مجدى الشاذلى محمد الشرقاوى فى الوقت الذى ينتظر أن يوحد الصحفيون صفوفهم لإنقاذ مهنتهم من التحديات التى تواجهها، والمشاركة بفاعلية فى صياغة مشروعات القوانين المكملة للدستور، والتى تقوم بها حاليا اللجنة الوطنية لصياغة مشروعات الصحافة والإعلام، افتعل عدد من رؤساء تحرير الصحف الخاصة أزمة جديدة تهدد بشق الصف الصحفى إلى نصفين، حين أعلنوا فى هذا التوقيت عن تشكيل غرفة لصناعة الصحافة تمهيدا لضمها لاتحاد الصناعات، بعيدا عن أنظار المؤسسات الصحفية القومية التى تقوم عليها صناعة الصحافة فى مصر. هذه التحركات المريبة والمدفوعة من جانب ملاك الصحف الخاصة، واجهت اعتراضات شديدة من كافة المؤسسات المعنية بشئون الصحافة وفى مقدمتها المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين، إذ بادر مجلس النقابة بإصدار بيان أكد فيه رفضه التام لتلك المحاولات التى يرى «أن الهدف منها سيطرة بعض رجال الأعمال على الإعلام بشكل عام وإسقاطه فى براثن الاحتكار، ولفت المجلس إلى أن هذه المحاولات البائسة بلغت ذروة الخطر فى الدعوة التى جرى توجيهها، لعدد من الزملاء رؤساء تحرير الصحف الخاصة للاجتماع فى مقر إحدى هذه الصحف، بحجة البحث فى موضوع تأسيس وإنشاء غرفة لصناعة الصحافة يتم تسجيلها فى اتحاد الصناعات، على غرار ما تم بخصوص غرفة صناعة الإعلام المرئى». وأكد بيان نقابة الصحفيين «أن هذه الدعوة بموضوعها وسياقها تبدو محاولة خبيثة لايمكن السكوت عليها، لشق صف الصحفيين والتمييز بينهم على أساس نوع ملكية الصحف التى يعملون فيها، ومن ثم تقسيمهم بين عاملين فى صحف خاصة، وقومية، وحزبية إلخ».. مشيرا إلى أن الدعوة المريبة تجاهلت حقيقة أن أكبر وأهم صناع الصحف فى مصر، حتى الآن، هى المؤسسات الصحفية القومية، ومن ثم لايمكن البحث فى شيء يخص مستقبل هذه الصحافة، بما فى ذلك تأسيس غرفة تجمع الصانعين، فى غياب من يمثل إدارة هذه المؤسسات العملاقة. من جانبه، أكد جلال عارف، رئيس المجلس الأعلى للصحافة، ورئيس اللجنة الوطنية لصياغة تشريعات الصحافة والإعلام، أن جموع الصحفيين يرفضون ويتصدون لمحاولات الهيمنة على استقلال الصحافة، مؤكداً رفضه إنشاء غرفة صناعة الصحافة التى أعلنت بعض الصحف تأسيسها. وأضاف عارف خلال مؤتمر صحفى عُقد بنقابة الصحفيين، بعد انتهاء عمل اللجان الخمس للجنة صياغة التشريعات الصحفية: أنه على الجميع التصدى للمحاولات المثيرة للقلق، مشيدا باجتماع مجلس نقابة الصحفيين الذى أصدر ردًا على هذه الغرفة التى يرفضها الجميع.. مشددا على أن جميع أعضاء الجمعية العمومية يقفون خلف النقابة فى معاركها لحماية استقلال وحرية الصحافة، لافتاً إلى أن مجلس النقابة يحذر بعض الأطراف فى الحكومة من مغبة الصمت الذى يصل إلى حد التواطؤ، مع رجال الأعمال المشار إليهم، لاسيما وأنهم باتوا يتمتعون الآن، وبدون مناسبة، باهتمام وتدليل علنى يثيران الكثير من علامات الاستفهام والتعجب. ولم يكن الموقف داخل المؤسسات الصحفية القومية، أقل اشتعالا مما هو عليه داخل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، حيث أصدر عدد من المؤسسات الصحفية، بيانا الخميس الماضى، بشأن ما قامت به بعض الصحف الخاصة أخيرا بالإعلان عن تشكيل «غرفة صناعة الصحافة»، تمهيدا لضمها لاتحاد الصناعات..وذكر البيان، الذى وقعت عليه مؤسسات الأهرام، والجمهورية، وروز اليوسف، ودار الهلال، والشركة القومية للتوزيع، أنه قد غاب عن إدراك هؤلاء الزملاء القادمين أصلًا من الصحف القومية، أن غرف الصناعة يؤسسها ملاك المؤسسات الصناعية فى أى قطاع، وليس العاملون لديهم الذين يمكنهم تأسيس اتحاد عاملين وليس اتحاد صناعة..كما أن الآلة العملاقة لصناعة الصحافة من مطابع ومبانٍ وآلات ومعدات وأجهزة توزيع وأساطيلها من السيارات مملوكة كليا تقريبا أو بنسبة 99% للصحف القومية. وأكدت المؤسسات القومية أنها على يقين من أن اتحاد الصناعات أكثر وعيا وإدراكًا لما تعنيه غرفة الصناعة فى أى قطاع، وبالتالى «فإننا نتوقع أنه لن يلق بالا لمحاولة افتعال غرفة صناعة الصحافة والتعدى على حقوق الصناع الحقيقيين للصحافة الذين سيواجهون بكل حزم مثل هذه المحاولات البائسة، خاصة أن هناك غرفة فعليًا للطباعة والتغليف تضم ممثلى المؤسسات والهيئات والشركات العاملة فى هذا المجال، وهى التى تحدد الضوابط والقواعد والتصاريح والتراخيص والآلات والمعدات المطلوبة لقبول أى مؤسسة فى الغرفة. وفى تطور آخر، وجهت صحيفة «المصرى اليوم»، بصفتها واحدة من 7 مؤسسات شاركت فى المؤتمر التأسيسى لما يسمى بغرفة صناعة الصحف الخاصة، الدعوة لنقابة الصحفيين لاستضافة اجتماع للصحف الخاصة تحت مظلة بيت الصحفيين الكبير، كما أبدت استعدادها لاستضافة أى عدد من أعضاء المجلس، أو من يرونهم ممثلين للجماعة الصحفية، وفى أى وقت، وفتح نقاش موسع، لا يتضمن أى حساسيات أو خطوط حمراء، حول هذه الغرفة. ومن جانبها، انتفضت المؤسسات الصحفية القومية ومعها المجلس الأعلى للصحافة لمواجهة التحديات والأوضاع المالية الصعبة التى تمر بها هذه المؤسسات حاليا، حيث طالب المجلس الأعلى للصحافة ورؤساء مجالس إدارات الصحف القومية بلقاء رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين، وذلك للاتفاق على سياسة واضحة لمواجهة الأوضاع التى تمر بها الصحف المملوكة للدولة. وأشار المجلس الأعلى فى بيان أصدره، إلى أن المؤسسات مقبلة فى نهاية العام على استحقاقات للعاملين قد تزيد أوضاعها ارتباكا وتعرقل مشروعات الإصلاح التى بدأتها بالفعل وقطعت فى تنفيذها خطوات ملموسة. وحمل المجلس الأعلى للصحافة المشكلات التى تواجهها المؤسسات القومية وزيادتها تعقيدا للتعليمات التى أصدرتها الحكومة الحالية لوحداتها الإدارية بتحصيل المستحق من مديونيات لدى هذه المؤسسات، مما أسفر عن مزيد من الارتباك فى الأوضاع المالية المتعثرة، ونقص حاد فى السيولة لدى المؤسسات المستقرة، كما حال دون استكمال هذه المؤسسات لخططها الساعية لزيادة مواردها المالية حتى تتوازن اقتصاديا. وفى هذا السياق، أكد جلال عارف رئيس المجلس الأعلى للصحافة، أن المجلس والمؤسسات الصحفية القومية تتعامل مع الصعوبات التى تواجهها هذه المؤسسات انطلاقا من مقولة الرئيس عبد الفتاح السيسى: «إننا لن نسمح بهدم المؤسسات الصحفية القومية». وأضاف عارف خلال اجتماع المجلس الأعلى للصحافة ورؤساء مجالس إدارات الصحف القومية ووكالة أنباء الشرق الأوسط ، أن الصحافة القومية تعانى من مشكلات موروثة منذ أكثر من 30 عاما بسبب سوء الإدارة، لكنها تمتلك فى نفس الوقت أصولا تصل إلى 150 مليار جنيه، ولا تحتاج إلا لدعم يصل إلى 2 مليار جنيه لكى يتم استثمار هذه الأصول بشكل جيد. وشدد جلال عارف على أن رؤساء المؤسسات الصحفية القومية يقومون حاليا بعمليات إعادة هيكلة ناجحة تقوم على الشفافية فى الإدارة وطهارة اليد ووقف التعيينات. .وحذر من أن هناك من يعمل على عرقلة جهود إصلاح المؤسسات الصحفية القومية، بهدف الاستيلاء عليها بأرخص الأثمان.