في حديثه الي الأهرام كشف ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية والمسئول عن ملف البلدان العربية والمبعوث الشخصي للرئيس الروسي في الشرق الاوسط عن الكثير من حقائق الموقف الروسي تجاه العديد من قضايا الامة العربية وفي مقدمتها الاوضاع في سوريا الي جانب رؤيته وتقديره لمجريات الامور في الساحة المصرية. وفيما كان بوتين قد فاجأ الكثيرين بتصريحه حول صعوبة العثور علي من يمكن التعامل معه في مصر بسبب تعقد الاوضاع الداخلية, قال بوجدانوف ان غياب الاستقرار يحول عمليا دون استعادة العلاقات المصرية الروسية لوتيرتها الطبيعية. استهل بوجدانوف حديثه بتأكيد عدم مسئولية بلاده ازاء ما يتصورونه في العالم العربي تقصيرا من جانب موسكو. سارع ليقول: ان ذلك ليس ذنبنا. اننا لم نؤيد القذافي ولا نؤيد بشار الاسد.. لم نؤيد مبارك ولم ندعم بن علي الموجود حاليا في المملكة العربية السعودية والذي لا يزال يحظي بدعمها ولكن موسكو تؤيد مبادئ القانون التي تستند اليها العلاقات الدولية وميثاق الاممالمتحدة. اننا ضد المعايير المزدوجة. فإذا كان هناك من يريد تقرير الامور السيادية لهذه الدولة او تلك في اماكن اخري فإن العرب هم الذين سوف يكونون اول المتضررين. واذا كان هناك من يريد تقرير القضايا الاخري خارج اطار الاممالمتحدة فإن ذلك سيكون امرا سيئا بالنسبة للقضايا التي تهم العالم العربي. وهناك مثال علي ذلك.. عشرون عاما متواصلة يقف الفلسطينيون والاسرائيليون عاجزين عن الاتفاق فيما بينهم. تعالوا اذن الي مجلس الامن لنقرر نيابة عنهم وعليهم قبول ما نتفق عليه. هذا هو القرار.. هذا هو الحل النهائي.. هذه دولة مستقلة. هذا ما نعتقده وعليكم قبول ذلك ايها الفلسطينيون والاسرائيليون ما دمتم عاجزين في غضون عشرين عاما عن التوصل الي الاتفاق فيما بينكم. وردا علي سؤال حول امكانية تطبيق ذلك اليوم قال بوجدانوف:انهم يقولون لنا.... كلا.. مستحيل.. دعوهم يتناقشون فيما بينهم ونحن سوف نساعدهم. وتساءل بوجدانوف عن السبب الذي يدفع البعض الي رفض مثل هذا التوجه بالنسبة للسوريين.. لماذا لا يقولون دعوا كل الاطراف الي الجلوس والمناقشة حتي بلوغ الاتفاق وعلينا فقط تقديم المساعدة اليهم ؟. ماذا يضير العرب في ذلك ؟.. هذا ما لا استطيع ان أفهمه. واضاف انه من الغريب والمضحك معا ان يقول لنا عدد من الشركاء الغربيين: لقد قرر العرب ذلك ويجب تنفيذ ما قرروه دون تفكير.. علينا تأييد ما اتخذته الجامعة العربية من قرارات!!. واستطرد ليقول:خذ مثالا آخر... لقد اقر العرب في2004 المبادرة العربية للسلام. لماذا اذن لم يظهر من يتخذ بشأنها موقفا مماثلا ؟ لماذا لا نجد من يؤيدها ؟.. دعونا نعلن عن تأييدها. لكننا لا نجد احدا يرد علينا. انها المعايير المزدوجة التي تظهر اينما ذهبت.. اننا لسنا مؤيدين للاسد كما لم نكن مؤيدين للقذافي.. اننا ضد المعايير المزدوجة. وقال ان موسكو ليست ذات مصلحة في تردي العلاقات مع بلدان الخليج. واشار الي ان موسكو تعرض اجراء الحوار الاستراتيجي مع هذه البلدان حول الاوضاع في سوريا. واضاف قوله ان بلاده تقترح اجراء هذا الحوار اليوم قبل غد علي نحو موضوعي في نفس الوقت الذي يرد فيه شركاؤنا بأنهم سوف يفكرون في الاقتراح. واستدرك بوجدانوف ليقول: ان موسكو ربما تكون مخطئة في قرارها بشأن لقاء اصدقاء سوريا في تونس.. اذن علي الاصدقاء العرب توضيح الامور. لكننا نبدو علي يقين من ان اللقاء سوف يكون تكرارا لما حدث قبل ذلك حين جري تشكيل لجنة الاتصال حول ليبيا. اننا اقرب الي الحرب. واستطرد بوجدانوف ليقول ان فكرة اللقاء تكمن في جمع اصدقاء سوريا في تونس بينما الواقع يبدو في جمع الجزء من السوريين الذي سوف يقاتل الجزء الاخر من السوريين. ان ما يحدث هو صداقة ضد مجموعة ما. انه موقف صدامي. فلو كانوا قد جمعوا هناك كل الاطراف السورية في تونس كنا سنكون سعداء. وحول العلاقات مع مصر التي عمل فيها سفيرا لبلاده لما يزيد علي السبع سنوات قال بوجدانوف: اننا سنظل عند رأينا تجاه تأييد كل ما يقرره الشعب المصري. انا ننظر بكل المودة والتقدير للشعب المصري ونحترم كل ما يصل اليه من قرارات. نحن مع تأييد ارادة الشعب المصري وقد اعلنا تأييدنا لنتائج الانتخابات التي اعترف بها الشعب المصري. وارسل رئيس مجلس الدوما برقية تهنئة الي رئيس مجلس الشعب اعرب فيها عن استعداد روسيا لأية خطوات من شأنها تطوير العلاقات الروسية المصرية. نحن سوف نقيم علاقاتنا مع كل الهيئات والمؤسسات التي يشكلها الشعب المصري بموجب القانون وعلي اساس نتائج الانتخابات الاخيرة. اما عن كون العلاقات بين مصر وروسيا تبدو كأنها تراوح مكانها دون تقدم يذكر قال بوجدانوف: اننا ننتظر اي مبادرات من جانب مصر. عن السائحين اقول صراحة انهم يخشون السفر الي مصر لاسباب تعود الي ما يجري هناك من احداث. لكن العلاقات ليست مجمدة. فقد استقبلنا هنا في موسكو في ديسمبر الماضي وزير الخارجية المصرية, كما تواصل السفارتان الروسية في القاهرة والمصرية في موسكو اعمالهما. كما قامت روسيا باستئناف صادراتها من القمح الي مصر, لكن ثمة من ينادي بضرورة ضخ الاستثمارات الروسية. وهنا اتساءل عن اي استثمارات يتحدثون وفي اية قطاعات يريدون ؟. اسأل عن مناخ الاستثمارات ومدي المخاطر التي تكتنف ضخ هذه الاستثمارات؟ وكيف يمكن تشغيل هذه الاستثمارات لما فيه خير مصر وبما يحقق المنفعة المتبادلة للروس وللمصريين ؟!.. وحين طرحت فكرة المبادرة بسفره الي القاهرة علي رأس وفد من رجال الاعمال الروس سارع بوجدانوف ليقول انه علي استعداد لذلك وبكل سرور, لكنه عاد ليتساءل عن عدد وزراء الخارجية الذين توالوا علي قيادة الوزارة بعد الثورة, لتنطلق الاجابة: ثلاثة وزراء. واستطرد بوجدانوف ليتساءل مرة اخري: وماذا عن رؤساء آليات التعاون واللجان الحكومية المشتركة اي المعنيين بإدارة ملفات العلاقات بين البلدين وهم وزراء التجارة والصناعة؟.. وكانوا ايضا ثلاثة وربما يزيد, بل واعرب بوجدانوف عن شكوكه تجاه احتمالات استمرار الوزراء الحاليين في مواقعهم وهو ما قال انه يشكل صعوبات اضافية لدي العمل. وتساءل في ختام اللقاء.. من اذن المذنب ومن المسئول عن كل ذلك ؟ ليجيب عن ذات السؤال بقوله: ان ذلك كله يعرفه الجميع, وإن عاد الي تاكيد ان موسكو استعدادها للاستجابة لاي مبادرات من الجانب المصري وانها منفتحة علي التعامل مصر, مشيرا الي انها لم تقم يوما علاقة مع نظام بعينه, فيما اعاد الي الاذهان آخر زيارة قام بها الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف الي مصر في2009 حيث جري توقيع معاهدة حول الشراكة الاستراتيجية التي تنص علي خطوات سير التعاون وهو ما تلتزم به روسيا.وقال بضرورة ان تفاتح مصر شركاءها في حال اي مستجدات او تغيير نظرا لان الامور كلها تتوقف علي الاوضاع لدي الاصدقاء المصريين. اننا نريد علاقات طبيعية ولكم كنا نود المبادرة بدعوة وفود مصرية الا ان روسيا الان تستعد لانتخاب رئيسها. وعموما ليست لدينا اي مشاكل تجاه مثل هذه القضايا.