل علي ما أقره مجلس الأمن وكذا مؤسسات الاتحاد الاوروبي, وقد رصدت الميديا الغربية العديد من الخروقات, كان يقابلها تشديد من الخارجية في ضحايا بلجت قلب العاصمة أنقرة بأنه لا أساس من الصحة لهذه الانباء! ناهيك عن غض الطرف عن' سيل' من التجارة غير المشروعة وهو ما يسمي الاقتصاد المواذ علي الحدود وهو نفس الأمر الذي كان يحدث أبان نظام صدام حسين البائد. وبطبيعة الحال فاسرائيل ليست بعيدة أبدا عن تلك الاجواء, بل هي في أتونها, والدليل علي ذلك الدور المتعاظم لموسادها في تلك المناطق ذات الغالبية الكردية بالاضافة إلي شمال العراق, كل هذا إستعدادا لكافة الإحتمالات. لكن الشئ الملفت هو تدشين' الدرع الصاروخي' علي الاراضي التركية, والذي تم بناء علي رغبة أن لم يكن إلحاح أنقرة, وهذا ما قاله أندراس راسموسن الأمين العام لحلف الناتو, وحتي يزداد الأمر غرابة ودهشة هو أن منظومة الإنذار المبكر نصبت في مدينة ملاطيا القريبة جدا من مثلث كردستان الرهيب المتقاطع مع كل من سوريا وتركيا وإيران حيث نشاط إسرائيل واعوانها, صحيح أن اردوغان أكد علي' ان الدرع لا يستهدف جيراننا' إلا أن السؤال لماذا وجوده أذن في تلك البقعة الساخنة ؟ ثم ما هو تفسير الزيارات المتكررة لكبار المسئولين الأمريكيين في الفترة الاخيرة واهمها زيارة نائب الرئيس الامريكي جو بايدن في ديسمبر وبعدها باسابيع قليلة وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا وكان الملف النووي المحور الرئيسي لمباحثاتهم مع نظراهم الاتراك. المسالة ببساطة أن تركيا قالت ولاتزال لا وألف لا للحرب, ولكن اذا وقعت فلن تمنعها, وعلي الغرب أن يعوضها عن بعض الخسائر الهائلة التي سيتحملها الاناضول.