تشهد مدينة ليون الفرنسية نهاية هذا العام افتتاح متحف للاحتفاء بنقطة التقاء نهرى السون و الرون فيها , وهو أهم ما يميزها جغرافيا لذا سميت بمدينة النهرين , ولهذا السبب بالتحديد اختار الرومان هذا الموقع لمدينة ليون لتكون العاصمة المركزية لكل بلاد الغال « كانت تشمل فرنسا وبلجيكا ، والجزء الألمانى الواقع غرب نهر الراين » , والذى يزور تلك المدينة يشهد بأن الرومان كانوا قد أحسنوا الإختيار . تقع مدينة ليون الساحرة جنوب شرق فرنسا , على سفح جبل تعلوه كتدرائية نوتردام دى لافورفيير , وكما هى ملتقى لنهرى السون والرون , كانت ملتقى فرسان المعبد أبان الحروب الصليبية , و سبق للقديس لويس التاسع « أسير المنصورة « إدارة حملته على مصر من هناك قبل وصوله إلى مصر ليبقى بها أسيرا . مركز اشعاع تحتفل ليون سنويا منذ القرون الوسطى فى منتصف شهر ديسمبر بعيد الشموع احتفالا بالسيدة العذراء و إنقاذها للمدينة من مرض الطاعون , حيث إستفحل قديما المرض فى المدينة فأضاء كل سكان المدينة ليلا الشموع علي شبابيك مساكنهم لطلب نجدة مريم العذراء , وقد أوفت إستجابة لنداء نجدة الأهالى , فأمسى الاحتفال بالنجدة والوفاء لتحرير وإنقاذ المدينة من المرض , أهم الإحتفالات السنوية التى تقام فى فرنسا بأكملها , و يسمى الآن بعيد الأضواء , حيث تقام الاستعراضات الضوئية على حوائط المبانى العامة فى شتى شوارع و ميادين المدينة . و تضم المدينه العديد من المؤسسات الثقافية التى تميزها , و تشمل اوبرا ليون ومعهد الضوء والعديد من المتاحف , منها متحف الفنون الجميله الذى يحتل موقع دير البنديكت الديم (قصر سانت بيير) وهو نموذج مصغر لمتحف اللوفر , كما تشتهر المدينة بمراكزها التجارية كمركز البارديو . ولا يمكن أن تذكر مدينة ليون دون الإشارة إلى تاريخها الطويل فى صناعة المنسوجات و الحرير على وجه الخصوص حيث اخترع فيها طريقة الجاكار فى النسيج لذا تعتبر المدينة «عاصمة الحرير» . يفتخرأهل المدينة بالأخوين لوميير رائدى صناعة السينما العالمية , حيث قدما للعالم عام 1895 أول عرض جماهيرى للصور المتحركة . كما يفتخرون أيضا بإثنين كان لهما عظيم الأثر لما وصلت إليه المدينة اليوم , أولهما جيرار كولومب عمدة المدينة لسنوات طويلة , و يحظى بحب و تأييد معظم سكان المدينة , حيث تبنى ونفذ مشروعا عملاقا لإزالة التعديات على مجرى نهر الرون و أقام على امتداده ممشى و حدائق و ملاعب للشباب حيث يمارسون التزحلج بالعجل و السكيت بورد , و كذا حمام كبير للسباحة على ضفاف النهر يتبع البلدية التى تديره و تشرف عليه , و قد أضفى هذا المشروع على مدينة ليون جمالا مبهرا , و الرجل الآخر الذى له عظيم الأثر على تطور المدينة هو جان ميشيل أولاس رئيس و مالك النصيب الأكبر من أسهم فريق المدينة لكرة القدم , وهو أول فريق فرنسى تتداول أسهمه فى البورصة الفرنسية . هدايا محمد على ربما أهم ما هو باق فى فرنسا , من تحالف محمد على , والى مصر ومؤسس مصر الحديثة مع شارل العاشر , حاكم فرنسا , حليفته فى مجمل ما قام به من حروب أثناء فترة حكمه , هما مسلة الكونكورد الأقصرية المنشأ و الموجودة اليوم فى مدينة باريس , و حيوان الزرافة الذى شاهده الفرنسيون للمرة الأولى من خلال أرسال محمد على لثلاث زرافات من السودان كهديه لشارل العاشر و شعب فرنسا عام 1827, و قد أحدث وجود هذا الحيوان طوال فترة ليست بقليلة دهشة و إنبهارا لا مثيل لهما فى فرنسا كلها, و لليوم تبقى أحفاد تلك الهدية الغريبة فى حديقة الرأس الذهبية أو بارك دى لا تيت دور , و التى هى شبه حديقة الحيوان الخاصة بمدينة ليون , و تلك الحديقة أقرب ما تكون في موقعها و دورها , كرئة تتنفس بها مدينة ليون , و تبقى زرافات محمد على اليوم فى صحة متواضعة نظرا للطقس الأوروبى لمدينة ليون المختلف عن مناخ موطن أجدادهم الأفريقى الأصلى . الإسلام فى ليون نسبة هائلة من سكان مدينة ليون من المسلمين . حيث يقطن المدينة عدد كبير من السكان من أصول مغاربية , و يقبل الكثيرون من سكان المدينة من غير المسلمين على شراء اللحوم و الدواجن المذبوحة على الطريقة الإسلامية نظرا لإنخفاض أسعارها بالمقارنة لما هو متوفر فى أسواق شركات توزيع المنتجات الخاصة أو لدى الجزارين الكلاسيكيين . كما يحافظ المسلمون فى المدينة على أداء شعائرهم الدينية , خلال شهر رمضان و خلال مواسم الأعياد , كما يحافظون على أداء صلاة الجمعة فى حرم جامع ليون الكبير , وهو الذى قد أسهمت المملكة العربية السعودية فى إنشائه . و في النهاية تبقى مدينة ليون عاصمة المقاومة فى الحرب العالمية الثانية , حيث كانت عاصمة جنوبفرنسا و الأراضى المحررة غير الخاضعة للاحتلال النازى وفية لتاريخها . حيث تبقى المدينة فخورة بماضيها ناظرة للمستقبل مستشرفه آمالا عالقة على أبنائها و كل محبيها و محبى خصوصيتها التاريخية و التعليمية المميزة فى واقع فرنسا الآنية.