«القطن» كان حتى وقت قريب المحصول الاستراتيجى الأول لمصر ولكن منذ سنوات هجر الفلاحون زراعته وتدنت المساحة المنزرعة منه إلى 300 ألف فدان بعد أن كانت نحو مليونى فدان، وقد ارتدى بعض الفلاحين السواد حزناً على قتلاهم من قناطير القطن فى أكياسها المكدسة فى منازلهم. وكل الخوف أن يصل بهم اليأس، ويحرقون القطن بعد جمعه مثلما سبقهم أحدهم، وأحرق حقله بما فيه من عيدان ولوز متفتح لعدم قدرته على مجابهة تكاليف الجمع مع تدنى السعر وعدم وجود مشتريات القطن الذى كانت تؤجل من أجله الدراسة فى مدارس المحافظات التى بها مساحات قطن حتى يتمكن تلاميذ المدارس من مواصلة جمع القطن سواء مع عائلاتهم أو بالأجرة فى أراضى الغير، والآن نجد كثيرا من الاراضى بها اللوز المتفتح بلونه الابيض الناصع ولايجد من يجمعه إحجاما من أصحاب الاراضى لزيادة تكاليف الجمع، وتدنى أسعار البيع (هذا الموسم أقل من 1000 جنيه والسنة الماضية 1700 جنيه للقنطار). ويقول المتخصصون فى زراعة القطن إن تكلفة انتاج القنطار الآن 1500 جنيه (بدءا من تجهيز التربة للزراعة وزراعة البذرة مرورا بعمليات الخدمة والمقاومة) فلابد من وجود سعر مجز تحدده الدولة قبل موسم الزراعة لتشجيع زراعته وزيادة المساحة المنزرعة وبالتالى سوف يبذل الفلاح قصارى جهده لزيادة دخله من القطن الذى ينفق عائده على زواج بناته وتعليم أولاده وتسديد ديونه. لقد أصدر رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب قرارا بتخصيص مبلغ 425 مليون جنيه كإعانة نقدية توزع على الفلاحين مزراعى القطن وبحساب أن المساحة المنزرعة 300 ألف فدان يكون نصيب الفدان 1400 جنيه فاذا كان متوسط إنتاج فدان القطن 7 قناطير تكون الإعانة 200 جنيه للقنطار ويطالب مسئولو الجمعية العامة لمزراعى القطن بألا تقل الإعانة عن 400 جنيه هذا العام. وفى الأعوام السابقة، والتى نتمنى ألا تحدث هذا العام كانت أكياس القطن تخزن فى أفنية الجمعيات الزراعية بعد تسلمها من الفلاحين فى شهرى أكتوبر ونوفمبر وتظل فى أكياسها معرضة للأمطار طوال شهور الشتاء على الأرضيات الترابية مما يصيبها بالعفن فى المنطقة الملامسة للارض الترابية، وكأن مسئولى لجان فرز واستلام القطن يدشنون مبدأ جديدا هو (التخزين فى الوحل)... لذا يجب تطوير منظومة تداول وتخزين أكياس القطن حتى لاتصاب بالأعفان كما أن سرعة نقله للحلج وفصل البذرة لإنتاج الزيت سوف ينعكس على جودة القطن الشعر وجودة الزيوت المنتجة. نتمنى أن تتضافر الجهود ليستعيد ذهب مصر الأبيض بريقه ومكانته العالمية وأن تزول الكآبة من على وجوه فلاحى مصر بصفة عامة ومزارعى القطن بصفة خاصة. م. جلال على غريب قرية بغداد العامرية الاسكندرية