على الناحية الغربية من العالم فى مدينة نيويورك ظهرت مؤخرا فكرة إنشاء آلاف من النقاط الساخنة المجانية لخدمة الاتصال اللاسلكي بالإنترنت (واي-فاي)، لتحل محل أكشاك الهواتف العمومية التي أصبحت غير مستخدمه فى البلاد. أكشاك مُهملة مشوهة فى شوارع نيويورك يصل إليها أسلاك ما نسميه نحن خط أرضى تم إلغاء الخدمة من عليها منذ فترة طويلة بعد انتشار الهاتف المحمول، ففكر المسئولون فى الولاية بدلا من تحمل تكاليف نقل هذه الأكشاك ومن ثم دفن ملايين الأمتار من الأسلاك التي تكلفت ملايين الجنيهات أن يستغلوها في انشاء خطوط (واي-فاي) مجانية للمواطنين. قد تبدو كلمة مجانية غريبة بعض الشيء على نظام رأسمالي مثل القائم بأمريكا ولكن للحقيقة فهي ليست كذلك، هي استثمارية ستُكلف الولاية ما يقرب من 200 مليون دولار لكي تدر أرباحا بمبلغ 500 مليون دولار أي تقريبا ربح صافي حوالي 300 مليون دولارا نظير الإعلانات الرقمية خلال ال 12 عاما المقبلة علي إنشاء تلك الخطوط.. ولكن بشرط زيادة عدد هذه الأكشاك إلي 10 آلاف كشك. سيسمح كل كشك بدخول 250 مستخدم عليه.. وبحسبه بسيطه فإنه يمكن للمدينة أن تتحمل حوالي 25 مليون جهاز يقبل (واي-فاي)..أى ما يزيد عن عدد سكانها البالغ 8 ملايين نسمة بحوالى الضعفين، وهو ما يتيح لزائري المدينة الاستمتاع بالإنترنت المجاني.. أي الضيوف الوافدين عليها.. مصداقا للنكتة الشهيرة المنتشرة هذه الأيام عندنا فى القاهرة "إكرام الضيف إعطاؤه كلمة سر "باسورد" الواى فاى" على الجهة المقابلة من العالم فى الشرق الأقصي أو فى بلاد الشمس المشرقة، كانت اليابان سباقة كعادتها وأعلنت منذ ثلاثة أشهر أنها ستٌنشئ إنترنت مجاني (واي-فاي).. فى كل أرجاء البلاد وستبنى حوالى 45 ألف نقطة ساخنة.. وستسمح للأجانب الوافدين عليها بإنترنت مجانى لمدة 14 يوم فقط من تاريخ دخول البلاد. من الغرب فى نيويورك والشرق فى اليابان إلى منتصف العالم وأم الدنيا.. هل تتذكرون شركة ميناتل للاتصالات وشركة رينجو للاتصالات ومعهما شركة ثالثة أخرى لا أتذكرها؟!.. فقد سطح نجم هذه الشركات فى أواخر التسعينات خلال القرن الماضي لتقديم خدمة الاتصال المباشر والدولي المدفوع مقدما. فانتشرت كبائن تليفونات الشركات فى كل ربوع المحروسة.. وتسربت هذه الكبائن إلى معظم المصالح الحكومية والنوادى والمسارح وعلى أرصفة القطارات.. وفجأة اشترت الدولة هذه الكبائن والأكشاك من الشركات، دون أى تعليل ومع العلم بأنها صفقة خاسرة، ثم تركتها كالخراب فى كل الأماكن التى أشرنا إليها.. ولم تحاول أن تستفيد منها.. حتى الآن. يُقال أننا لو بدأنا الآن وليس غدا فى التطور التكنولوجي سنلحق الدول المتقدمة عالميا بعد حوالي 25 عاما في النقطة التي وصلوا إليها الآن.. والمعني أننا سنطالبهم بالتوقف عن كل تطور لكى نلحقهم. فهل حان الوقت كى نستفيد من تجارب العم سام والكمبيوتر اليابانى أم أن ثقوب الفساد ما تلبث إلا أن تزيد ثقبا جديدا يكشفه ذكاء المسئول الغربى وغباء المسئول المصرى؟! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى