على هامش احتفالية مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعرى التى عقدت بمدينة مراكش المغربية ،بحضور كوكبة من الأدباء والشعراء والمفكرين والسياسيين والسفراء، انتهز «الأهرام» الفرصة لتلتقى بأحد الضيوف، الدكتور عبد الله حمد محارب مدير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الالكسو» الذى شدد على أهمية إصلاح منظومة التعليم فى الوطن العربى ،وعرض رؤيته للتراث والعمل على صيانته والمحافظة عليه وإنقاذه من الخطر الذى يهدده ،وتحدث عن مشروع «المسلك الأموى» أهم مشروعات المنظمة فى الفترة المقبلة. وعن دور المنظمة فى توضيح المفاهيم الثقافية فى ظل المرحلة التى تشهدها المنطقة العربية الآن ؟ إن ما يحدث الآن هو نتاج أخطاء تربوية منذ ثلاثين عاما ،وهؤلاء الشباب هم وقود الجماعات الإرهابية ،وان القضاء على هذا لا يتأتى إلا بإصلاح منظومة التعليم والتربية ، فما زالت العملية التعليمية فى الوطن العربى رديئة ومتخلفة فى مدارسنا وجامعاتنا ، وهذا ينعكس بدوره على المثقف ، لأن الثقافة هى نتاج للتربية. ولإدراكى لأهمية مصر ومركزيتها فى مجال التعليم فهى التى أمدت الوطن العربى بالمدرسين خاصة فى الخليج فقد أطلقت دعوة لإنشاء مشروع أسميته «مشروع المارشال « لمعاونة مصر للنهوض بمستوى التعليم فيها ،سواء ببناء المدارس وإعداد المدرسين وطباعة الكتب بمساهمة من الدول العربية ،لأن مردود هذا المشروع سيعود على كل دول المنطقة ، وللأسف لم أجد رد فعل لهذا المشروع حتى الآن. ولكن لا ننسى نهج المملكة العربية السعودية لإصلاح التعليم، حيث كان الإدراك الواعى لوزير التعليم الأسبق الذى طالب بإنشاء مؤسسة مستقلة بعيدا عن وزارة التربية والتعليم ، تكون تابعة للديوان الملكى مباشرة ،وتقوم هذه المؤسسة بتقويم وتوجيه العملية التعليمية بكل مشتملاتها وهو مشروع جيد وبدأ العمل به. ولدينا فى الدول العربية مراكز أبحاث ومراكز تقويم تعليم، ولكن كلها مرتبطة بوزارات التربية والتعليم. وأين دور المنظمة فى هذا الموضوع ؟ صدر قرار منذ ست سنوات لإصلاح منظومة التعليم فى الوطن العربى ،ورصد له ميزانية وحتى اليوم لم يتم تفعيل هذا المشروع وما زال التعليم متخلفا . ومنذ أن توليت مسئولية المنظمة، طالبت بأن تنفذ المشروعات على أرض الواقع وفى الشارع ،وعدم الاكتفاء بالندوات والمحاضرات ، فلابد من وجود منظومة متكاملة بمشاركة الدول العربية ، وإنشاء مراكز إقليمية فى دول محددة، ومتابعة هذه المراكز ،وإعداد دورات تدريبية للمدرسين وربط ترقية المدرسين بحضور هذه الدورات واجتيازها لإصلاح المنظومة التعليمية .
وما هى مشروعات المنظمة فى إثراء الثقافة العربية وتنميتها؟ د. محارب أكد أن للمنظمة دورا كبيرا ولديها الكثير من المشروعات الثقافية والفكرية التى تؤدى إلى تنمية الثقافة العربية وإثرائها ،وذلك من خلال تنفيذ عدد من الفعاليات فى الدول العربية وانتقال تلك الفعاليات من دولة لأخرى ،بمشاركة عدد من أعلام الفكر والسياسة والدبلوماسية المتخصصين بالوطن العربى لعرض مشروعاتهم الفكرية ،وجمع المثقفين العرب وربط الدول العربية بعضها البعض .هذا إلى جانب جائزة الالكسو الشرفية التى تمنح لأحد العلماء وتهدف لدعم الابتكارات العلمية ، وسلسلة محاضرات الإلكسو التى يحاضر فيها كبار المتخصصين ،بالإضافة إلى كتاب الإلكسو السنوى الذى يطرح عددا من الموضوعات المهمة على الساحة والتى تهم المثقف العربى ، وكذلك الاهتمام بالكتاب والمكتبات والمشاركة فى معارض الكتب، فالثقافة العربية مجالاتها متعددة والأمل فيها لا ينتهى .
للمنظمة اهتمام خاص بالآثار وصيانتها والمحافظة عليها خاصة المهددة بالانهيار. فما هى خطط المنظمة فى هذا الشأن ؟ تعمل المنظمة فى مجال حفظ التراث العربى وصونه من خلال التوجه إلى تنسيق السياسات الثقافية العربية المعنية بالتراث الثقافى، ومن خلال مؤتمرات الوزراء المسئولين عن الشئون الثقافية فى الوطن العربي، ومؤتمرات الآثار التى يتواصل انعقادها فى إطار المنظمة ،والتنسيق ودعم الجهود المشتركة بين مختلف الهياكل والمؤسسات والمنظمات التى تعنى بالتراث العربى لإيجاد السبل العملية الكفيلة بالحفاظ عليه من الاندثار والتلاشي، لاسيما فى ظل المتغيرات المجتمعية الراهنة .وتخصص المنظمة مبالغ مالية وكذلك المساعدات الفنية لترميم المتاحف والآثار، والتنسيق الدائم مع وزارات الثقافة العربية فى هذا المجال. وهذا ما تم اثر تعرض المتحف الإسلامى فى القاهرة للخطر فى يناير الماضي.
وما هى الأولويات المطروحة على رأس اجتماع وزراء الثقافة العرب الشهر المقبل؟ اجتماع وزراء الثقافة العرب سوف يعقد بمدينة الرياض فى العاشر من شهر ديسمبر المقبل، وعلى رأس الموضوعات قضية « أثر الإعلام فى الثقافة « وهناك دراسة مقدمة من قبل المنظمة فى هذا الموضوع تطرح سؤالا مهما.هل الإعلام العربى ملتزم بالمقاييس والأخلاقيات فيما يتعلق بالثقافة العربية ، وهى قضية تشغل بال المواطن العربي.
ما هى أهم المشروعات المستقبلية للمنظمة ؟ هناك مشروعات متعددة منها مشروع «المسلك الأموي» فى إطار حماية التراث وهو عبارة عن تتبع المحطات التاريخية للدولة الأموية فى الأندلس ،وإعادة رسم طريق الأمويين من خلال رحلة سياحية، وإقامة فعاليات ثقافية بتلك المحطات ،ويسهم هذا المشروع فى مزيد من التقارب بين الدول العربية والأوروبية الواقعة على ضفاف المتوسط ،ودعم عمل المجتمع المدنى فيها باعتباره رمزا للتواصل بين الحضارات والثقافات، وللقواسم الثقافية المشتركة بين الشرق والغرب، وتوظيف هذا المشروع فى نشر الفكر المستنير وقيم التسامح والحوار بين الحضارات، وكذلك تطوير قطاعى الثقافة والسياحة فى الدول العربية باعتبارهما محركين رئيسيين فى عملية التنمية المستديمة، وتشارك فيه حاليا كل من الأردن وتونس ولبنان ومصر والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا، ومن أهم مموليه الإتحاد الأوروبى فى إطار البرنامج متعدد الأطراف للتعاون عبر الحدود.