كان السؤال الذي طرحه ديفيد ميرسير في كتابه, وأشرت إليه في ختام سطور مقال الأمس, يقول بالحرف الواحد: إذا كانت مؤشرات المستقبل تشير إلي تقويض دور الحكومات الوطنية فما هي السلطة البديلة التي ستحل محلها؟ يجيب الكتاب عن هذا السؤال بالإشارة إلي أن شعوب الأرض كلها سوف تكون محكومة من قبل حكومة الجماعة'COMMUNTIOYGOVERNMENT' التي يكون وصفها الأفضل حكومة المدينة أو الحكومة المحلية وأن هذه الحكومات المحلية سوف يتعزز نفوذها بفعل التوجه العالمي المتزايد نحو تكريس الفردية'INDIVIDUALIS'. وفيما يبدو جليا الآن الاتجاه نحو بناء التحالفات ذات الدول المتعددة فإن مستقبل السياسات العالمية لا يبدو علي مثل هذه الدرجة من الوضوح! ولعل الشيء الأكيد في هذا الصدد- حسب رؤية ديفيد ميرسير- يكمن في الحاجة إلي منظومة عالمية فعالة يمكنها التصدي للمشاكل السياسية والاقتصادية التي تجتاح العالم. ويتوقع ثلثا الخبراء الذين شاركوا في هذه الدراسة التي عرضها الكتاب أن يظهر شكل من أشكال النموذج الأول لهذه الهيئة القادرة علي ضبط أمور العالم مع حلول عام.2030 ويضيف المؤلف إلي توقعات هؤلاء الخبراء قوله: وسوف يتحقق ذلك عندما ستتفق كل أطراف اللعبة السياسية في العالم علي تأسيس تجمع عالمي جديد بعد أن اتضحت الحاجة الماسة إليه. والشيء المؤكد- حسب الكتاب- أن أي دولة وطنية تتجرأ علي سلطات هذا التجمع سوف تعرض نفسها للدمار بضغط من أعضائه مجتمعين. والحقيقة أن السنوات العشر الأخيرة التي أعقبت صدور هذا الكتاب شهدت مؤشرات توحي بأن فكرة بناء تجمع عالمي واحد ليست فكرة طائشة وإنما هي فكرة قابلة للتحقيق في ظل ما شهدته الحقبة الأولي من القرن الحالي2011/2001 من درجة عالية من الوفاق الدولي, ولكن الأمر بدأ يتغير تماما مع استشعار روسيا والصين لوجود رغبة أمريكية مدعومة أوروبيا بمحاولة توظيف الربيع العربي لصالح أهداف ومقاصد حلف الأطلنطي في محاصرة روسيا وتعطيل التمدد الصيني. وهكذا وقع الصدام داخل مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي الصيني ضد تدويل الأزمة السورية ومحاولة تكرار السيناريو الليبي بشكل أو بآخر. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: القراءة مصدر المعرفة والتفكير مبعث الحكمة والتأمل وعاء التجربة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله