لم أسمع منك كلمة وداع، لم أسلم عليك، دمائي التي سالت لا تتركها يابابا، امسح بيديك عليها، لا أنا ما عملتش أي شقاوة، حتي اسأل عمو أحمد وأبلة سعاد، أنا فضلت مكاني، وفجأة حسيت بنار داخلة جوه قلبي، حسيت بجسمي بيتقطع، صرخت، وناديت عليك بأعلى صوت، الحقني يابابا انت اتأخرت قوي، انت فين ياماما، ما لقتش حد جنبي ما لقتش غير الدم يابابا، دخان كتير خنقني والنار اللي كنت بتحذرني منها حرقتني يابابا، كانت في كل حتة حواليا، ناديت عليك كتير قوي، ما تزعلش مني يابابا، من فضلك أنا ماعملتش حاجة، أنا مش صغيرة كان نفسي محمد يشوف مدرستي الجديدة، حتي شنطتي مش عارفة فين، كل الكراسات بتاعتي اتقطعت، حسيت إني محبوسة يابابا، حسيت إني مخنوقة كنت عطشانة قوي، وكنت بترعش، الدنيا كانت حر قوي ، وبعدين حسيت بنار كأنها بتكويني يابابا، محمد أخويا كان جنبي، حاولت أدورعليه، لكن الدنيا كانت ضلمة، مع إننا كنا الصبح، مش عارفة الضلمة دي ايه سببها، وبعدين شفت نور بسيط، حاولت امشي ناحيته، ما قدرتش، وسمعت صوت محمد أخويا بينادي عليا، وأنا مش شايفاه، وما سمعتش صوته تاني، صوت جامد قوي سمعته يابابا، زي صوت الطيارات اللي سمعناها، لما سألتك عنها يابابا وقلت لي ده صوت طيارة، صوت زي كده سمعته، خفت قوي، اترعبت، كلهم بيصوتوا، وبيعيطوا، بعد كده لقيت نفسي متعلقة وجسمي كله بينزل دم، والنار في كل هدومي مش عارفة متعلقة إزاي، وكل ما أحاول أشد نفسي، ما اقدرش، حاجة كانت بتمسك فيا، مش قادرة أخلص منها بتشدني من رقبتي، محشورة في قلبي، الدم كان نازل من راسي يابابا علي عيني، ما بقتش شايفة حاجة خالص، ومش عارفة إيدي راحت فين، كان نفسي تكون معايا وتمسح الدم ده اللي دخل جوه عيني، حسيت إني تعبانة قوي، وبطني كانت وجعاني خالص، وافتكرت إنك وعدتني يا سي بابا، إنك هتعمل الواجب معايا، علشان تعرف إني شاطرة مش بليدة، عارفة إنك هتسألني عن سندوتشاتي، ما تزعلش مني يابابا، أنا ما كنش ليا نفس، وما قدرتش آكل أي حاجة، ما انت عارف أنا كنت عيانة، وعندي اللوز، ما قدرتش أبلع أي حاجة، وانت صممت اني أروح المدرسة النهاردة، ده حتي أبلة سعاد جنبي ومش عارفة مش بترد ليه لما بنادي عليها.. الحقني بقه يابابا، انت فين، أنا زعلانة منك، الحقني يابابا، أنا بموت، أنا خايفة، تعالي بسرعة، يامحمد ..انت فين.. يا أبلة سعاد ردي عليا.. انت فين ياماما ..تعالي بقه يابا.. آه النار بتاكلني يابابا....... انفصلت رأس بنيتي وزهرة عمري، وسقط جسدها النحيف يستغيث تفحمت بنيتي وصار جسدها محاطا بملائكة ربي، أمسكت بقايا رأسها المتفحمة نظرت لما تبقى من حبيبة عمري هدير، نعم تفحمت ولكنني أري علامات الفزع والرعب التي ارتسمت علي وجهها، بقايا دماء عالقة، قبلت ما تبقي من وحيدتي ..وصرختُ.. كتلة متفحمة بحضني، أجمع بقية بنيان جسدها الذي تقطع وتفحم، لملمت بقايا ابنتي، ولعقت بقايا دمائها، وبحثتُ عن حبيبي محمد.. لم أجده.. وجدت الحديد مختلطا باللحم، ممزوجا بالدماء ورائحة الدخان تملأ المكان، لم أشأ أن أذهب لزوجتي.. فضلت أن أجري من أمامهم جميعا ..ومعي بقايا ابنتي.. وافترشت الأرض بعيدا.. وسألت ابنتي: فين محمد ياهدير؟ لم ترد.. حملت بقايا ابنتي.. وهرولتُ صارخا مناديا ..ارجع يامحمد.. عد ياولدي.. هدير معايا يامحمد.. انت فين يابني.. فين شنطتك.. فين كتبك.. فين قلمك فين اي حاجة منك.. كده يامحمد ..والله هتاخد علقة سخنة لما ترجع.. إزاي تسيب اختك لوحدها.. انت أكيد مستخبي مني.. ما تخفش يامحمد ..مش هضربك.. ارجع ياحبيبي.. أنا تعبت.. مش هلعب معاك تاني.. طيب تعالي وأنا هجبلك العجلة اللي انت عايزها.. يامحمد.. ارجع أنا هنا رد علي يابني ..........