بيقين فإن رئيس الجمهورية لم يجنح إلى الاهتمام بالمعاقين ذهنياً لأنه يبغى أن يتأنق مثبتاً وردة فى عروة سترة نظامه، أو يخاطب العالم بلغة تشير إلى حجم التغير الكبير الذى لحق بمصر، وأدى إلى تبديل الأولويات والاهتمامات على نحو مدهش .. وإنما كان السيسى قطعاَ يواصل محاولته المضنية لتصنيع (حالة أخلاقية) فى البلد، والتى ينجح فيها حيناً ويخفق فى كثير الأحيان، لأن تغيير النظام (القيمي) فى مجتمع هو موضوع معقد ويستغرق وقتاً طويلاً بالفعل ويحتاج إلى صبر سيدنا أيوب. سمعناه دائما يقول حتى فى دعائه (من فضلك) و(لو سمحت)، وانصتنا إليه يخاطب المدرسين (سيدى المعلم .. سيدتى المعلمة)، ورأيناه يطلب من شباب الطلبة المدنيين وخريجى الكليات العسكرية فى أكثر من مناسبة تبادل الورود والتحايا، وشاهدناه بطاقة إيجابية هائلة يشيع لدى الناس رغبة فى الإيثار حتى لو من خلال الدراجة واللمبات الموفرة، وأصغنا السمع إليه يعلم الناس أن هناك من وصلوا إلى أعلى المراتب «دون أن ينطق أحدهم طوال حياته بكلمة خارجة»، رأيناه يحمل باقة من الورد الأحمر إلى فتاة تعرضت للتحرش فى المستشفى ويهمس لها:(إحنا متأسفين.. حقك علينا)، وتابعناه يصحب الأطفال إلى احتفال تدشين قناة السويس الجديدة، ويطلب من مصور التليفزيون تسليط عدسته على طفل فوق كتف أمه، وحين يتعرض للتدمير والتخريب الذى تنشره بعض الجماعات المعادية للمشروع الوطنى فإنه يكتفى بالتساؤل الهادئ اللاذع والموجع:(طيب .. ليه؟). وحتى فى إعلانه عن قانون يجرم الإساءة إلى يناير وثورة يونيو (والذى أعترض عليه شخصياً لحزمة أسباب) فإن غرضه فيما أتصور كان أخلاقياً وليس سياسياً، بمعنى أنه حاول وضع نهاية للصراع الذى دفع أبناء الوطن الواحد إلى شجار لا تبدو له نهاية . واليوم يضع السيسى سطراً ليس أخيراً فى نص حكمه المبشر حين يخاطب ذوى الاحتياجات الخاصة ب «الكرام.. ذوو القدرات الخاصة» ويعلم المجتمع من كلمات الحبيب النبى «بهم ترزقون.. وبهم تنصرون». أظنها معركة أكبر من كل ما نخوضه من معارك.. أعنى محاولة السيسى الباسلة لتأسيس (حالة أخلاقية) وتذكير الناس من جديد بشئ اسمه:(مكارم الأخلاق) لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع