تكشف لقاءات لجنة التشريعات الصحفية التى يتم عقدها داخل الصحف القومية، والخاصة، أن طريق اللجنة ليس ممهدا تماما.. فالعديد من المؤسسات القومية تنوء تحت عبء الديون والأزمات المالية، خاصة ما يطلق عليه مؤسسات الجنوب الصغيرة (روزاليوسف ودار الهلال ودار المعارف) بينما مؤسسات الشمال (الأهرام والأخبار) تعانى أزمة ضرائب متراكمة منذ عشرات السنوات وليس لأى من القيادات الصحفية الحالية، أو العاملين أى ذنب فيها، وموضوع الضرائب قديم جديد، حيث تعد كل حكومة بإسقاطها لان معظمها فوائد متراكمة، وغرامات لهذه الضرائب، ولكن الأمر لايزيد فى كل مرة على مراوغة سياسية، كلما مرت بالصحافة، ازمة أو استحكمت حاجة الدولة لها كما يحدث الآن فى مواجهة الارهاب.. فالصحف القومية تقف حائط صد منيعا فى خندق الدولة المصرية ضد جرائم الارهاب والارهابيين عكس بعض الصحف الخاصة التى تتغير مواقفها بين وقت وآخر طبقا لمصالح المالك وتطلعاته السياسية والاقتصادية. كما أن زيادة جرعة الاثارة تكون مهمة للصحف الخاصة وهو ما لايمكن أن تقوم به الصحف القومية، حفاظا على ثوابت المجتمع. وقد لايعلم القارئ أن تكاليف الصحف اليومية خلال فترة حظر التجوال كانت تبلغ عشرة جنيهات للنسخة التى تصل إلى الصعيد.. وقد تحملت المؤسسات الصحفية القومية هذه الخسائر حتى تصل الجريدة لقارئها.. بالسعر العادى رغم هذه التكلفة الغالية التى كبدتها بالتأكيد خسائر مالية.. فالصحف القومية لديها رسالة تؤديها تجاه الوطن وهو جزء من دورها الوطنى كصحافة يملكها الشعب وتتحدث باسمه. وتبقى المعضلة أن تدرك الدولة رسالة هذه الصحف ودورها التنويري.. وأن تذلل الصعوبات التى تواجهها منذ ثورة يناير 2011 حتى الآن.. فمعظم هذه الصحف كانت قبل ذلك التاريخ تتمتع بالاستقلال التام عن الدولة فى شئونها المالية. ولم يحدث أن دفعت الدولة قرشا لأى من المؤسسات قبل يناير كما لم تكن هذه المؤسسات فى حاجة إلى هذه المساهمات أيضا. وهو ما يحتم على الدولة أن تمد يدها لتقيل هذه المؤسسات من عثرتها الطارئة لظروف خارجة عن إرادة الجميع. ولذلك فمن الطبيعى أن يكون السؤال الذى يواجه أعضاء اللجنة التشريعية فى كل المؤسسات هو عن الأزمة المالية الحالية.. ومن هنا حرص ضياء رشوان نقيب الصحفيين على أن يؤكد داخل كل المؤسسات أن هناك اتفاقا مع الدولة على اسقاط ديون الصحف القومية وحل مشكلاتها المالية قبل إقرار القانون.. وانه والاستاذ جلال عارف رئيس المجلس الأعلى للصحافة توصلا إلى هذا الاتفاق.. لانه لايمكن أن يكون هناك قانون جديد للصحافة.. أو مشروع لها على أنقاض المؤسسات، كما حرصت الكاتبة والنقابية أمينة شفيق عضو اللجنة على أن تكرر أن مسألة ملكية الدولة لهذه المؤسسات محسومة، وأن أى كلام عن الخصخصة غير وارد على الاطلاق، ولو أرادت الدولة ذلك لكانت اختارت شخصية أخرى غيرها لتقوم بهذه المهمة أم هى فلا.. وألف لا.. وأحد معضلات لجنة التشريعات الصحفية تكمن فى صياغة قانون بنظم كيفية اختيار رؤساء تحرير ورؤساء مجالس ادارات الصحف والمجلات القومية.. فاذا كانت الدولة كانت تقوم بهذه المهمة لعشرات السنوات، فانها الآن، وبعد ثورتى يناير ويونيو تلقى بالكرة فى ملعب الصحفيين، وتقول لهم أنها لن تتدخل بعد اليوم فى عملية الاختيار بشرط أن ينظموا ذلك فى قانون يقبل به الجميع. هنا يبدو المأزق شديدا حيث أنه لايوجد إجماع صحفى على طريقة الاختيار الأفضل، وخاصة أن هناك اجماعا على رفض الاختيار عن طريق الانتخاب لما تشهده العملية الانتخابية من تربيطات وحسابات لاتتناسب مع مهنة الصحافة، كما أن الانتخابات لاتفرز الأفضل دائما، ناهيك على أن الموهوبين والمبدعين لا يقدمون أبدا على خوض أى انتخابات. ولذلك كان طبيعى أن تطرح المؤسسات تفعيل دور الجمعيات العمومية، ومجالس الادارة فى عملية الاختيار بعد زيادة عدد الأعضاء المنتخبين فيهما على حساب المعينين، وكذلك زيادة عدد الصحفيين لمواجهة التحديات الجسام التى تواجه المرحلة المقبلة، وأن تقوم الهيئتان مثلا بترشيح ثلاثة لمنصب رئيس التحرير أو رئيس مجلس الادارة تختار هيئة الصحافة أحدهم، وبذلك تكون المؤسسات هى التى اختارت ويكون لهيئة الصحافة الكلمة الفصل فيمن يفوز بالمنصب، ومن خلال الزيارات التى قامت بها اللجنة للمؤسسات الصحفية استمعت لرغبة العاملين زيادة أعضاء هيئة الصحافة لتصبح 15 بدلا من العدد المقترح 11 على أن تكون الأغلبية، للصحفيين، ففى الاقتراح الحالى عدد 11 منهم أربعة صحفيين و2 من الشخصيات العامة يرشحهما البرلمان واثنان من كلية الإعلام وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وممثل لمنظمات المجتمع المدنى يختاره المجلس القومى لحقوق الإنسان واثنان من الإداريين والعمال العاملين بالمؤسسات من ذوى الخبرة تختارهم النقابة العامة للعاملين بالصحافة ربما يكون فى زيادة عدد أعضاء الهيئة الوطنية للصحافة حل يرضى جميع الاطراف بحيث يزيد عدد الصحفيين الممثلين فى الهيئة ونحافظ على مشاركة المجتمع وتنوع ممثليه فى الهيئة. ويبقى شرط تفرغ اعضاء الهيئة التام لمهمتهم وعملهم فى الهيئة هو ما يمنحهم الاستقلال التام بعيدا عن تأثير مؤسساتهم. لايكتفى اعضاء اللجنة الوطنية لصياغة مشروعات لقوانين الصحافة والإعلام بالاستماع إلى العاملين فى المؤسسات الصحفية الإعلامية فقط وإنما تقوم بعقد جلسات توعية مع الخبراء فى الإعلام والإدارة وذلك حتى لا تخاصم اللجنة العلم والمستقبل، فقد عقدت اجتماعات مع دكتور محرز غالى استاذ إدارة الصحف بكلية الإعلام وشارك فيها عدد من خبراء الإدارة مثل د. محمد عزازى ود..شريف قاسم ود.صديق عفيفى وسوف تكون هناك أكثر من جلسة مع هؤلاء الخبراء للخروج بتصور نهائى عن الوضع الأمثل للمؤسسات الصحفية الإعلامية الذى يواكب العلم والمستقبل، كما يؤكد ذلك يحيى قلاش عضو اللجنة والسكرتير الأسبق لنقابة الصحفيين. فى النهاية يبقى القول ان لجنة التشريعات الصحفية تسابق الزمن ليكون المشروع جاهزا مع بداية العام الجديد لكن التخوف يظهر مرة أخرى أو كما قلنا فإن الطريق ليس ممهدا امامها تماما، فهناك تسريبات بأن اللجنة الاستشارية التى شكلها رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب مازالت موجودة بالرغم أن نقيب الصحفيين يقول فى كل لقاء ان الدولة ملتزمة بما ستقترحه لجنة التشريعات المنبثقة من نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة وأنها الجهة الوحيدة المسئولة عن التشريعات الصحفية وهو ما لابد أن يتم حتى لا تظهر أزمة اخرى لا مبرر لها. وأن تنضم هذه اللجنة إن كانت موجودة إلى لجنة التشريعات الصحفية حفاظا على وحدة الصحفيين ونقابتهم العريقة.