يبث المتطرفون سمومهم عبر شبكة الإنترنت من خلال عشرات المواقع، ويتحذلق شيوخهم على شاشات الفضائيات التحريضية على مدى الساعة، ويقع شبابنا الأغر فريسة لهؤلاء وهؤلاء، إلا من رحم ربي، ويتساءل عموم المصريون: أين الأزهر؟، يفتقدون وسطيته وهدوء الدعاة الاجلاء الذين تخرجوا فيه ويترحمون على دروس الفقه والتعاليم السمحة للإسلام على لسان شيوخ عظماء غيبهم الموت بأجسادهم وبقيت كلماتهم فى قلوب المصريين وعقولهم مسلمون ومسيحيون. وأثبتت مؤسسة الأزهر منذ أيام قدرتها على استعادة ثقة المسلمين من كل المذاهب والمسيحيين من كل الطوائف بدعوتها لعقد مؤتمر موسع حول خطر التطرف وسبل مواجهة هجمة الإرهاب الراهنة على منطقتنا. لقد شارك فى هذا المؤتمر الموسع شيوخ أجلاء من السنة والشيعة فى العالم بأسره ومطارنة المشرق من كل الطوائف المسيحية فى الشرق الأوسط، وعكست استجابتهم لدعوة الأزهر أمرين: أولهما قدر الاجلال الذى يكنه الجميع للأزهر، ومستوى القلق الذى يكتنف شعوب المنطقة ازاء تنظيمات ارهابية ترفع الدين شعارا وهو منهم براء، كما شكل المؤتمر فرصة ذهبية يؤكد من خلالها المسلمون استنكارهم للشق الأخطر من المؤامرة الراهنة ضد منطقتنا وهى إخلاء دولها من المسيحيين بشتى طوائفهم بعد أكثر من 1400 عام من التعايش الرائع الذى حسدتهم عليه شعوب عديدة فى مناطق أخرى من العالم، وتبادل المشاركون فى المؤتمر الرأى وأصدروا توصيات جيدة، ولكن الأمر أعقد من هذا كثيرا. إن منطقتنا تحفل بالمشكلات السياسية والاقتصادية المعقدة، غير أن أسوأ ما نعانيه يتمثل فى تردى مستوى التعليم مما يوجد أجواء من الجهل العام يسهل معها على المتطرفين بث سمومهم وافتراس ضحاياهم وتحويل شرائح لا يستهان بها من مجتمعاتنا الى متشددين قابلين للتطرف، بعضهم مستعد لتبنى منهج الإرهاب الأسود. الأزهر وحده لن يمكنه النهوض بمسئولية التنوير فى مجتمعاتنا وعلينا أن نسارع بوضع مناهج تعليمية عصرية تعلى من قيم التسامح والرحمة والصدق واحترام الحقوق والواجبات. لمزيد من مقالات رأى الاهرام