مع دخول أفغانستان عهد جديد بقيادة رئيسها أشرف غني, توسم الأفغانيون فيه خيرا ببدء عصر ليس به حروب أهلية وأن يخلصهم تدريجيا من عنف وتطرف حركة طالبان. أما النساء فقد أملوا أن يهتم بقضيتهن ويسترجع لهن حريتهن المسلوبة, وحقوقهن المنهوبة, ولكن حتى الآن لاتزال قضية المرأة حبيسة الأدراج فلم تخطو للأمام خطوة واحدة بل إن ما حدث مؤخرا للنائبة الأفغانية شكرية باراكزاي, التى تعرضت لحادث أغتيال كاد أن يقضى عليها, لمجرد أنها أحدى المدافعات عن حقوق نساء وطنها, يلقى الضوء على ما تعانى منه المرأة الأفغانية. شكرية باراكزاي.. نائبة أفغانية لم تقبل بأن تكون مجرد واحدة من الآف بل ملايين النساء فى أفغانستان اللواتى يعانين فى صمت بعد أن اتخذت من الدفاع عن حقوق نساء وطنها هدفا وضعته نصب أعينها, رغم أن هذا الهدف كاد أن يقضى عليها خلال الحادث الانتحارى الذى تعرضت له مؤخرا فى العاصمة الأفغانية كابول, وهو الحادث الذى نجت منه بأعجوبة رغم الإصابات والحروق التى لحقت بها. وان كان على الجانب الاخر زاد من شهرتها خاصة بعدما أصبحت حديث الصحف ووسائل الأعلام, التى جعلت منها أحد أهم الرموز النسائية فى أفغانستان. ولدت شكرية باراكزاى فى العاصمة الأفغانية كابول عام 1972 لأسرة ميسورة الحال. وقد درست فى جامعة كابول منذ 1990 ولكن قبل أن تنهى دراستها كانت حدة العنف قد تصاعدت بين الحكومة والمجاهدين مما حال دون استكمال دراستها الجامعية. وبعد أن استولت طالبان على كابول فى سبتمبر 1996 اضطر الكثير من المواطنين وخاصة المتعلمين الذين ينتمون للطبقة الوسطى لمغادرة البلاد إلا أن باراكزاى رفضت أن تغادر وطنها. وكان عام 1999 نقطة تحول فى حياتها بعد التجربة المؤلمة التى تعرضت لها عندما استوقفتها عناصر من شرطة طالبان آنذاك واتهمتها بالخروج من منزلها دون مرافقة زوجها ما يعد جريمة, وتم الاعتداء عليها بالضرب المبرح والجلد. وقد شعرت باراكزاى بالإهانة مما جعلها تضع قضية المرأة فى مقدمة أولوياتها حتى أنها كانت تمتلك حجرة أسفل منزلها جعلت منها مدرسة سرية لتعليم الفتيات, كما زادها الحادث إصرارا على استكمال تعليمها. وفى نهاية عام 2001 أى بعد الإطاحة بحكم طالبان استكملت دراستها حتى حصلت على شهادة البكالوريوس فى علم الآثار والجيولوجيا. وفى عام 2002 قامت باراكزاى بتأسيس صحيفة أسبوعية بعنوان «مرآة المرأة», وبالرغم من اعتمادها على التمويل الذاتي, وصعوبة توفير التمويل الكافي, لكنها أصرت على العمل لتحقيق الأهداف المرجوه منها وهى تحسين وتطوير معرفة المرأة الأفغانية بالمجتمع الذى تعيش فيه, وتشجيع النساء على القتال من أجل حقوقهن برفض العنف الذى يرتكب فى حقها, وتأكيد حقها فى التعليم وحرية ارتداء الشادور, وكل ذلك من أجل بناء مجتمع ديمقراطى يقوم على المساواة. وعلى صعيد آخر حاولت باراكزاى من خلال صحيفتها أن تسلط الضوء على ما تواجهه الصحافة الأفغانية من غياب الحرية والمخاطر التى يتعرض لها الصحفيون. وقد اختيرت باراكزاى عام 2003 لتكون أحد أعضاء مجلس «اللويا جيرجا», الذى يضم ممثلى القبائل فى أفغانستان. وقد أستطاعت أن تفوز فى الأنتخابات البرلمانية لعام 2004 بأكتساح لتحصل على مقعد دائرتها فى مجلس النواب الأفغانى لتصبح واحدة من 71 امرأة من أصل 249 نائبا. ومنذ أن اصبحت عضوة بالبرلمان أستطاعت أن تترك بصمتها خاصة بعدما رفضت أن تصبح مثل بقية عضوات البرلمان الذى لا يشكل وجودهن فرق. وقد أشتهرت بالدفاع المستميت عن حقوق المرأة ومهاجمتها ليس فقط لتطرف عناصر حركة طالبان ولكن أيضا لمافيا رجال الأعمال الفاسدين وتجار المخدرات, كما اتهمت الحكومة بالضعف حيال مهاجمتها فلول عناصر طالبان, وبالرغم من التهديدات الكثيرة التى تلقتها باراكزاى من عدة جهات وتلقيها تحذيرا بخطاب رسمى من الداخلية الأفغانية، يحذرها من أنها هدف للانتحاريين إلا أنها لم تعرها أى أهتمام حتى جاء الحادث الأخير الذى زادها إصرارا وجعلها فخورة بكونها مجرد امرأة أستطاعت أن تثير ذعر أعدائها. وقد تزوجت باراكزاى من عبد الغفار داوى وهى مازالت فى العشرين من عمرها أنجبت منه 5 أطفال, 3 فتيات أرسلتهن للدراسة فى إحدى الدول الأوروبية خوفا من أن يصيبهم أذي, كما أنجبت ولدين توأم, ومازالا يقيمان معها فى فيلتها الفخمة, التى تقع فى حى وزير اكبر خان على بعد عدة امتار من قصر الملك الراحل ظاهر شاه. ولم يعرف الكثير عن حياتها الأسرية, ولكن فى الأنتخابات البرلمانية عام 2004 نافسها زوجها على المقعد البرلمانى حيث انفق على الدعاية الانتخابية نحو نصف مليون دولار فيما أنفقت زوجته 3 الاف دولار فقط لا غير، وبالرغم من ذلك هزم داوى هزيمة ساحقة. وفى العام ذاته, وبعد ما يقرب من 12 عاما من زواجهما سدد لها طعنة بعد نشر خبر زواجه من أخرى, الأمر الذى أثار حزنها لكونها واحدة من المدافعين عن حقوق المرأة, ولكن جاء ردها بأن الدين الأسلامى يسمح له بذلك, مع ذلك قامت بحملة ضد تعدد الزوجات. وقد حصلت باراكزاى عام 2004 على جائزة الصحافة الدولية لرئاستها تحرير الجريدة الأسبوعية التى تطبع 3000 نسخة, ولمجهوداتها الجمة فى مجال الصحافة. وفى عام 2005 منحتها قناة «البى بى سي» الاذاعية لقب امرأة العام.