جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً السبت 24 مايو 2025    وزير الشؤون النيابية يعلن موافقة الحكومة على مشروع قانون مجلس الشيوخ    وزير البترول: نسعى لتصنيع الفوسفات محليا بدلا من تصديره خاما لتعظيم القيمة المضافة    كلية الدراسات الإفريقية تطلق مؤتمرا دوليا حول فرص الاستثمار في القارة    "التخطيط" والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة تبحثان سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية    رئيس الوزراء اللبناني يرحب بقرار عباس تسوية السلاح الفلسطيني في المخيمات    خطوة انتقامية.. هارفارد تقاضي إدارة ترامب بسبب حظر تسجيل الطلاب الأجانب بالجامعة    أنشيلوتي يصف مودريتش ب" القدوة"    دفاع ضحية ابن محمد رمضان: موكلي حُبس داخل الحمام بأمر مباشر من الفنان    سيكو سيكو يحقق 526 ألف جنيه أمس.. ونجوم الساحل يبيع 99 تذكرة    عرض هاملت فات الميعاد على مسرح الأنفوشي    توجيهات بسرعة الانتهاء من تطوير شارع «سوهاج- أسيوط» بنهاية الشهر الجاري    انتهاء الاختبارات العملية والشفوية لطلاب كلية العلوم الرياضية    حريق هائل بمخزن كاوتش بأحد قرى الدقهلية    المجمعات الاستهلاكية تستقبل المواطنين اليوم الجمعة حتى هذا الموعد    جوارديولا: مواجهة فولهام معقدة.. وهدفنا حسم التأهل الأوروبى    علم الوثائق والأرشيف.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    لبحث الاستعدادات النهائية لانطلاق المنظومة.. قيادات «التأمين الشامل» في زيارة ميدانية لأسوان    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    الأهلي يجهّز ملف شامل للرد على شكوى بيراميدز بالمحكمة الرياضية    بينها عيد الأضحى 2025.. 13 يوما إجازة تنتظر الموظفين الشهر المقبل (تفاصيل)    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    وفاة موظفة بديوان عام محافظة المنيا صدمتها سيارة    القاهرة الإخبارية: الاحتلال استهدف أهالي حاولوا الوصول إلى شاحنات المساعدات    منها «استقبال القبلة وإخفاء آلة الذبح».. «الإفتاء» توضح آداب ذبح الأضحية    أخبار الطقس في السعودية اليوم الجمعة 23 مايو 2025    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    وزير الزراعة يعلن توريد 3.2 مليون طن من القمح المحلي    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    انطلاق قافلة الواعظات للسيدات بمساجد مدينة طلخا في الدقهلية    وفد الصحة العالمية يزور معهد تيودور بلهارس لتعزيز التعاون    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    للمرة الثالثة في يوم واحد.. الحوثيون يستهدفون مطار بن جوريون    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    الهلال يفاوض أوسيمين    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    جامعة القاهرة تعلن عن النشر الدولى لأول دراسة بحثية مصرية كاملة بالطب الدقيق    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوابات الجحيم
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 11 - 2014

تخرج زوجة الشيخ السلفى المعمم لتعلن أن زوجها «راجل» لا يعيبه شيء بعد واقعة اعتدائه على سيدات فقيرات، وفتيات يتيمات وتصويرهن بالموبايل استغلالا لوطأة الحاجة لديهن،
وهن يسرن للهاوية ويتناسين أن «الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها»، ويخرج شيخه صاحب المدرسة السلفية ليعلن وعلى الملأ أن هؤلاء ما هن سوى ملك يمين له!، فى إعادة إنتاج لعصر الجواري، عصر يحياة شيوخ زماننا بامتياز، ويخرج شيخ آخر من نفايات عصر المعزول ليدافع عن ملهمه صاحب أوهام النهضة دفاعا يستوجب الرثاء لبائس يعلم أبناءنا فى الجامعة الدينية النى أصبحت مفرخة للتطرف، معيدا صيحته العبثية التى صارت مثلا ساخرا «هاتولوا راجل»!. عالم يختزل فى تذكية الفراغ السرمدي، وتمجيد الميتافيزيقا، أما الوطن وأمانيه صوب عالم يخصه ويخص ناسه الطامحين فى عالم حر ونبيل وتقدمي، فليس أمامه سوى أن يلفظ حفنة الماضويين وتصوراتهم البالية، او يتجه معهم صوب بوابات الجحيم اللانهائي، حيث تغيب قيمة المواطنة، ويغتال القانون، وينتهى معه العدل، وتقتل الحرية، وتأخذ فى طريقها كرامة البشر الذين سيتحولون من جديد لجوار وعبيد فى خدمة الوكيل الحصرى للسماء، راعى الملة والدين، والرأسمالية والرجعية أيضا، ولا تثريب عليه، فجراب الحاوى به الكثير، وحركة رفع المصاحف ليست ببعيد، وأسنة الرماح دائما مشهرة ومرفوعة لعنان السماء تستمطر الدماء قبل اللعنات على المصريين الذين قرروا فى الثلاثين من يونيو أن يتخلصوا من حكم الملالي، بعد أن تخلصوا من حكم الطاغية فى الخامس والعشرين من يناير. لكن هل يترك القواد فريسته تذهب دونما قتال؟ّ!، بالطبع لا، سيمارس مزيدا من المكر ومزيدا من القتل ومزيدا من الخسة، وبعد حركة رفع المصاحف فى مظاهرات 28 نوفمبر الوهمية التى كانت أقرب لحالة شبحية لا حضور فيزيقى لها، وإن لم تخل من الدماء التى أسالتها جماعات الإرهاب الديني، والتى سخرت كافة إمكانياتها لقتل المصريين من مدنيين وعسكريين، وباتت الدماء لغة وحيدة تعرفها جماعات العنف الطائفى التى خرجت رافعة شعارات ماضوية، ووفق تصور أحادى ومغلوط عن فكرة الهوية، التى يحصرها المتطرفون فى الهوية الإسلامية، وهم لا يعلمون ان الهوية مفهوم مركب، وابن لتراكم حضاري، وجذور فكرية وثقافية مختلفة، تجعل مفهوم الوطن الوسيع أكثر رحابة من مفهوم الجماعة الدينية الأحادى والضيق،أما المدهش فى السياق جميعه فيبدو فى حالة اليقين التى تظهر فى الخطابات الشفاهية لرموز التيار الإسلامى وأنصاره من أن المصريين جميعهم سيخرجون دفاعا عن الهوية الإسلامية!!، وكأن المصريين كتلة مصمتة تتحرك بضغطة زر من أحد، وهكذا يُسقط الإسلاميون تجربتهم النفسية والعملية فى تقديس صوت الحاكم الفرد/ المرشد، وتنفيذه على الفور، والتحرك فى قطيع متناغم لا يشذ فيه أحد، لأن الاختلاف ممنوع، والتمرد مروق، والمروق كفر، إلى غير ذلك من التصورات البالية التى لا تليق بجماعة بشرية تفكر وتؤمن بحقها فى الاختيار. ولا ينس الإسلاميون كعادتهم أن يذكروا الناس ويزايدوا عليهم فى آن، بأنهم ملاك الحقيقة المطلقة، والمرابطون المنافحون عن الدين، ومن ثم فمن اختلف معهم فقد اختلف مع السماء، ومن كشف زيفهم، فقد خرج من رحماتها!، نحن إذن أمام حالة من البؤس الفكرى والأخلاقى أيضا تعانيها هذه الجماعات المتأسلمة والتى لم تفعل شيئا منذ ثورتنا الشعبية فى يناير 2011 سوى أن سطت على الثورة وقوضت بنيانها، وكانت الوجه الآخر لنظام مبارك، وبعثت بالثورة إلى غياهب النسيان، عمدا وتواطؤا فى آن.
نعم تتجه الأمة المصرية جميعها صوب بوابات الجحيم حين تبيع العقل، لصالح الخرافة، وتعادى التقدم لحساب التخلف، وحين تستمر صيغة التحالف المشبوه بين الفساد والرجعية يصبح كل شيء عبثيا وخارج التاريخ، أما الأدهى فيتمثل فى أن تفقد مصر بوصلتها، وبوصلتها مرهونة بأهداف ثورتها وأمانى شعبها، وحين نبتعد عن بوصلة الغايات والمقولات الكبرى التى طرحناها فى ثورتنا المجيدة فى الخامس والعشرين من يناير « عيش/ حرية/ عدالة اجتماعية/ كرامة إنسانية»، فإننا نتجه ساعتها للعدم والفناء، لأن الدماء التى سالت والشهداء الذين سقطوا كانوا أعز من أى شيء آخر، وما من شك فى أن الجروح لن تهدأ إلا ببنيان جديد، وعدل لا يغيب، ووطن لا يعرف التمييز، وبنية حياتية لا تعرف الخلط بين الدينى والسياسي، ولا تمزج الثابت بالمتحول، فتحيل حياتنا إلى محض لغو كلامى وجدل عقيم لا طائل منه ولا جدوى، سوى أن نكون أسرى لمزيد من الرطان الفارغ لحفنة من المتاجرين بالدين والوطن فى آن.
وبعد.. تبدو الأمة المصرية فى لحظة فارقة بحق، تتنازعها قوى متأسلمة تؤسس لعالم رجعى ومتخلف بامتياز، وأخرى تؤسس لخيال قديم ومحافظ، وكلتاهما تنتميان لعالم رأسمالى استهلاكي، وعلى الدولة المصرية الجديدة أن تعلن انحيازاتها الاجتماعية لناسها من البسطاء والمهمشين بلا مواربة ولا تباطؤ، وأن تدرك أن قوتها الحقيقية قى انتمائها للجماهير وتعبيرها عنهم، وأن الطريق المشترك بين الثورة والدولة أضحى المرور فيه حتميا، طالما كان يسير فى صالح الجماهير وتطلعاتها، وأن أمورا عديدة بحاجة لمراجعة، فتنامى نفوذ أنصار الدولة القديمة يدفع بالمصريين للتساؤل حول جدوى التغيير وغاياته، خاصة أن أحلام الشعوب مرهونة بتحققها، وليس بوعود السلطة، كما أنه قد آن الأوان أيضا لحل الأحزاب ذات المرجعيات الدينية لأنها لا تفعل شيئا سوى تقديم المزيد من التبرير لكل الأفكار الرجعية التى تهيمن على الفضاء المصرى الراهن.
لمزيد من مقالات د.يسرى عبد الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.