الهجرة حلم لا ينتهى فبعد ما مرت به العديد من البلدان منها العربية والأفريقية من ثورات وانتفاضات سياسية أصبحت فرص العمل ضئيلة وتتراجع أعدادها يوما بعد آخر نتيجة تراجع الأقتصادات مما حدا بالكثير من الباحثين عن فرص عمل السعى للهجرة أيا كانت الوسيلة سواء مشروعة أو غير مشروعة، لكن كثيرا ما تتحول أحلام الهجرة إلى كوابيس... .. الأهرام فتح ملف الهجرة والمهاجرين - ما بين الأسباب والدوافع والنتائج الناجمة عن المخاطرة والتجربة التى تفترض النجاح والفشل من خلال تقديم وعرض تجارب واقعية وتحليل شامل لواقع الهجرة فى مصر والعالم والمهاجر واحتياجاته وآراء لمتخصصين فى مجالات الهجرة وتجارب حقيقية على أرض الواقع مربها مهاجرون . رغم استمرار تعرض عشرات الشباب المهاجرين عبر البحر للغرق و القبض على آخرين، إلا أن شيطان الموت لا يزال يجر غيرهم إلى القفز إلى سفن متهالكة يحشرون فيها أضعاف حمولتها ويبحرون بهم إلى الهلاك . شيطان الموت الذى يكترى السفينة أو المركب الخشبية، ليس واحداً بل أكثر من 15 شيطاناً من سماسرة الغرق ينتشرون من دمياط، وحتى السلوم أشهرهم مجموعات البرلس ورشيد والعامرية وأسماؤهم معروفة لكل الجهات الأمنية، وربما أيضاً تعرف مواعيد إقلاع سفنهم حاملة الشباب إلى دوائر الموت فى البحر، من منطقة الفنار فى بلطيم، وقد اشتهرت بموقف إيطاليا ومقابل شاطئ ليديا بالإضافه.. إلى رشيد ، ومعدية إدكو، وغرب بور سعيد، وبر بحر وبرج البرلس، وبرج مغيزل، وجمصة وغرب ميناء دمياط الجديدة، ومن موقع الميناء القديم فى مطروح، وشرق السلوم، والموقع الصخرى بسيدى براني، وأحياناً تقوم رحلات من قرية المثانى غرب مطروح. ويؤكد بعض رجال الموت أن عمليات تسفير الشباب على سفن الهلاك هذه لم تتوقف منذ أكثر من عشر سنوات، وبدأت على يد جودة وهيب الذى تعرف عليها واحترفها أثناء عمله كصياد على مركب الميلادى فى طرابلس ليبيا وقتها كان الأفارقة فى ليبيا يهاجرون إلى أوروبا بشكل غير شرعى عبر سواحل ليبيا لقربها إلى الساحل الإيطالي، ورأى جودة أن يستأثر بكامل المبالغ التى يدفعها المهاجرون إذا استطاع إنشاء سوق للسفر فى مصر خصوصاً مع بطالة الشباب ورغبتهم الجامحة فى السفر ومن البرلس بدأت الرحلات بالاعتماد على ابن شقيقته الذى سخر عدداً من سماسرة الموت كمندوبين له فى المحافظات المختلفة، على أن يكون لهم نصيب من الأمر، وبنجاح عدة رحلات زادت سمعتهم انتشاراً حتى أبنوب وأبو تيج فى صعيد مصر.. وأغرى الأمر آخرين لخوض المغامرة التى لا تتطلب سوى تأجير مركب خشبية طول 16 إلى 18 متراً صيفاً، أما فى الشتاء..فالمركب تكون أكبر من 19 إلى 25 متراً لخطورة الرياح، وارتفاع الأمواج وكثرة النوات فزادت أعداد المعلمين خصوصاً مع حالة الانفلات الأمنى والسياسى التى مرت بها مصر خلال الأعوام الماضية، وما زالت هذه الأسماء تعمل بتحدٍ لكل أجهزة الدولة ولأخلاقيات المجتمع. ولدينا قائمة بالأسماء ولو أرادت الجهات الأمنية لزودناهم بها. ومع نجاح بعض الرحلات وسفر أقرانهم إلى إيطاليا، واليونان، وفرنسا، وظهور اليوروهات، يتسابق الشباب فى جمع ثمن رحلة كل منهم، ويصل أحياناً إلى مبلغ 100 ألف جنيه فى حدها الأقصى و25 ألفاً فى الحد الأدني، ويتوقف المبلغ المدفوع على التفاوض بين المندوب والزبون الشاب وغالباً ما يحصل المندوب على ثلث المبلغ، والنصف لصاحب الشغل أو المعلم والباقى يتقاسمه العاملون عليها والذين يقومون بالمراقبة، الذى غالباً ما يكون هناك اتفاق مع من يمكنه منع مثل هذه العمليات لقرب مراكزهم من محطات الانطلاق، ومبلغ لصاحب المركب يصل إلى 500ألف جنيه، ويمثل ضعفى ثمنه لأن هذه المراكب عادة لاتعود! حسب كلام أحد أصحاب المراكب من دمياط نبيل الذى خاض مركبه 22 متراً حمولتها المصرح بها 12 فرداً للصيد، ولكنه شحن عليه أكثر من 180 شاباً، شقت بهم عباب البحر إلى جزيرة لامبادوزا الإيطالية. ويرصد أشرف الطبجى مدير الإعلام بالبرلس عدداً كبيراً من المراكب التى غرقت فى البحر مؤخراً، منها من استطاعت بحرية إيطاليا، أو الصليب الأحمر الدولى إنقاذها، ومنها ما غرق أغلب ركابه، ومن يغرق لا يعرف به أحد، فالجميع يتكتمون الخبر، ومنهم أهل الشباب الغرقي، خوفاً من المساءلة، أو الدخول فى (س و ج) أو من الفضيحة، أو لأسباب أخري..وغالباً هذه المراكب حتى وإن وصلت إلى الشاطئ الشمالى للمتوسط لا تعود لأنها تشحط فى الرمال، أو تصطدم بالصخور فتتكسر وتنهار، ويهرب طاقمها مع المهاجرين إلى المدن المختلفة. يشير إلى ان البحارة والصيادين أصبحوا لا يجدون عملاً خصوصاً بعد تلوث بحيرات البرلس وكنج مريوط والمنزلة واستيلاء لصوص الزريعة وبلطجية البحيرات على ما تبقى بها من أسماك، ويمنعون أغلب الصيادين من الصيد، فيضطرون للعمل على مراكب الموت ...