بالقطع فان احدى عقد الحياة السياسية والعامة فى هذا البلد، انما تكمن فى الازدواجية والانتقائية التى نفسر بها النصوص الدستورية والقانونية على الكيف والمزاج. وضمن تجليات تلك الظاهرة موضوع حظر الاحزاب الدينية طبقا لاحدى حسنات دستور 2014 القليلة والوارد نصها فى المادة 74 من ذلك الدستور، والاصل فى اصرارنا على تنفيذ تلك المادة (بنصها وروحها) هو ان السماح بلون من المرجعية الدينية لأى تشكيل سياسى يعنى الاعتراف باطلاقية الافكار التى يتكئ عليها كونها (مقدسة) وبما يصادر على الرأى الآخر، ويقضى قضاء مبرما على مبدأ تداول السلطة، اذ كيف يمكن ان نتداول الحكم مع من يدعى قداسة افكاره وعصمتها.. واليوم.. كلما رفعنا اصواتنا بضرورة تنفيذ النص الدستورى بحظر الاحزاب الدينية، يتمترس انصار الدولة الدينية امامنا خلف مقولات لتخويفنا من طراز: (ان منع تلك الاحزاب سيؤدى الى عودة اعضائها الى العمل السرى) او (ان الاسلام دين الدولة طبقا للدستور وبرامج تلك الاحزاب سياسية ولكن مرجعياتها دينية اى انها تنفذ ما جاء فى الدستور)، او (ان النص الدستورى واضح ولكننا نحتاج الى نصوص قانونية واضحة بلا لبس)، او (ما هو المقصود بالحزب ذى المرجعية الدينية وهل هو مقصور على الاخوان وحزب الاستقلال ضمن تحالف دعم الشرعية بعدما حظر الحرية والعدالة حكم من المحكمة الادارية العليا، وحظر الاخوان قرار مجلس الوزراء باعتبارها جماعة ارهابية، اما تحالف دعم الشرعية فقد حظر انشطته حكم محكمة القاهرة للامور المستعجلة). بالعربى.. نحن امام مرحلة جديدة من اللغو البيانى والعك القانونى الذى يستهدف انهاكنا واجهادنا لتوضيح الواضح وتفسير المفسر. فصل الدين عن السياسة هو مبدأ اساسى فى العملية السياسية المصرية.. وتشكيل الاحزاب على اساس دينى او عسكرى ممنوع على نحو قاطع.. والتحايل على تلك المبادئ سيدخلنا الى مستنقع رمال ناعمة لن نخرج منه، وسوف يؤثر بنحو خطير على البرلمان الوشيكة انتخاباته.. الاحزاب الدينية او ذات المرجعية الدينية خطيئة ديمقراطية سوف تعود بهذا البلد الى المربع رقم (1) وهى حصان طروادة الذى سيدخل به الاخوان من الشباك بعدما فشلوا فى الدخول من الباب. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع