عندما وصلت أنباء الحرب يوم 6 أكتوبر إلي واشنطن في ساعة مبكرة من الصباح نتيجة فروق التوقيت أيقظ الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون كبار مساعدية ومستشاريه من نومهم وطلب سرعة إعداد تقرير عاجل وكان الشعور الأمريكي السائد وقتها بأن الاحتمال الأرجح أن تعبر إسرائيل قناة السويس لكي تصل إلي القاهرة ثم تستدير باتجاه سوريا لاحتلال دمشق. ولهذا سارع الدكتور هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي بالاتصال بالدكتور محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر الموجود في نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة... وكان هدف ومضمون الاتصال الأمريكي بلغة تهديد وتحذير للمطالبة بوقف القتال فورا لأن واشنطن قد لا يكون بمقدورها تحجيم الرد الإسرائيلي العنيف... ولم يكن ذلك بالأمر الجديد علي أمريكا التي ساندت عدوان يونيو 1967بالخديعة والدعم ثم عارضت بقوة كافة النداءات داخل مجلس الأمن يوم 9 يونيو لربط قرار وقف القتال بعودة القوات المتحاربة إلي خطوط ما قبل 5 يونيو 1967. وعندما ارادت واشنطن الظهور يوم 6 أكتوبر بمظهر الحريص علي تجنيب مصر وسوريا مخاطر الانتقام من جانب إسرائيل قال هنري كيسنجر للدكتور الزيات أنه لا يملك سوي أن ينصح بقبول اقتراح أمريكي محدد يدعو إلي وقف القتال فورا وعودة القوات المتحاربة إلي خطوط ما قبل 6 أكتوبر وكان الجواب رفضا مصريا قاطعا مما دفع الرئيس نيكسون الذي يعاني من إخفاقة في حرب فيتنام ومن فضيحة ووتر جيت إلي محاولة استمالة اللوبي الصهيوني بإقامة أكبر جسر جوي لإمداد إسرائيل بالسلاح والسماح للطيارين الأمريكيين بالقتال إلي جانب إسرائيل كمتطوعين ثم جري ما جري من تدخل أمريكي مباشر بطائرات الإستطلاع بدءا من يوم 14 أكتوبر مما دعا الرئيس السادات إلي إطلاق مقولته الشهيرة: «لقد استطاع أولادي أن يضربوا إسرائيل بمفردها ولكنني بحكم مسئوليتي لا يمكنني الآن أن أقول لهم حاربوا أمريكا».. وتلك شهادة لذكاء أنور السادات الذي رفض أن يبلع الطعم وأن يستدرجه الإسرائيليون لصدام غير مأمون العواقب مع أمريكا.. وغدا نواصل الحديث [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله