ثوب مطرّز بالأقحوان الأحمر والفريسيا الأصفر تداعبه فراشات القلوب. ليلاك أبيض وخزامى بنفسجية تتسلق شرفات أحلامنا من فوق الأغطية والوسائد. زهور "لا تنسينى" الزرقاء والديزى بجميع ألوانها يبسم ثغرها فوق مفارش المائدة، والمناديل، والأوشحة. حدائق غنّاء تتفتح ورودها على أوانى الطهى وأطقم الشاى، تزيّن الأبواب وجدران البيوت، فإذا بعطر الربيع يفوح من هذه الأرض طوال العام. لم تُستثنى طوابع البريد فى المجر من عبير الطهر، فباتت الرسائل مخمليّة تفتح نوافذ الحب وتحطم كل القيود بطوابع الورد. فتداعب طيف الحالمين بالسفر إليها. وتحرك أوجاع غربة المهاجرين منها لتحثّهم على العودة. "وطنى لو شُغِلْتُ بالخُلْدِ عنهُ" عدت إليه يوما مقبّلا أقدامه، خاصة إذا باتت أزهاره تعانق كل أقدام الحفاة. لهّفى على "اللوتس" التى توارت بعد أن كانت تفرش النيل جمالا وشذا!. زهرة تبتسم للشمس كل صباح، تبعث أوراقها الناصعة فرح الحياة. تحزننى الذكرى، يبكينى الغياب لزهرة كان أجدادنا يغنوها إذا اشتاقوا الغناء. كُتب تاريخها الضائع على جدران المعابد وفى البرديات القديمة. كم كنت أحلم أن أراها فى شعر فتاة صغيرة أو ينتشر تطريزها على الثياب!. غير أن عيون الإهمال ترصدنا لنعيش أبدا ألوان من الغربة داخل أوطاننا. يصلبنا الحنين لهويتنا. أمام وجع الآهات، عزّت الكلمات.