إعادة التوطين مصطلح يطلق على اللاجئ الذى قرر العيش تحت ظل دولة أخرى تعطيه الفرصة لأخذ جنسيتها بعد عدد معين من السنوات، وبذلك يخرج اللاجئ من ظل حماية المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة لحماية تلك الدولة التى أعيد توطينه بها، وهو الحل الأخير الذى يلجأ إليه اللاجئ بعد أن تضيق به السبل فى الدولة التى تستضيفه، فيطلب إعادة توطينه فى بلد أخر، وهو مصطلح جديد على العالم العربى إلا أنه مع تدهور الأوضاع الأمنية فى العراق بعد الغزو الامريكى وما تبعه من موجة نزوح للعراقيين ، وكذلك نزوح آلاف السوريين بعد تدهور الأوضاع الأمنية وأخذ الصراع منعطفا طائفيا هناك ، كذلك انهيار الوضع الامنى فى ليبيا واليمن،عاد مصطلح إعادة التوطين مرة أخرى للظهور وبقوة داخل عالمنا العربي، السؤال الآن، هل إعادة التوطين هى الحل الأمثل لمشكلة اللاجئين أم أنها عملية هجرة مقنعة بغطاء انساني؟ وهل يضمن اللاجئ الحفاظ على جنسيته الأصلية بعد إعادة توطينه ؟ والأهم هل سيرجع مرة أخرى الى بلاده بعد انتهاء الأزمة، أم سيختار البقاء فى هذا الوطن الجديد ويهجر وطنه الاصلى ، بعد أن تركه بذكريات مؤلمة . دارين يوسف العودة إحدى اللاجئات السوريات اللاتى يقمن فى مصر منذ فترة، ولها 4 أطفال منهم طفلة معاقة، تقول دارين أن رغبتها فى إعادة التوطين جاءت بعد أن ضاقت بها سبل العيش فى مصر، وذلك بعد أن ظلت تعمل وزوجها فى الخياطة دون أن يكفى ذلك قوت يومها وعائلتها. دارين توجهت لمفوضية اللاجئين فى القاهرة لتطلب إعادة التوطين، بعد أن تدهورت حالة ابنتها المعاقة بشكل بالغ، فهى تحتاج الى ثلاث عمليات فى العمود الفقرى والمثانة ، ولا يمكن إجراؤها فى مصر لعدم توافر الإمكانات اللازمة داخل المستشفى الذى خصصته المفوضية لعلاج اللاجئين فى مصر. علمت دارين أنه يمكن إجراء مثل هذه العمليات فى بعض الدول الأوروبية التى فتحت الباب اخيرا لإعادة توطين السوريين، وهو ما شجعها على تقديم طلب لإعادة توطينها وعائلتها فى أى بلد أوروبى يتيح لها القيام بعمليات ابنتها. تقول دارين أن المفوضية تجرى مقابلة مع راغبى إعادة التوطين وتجمع معلومات عن حالتهم ووضعهم الاقتصادي، وفى حالتها طلبت تقريرا مفصلا من المستشفى عن حالة ابنتها للتأكد من أحقيتها فى السفر للعلاج . علاج الطفلة لم يكن وحده سبب طلب دارين وعائلتها إعادة التوطين، بل هو ضيق الحال فى مصر، وبعد مدارس أولادها عن البيت مما يضطرهم للمشى 3 كيلومترات يوميا حتى يصلوا للمدرسة وذلك لعدم قدرتها على دفع ثمن وسائل المواصلات إلى هناك، هذا بالإضافة الى شكوى الأولاد الدائمة من ازدحام الفصل الذى يصل عدد طلابه إلى أكثر من 120 طالبا أحيانا دارين رأت الحل فى إعادة التوطين فى بلد أوروبى بعد أن سمعت من أقرانها ممن أتيحت لهم فرصة السفر، عن توافر سبل العيش الكريم من تعليم و علاج وإقامة وعمل. وبسؤالها عن إمكان احتفاظها بجنسيتها السورية بعد أن يتم إعادة توطينها، وعن احتمال عودتها الى سوريا عقب استقرار الحال هناك، أجابت دارين بأنها لم تسأل عن مثل هذه الأشياء، فالأهم بالنسبة لها الآن أن تنقذ طفلتها من الموت، وأن توفر سبل العيش الكريم لباقى أسرتها، أما العودة أو لا، فهى أمر بيد الله وحده، ولم تفكر فيه وقت تقديم طلبها بإعادة التوطين. من جانبها، أكدت كارمن صخر المسئول الأول للحماية الدولية بالمفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فى مصر، أن هناك كوتة سنوية لدول إعادة التوطين وهى حوالى 2000 شخص معظمهم كانوا من الافارقة والعراقيين، ثم تمت إضافة 1500 شخص فى عام 2014 بعد أن فتحت دول إعادة التوطين الباب للسوريين لاعادة توطينهم ليصل إجمالى من له الحق فى ذلك الى 3500 لاجئ من مختلف الجنسيات سنويا من مصر فقط. وحول ما إذا كان إعادة التوطين هو الحل الامثل لمشكلة اللاجئين، تقول كارمن، أن هناك حلولا أخرى نلجأ إليها لحل مشكلة اللاجئ قبل إعادة توطينه الذى يعتبر الحل الأخير بالنسبة للمفوضية، وهذه الحلول تبدأ بالعودة الطوعية إلى بلد الأصل وذلك بعد التأكد من استقرار الوضع الامنى هناك، ثم محاولة إدماج اللاجئ محليا وهو أمر يصعب تحقيقة فى مصر نظرا لتوقيع مصر على اتفاقية سنة 1951 التى تتحفظ على إمكان الاندماج المحلي، ثم يأتى الحل الاخير فى إعادة توطين اللاجئ فى بلد آخر. وبصورة عامة، تقول كارمن أن إعادة التوطين ليس أمرا يسيرا، نظرا لارتباط المفوضية بعدد معين فى هذا الشأن 3500بينما بلغ عدد اللاجئين وطالبى اللجوء إلى مصر الى 200 ألف لاجئ حتى الآن منهم140 ألف سورى مسجل بالمفوضية فى القاهرة، وهو ما يصعب عملية الاختيار التى يجب أن تكون وفقا لمعايير معينة وضعتها الاممالمتحدة مثل الاستضعاف و احتياجات الحماية. وحول شروط إعادة التوطين، تقول كارمن أنه لا توجد شروط محددة لذلك ،سوى أن يكون الشخص حاصلا على صفة لجوء، أو أن يكون لديه مخاوف من وجود اضطهاد دينى أو عرقى أو اضطهاد يتعلق بالجنسية أو لانتمائه إلى فئة إجتماعية معينة، وهذه هى شروط المفوضية، أما باقى الشروط فهى تكون من جانب الدولة المضيفة، فبعض الدول مثلا تستقبل الحالات التى تعانى من الاضطهاد السياسى أو التعذيب أو الحالات المرضية الخطيرة وهى تختلف من دولة لأخري. وفيما يتعلق بعودة اللاجئ لبلده الاصلى أكدت كارمن أنه أمر يرجع للاجئ نفسه، ولكن المفوضية تتدخل وتمنع ذلك فى حال تأكدها من خطورة الوضع الأمنى على حياته، فتقوم بتحذيره، أما فى حالة إعادة التوطين فيكون اللاجئ قد خرج من ظل حماية المفوضية، وأصبح يقع تحت حماية الدولة المضيفة والتى تتحمل مسئوليته كاملة حتى فى حالة عودته إلى بلاده. وحول أهم الدول التى تسمح بإعادة التوطين أكدت كارمن أنها الولاياتالمتحدةالامريكية ، كندا ، استراليا ، بريطانيا ، فرنسا ، البرتغال، فنلندا، السويد، نيوزيلاندا، ايرلندا، ألمانيا. أما عن عدد السوريين المقيمين فى مصر الذين تم إعادة توطينهم فى بلاد أخري، فتقول كارمن ان عددهم محدود جدا، وجار دراسة باقى الحالات نظرا لأن عام 2014 هو العام الأول للمفوضية الذى تم فتح الباب فيه للسوريين لتقديم طلبات إعادة التوطين، وذلك بعد أن تلقت المفوضية السامية للاجئين فى جنيف طلبات من البلاد المضيفة بإمكان استقبال سوريين على أراضيها.