بعد فتح باب التحويل بين المدارس 2025/2026.. رابط مباشر وخطوات التقديم والشروط الكاملة    اليوم.. بدء تنسيق الثانوية العامة والفنية 2025.. رابط وشروط التقديم والحد الأدنى ب16 محافظة    سعر السبائك الذهبية اليوم الاثنين 7 يوليو 2025.. «بكام سبيكة ال10 جرام؟»    شقق الإسكان الاجتماعي 2025.. الموعد والشروط الكاملة ل حجز سكن لكل المصريين 7    تعليق حركة الطيران في مطار بن جوريون بعد إطلاق صاروخ من اليمن    بعد أحمد ربيع.. الزمالك يحصل على توقيع صفقة سوبر بتوصية من فيريرا (خاص)    أحمد بلال ينتقد مجلس إدارة الزمالك.. وطارق يحيى يقاطع ويرد: «أحط صوابعي في عينيه»    برقم الجلوس.. موعد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 في الشرقية فور اعتمادها (رابط الاستعلام)    فريدة سيف النصر تهاجم مها الصغير: هل لديكي أقوال أخرى؟    الكأس الذهبية، المكسيك يحسم النهائي السادس أمام الولايات المتحدة    بسبب كسر ماسورة مياه.. هبوط أرضي كبير بمحيط مجمع محاكم الإسماعيلية    تردد قناة MBC Action hd الناقلة لمباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية 2025    الزمالك يتحرك لضم مدافع منتخب مصر.. خالد الغندور يكشف    «الصحفيين»: لجنة المشتغلين الجديدة يومي 16 و17 يوليو الجاري    كيريل دميترييف: مجموعة البريكس تمثل حوالي 40% من الناتج المحلي العالمي    موجة حارة تتجاوز ال 42.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين    مصرع فتاة وإصابة 7 آخرين في حادث تصادم مروع بأسيوط    خبير اقتصادي: سيناريو يوم القيامة ووصول الدولار إلى 70 جنيهًا لن يحدث (فيديو)    دنيا ماهر تتحدث عن قُبلة عادل إمام لها في «عوالم خفية» (فيديو)    عليك تقدير ما تملك.. حظ برج الدلو اليوم 7 يوليو    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    إدوارد ينهار من البكاء: «حقن التخسيس دمرتني« (فيديو)    يفاقم حالات مرضية بعضها مزمنة.. خبراء تغذية يحذرون من «غمس البسكويت في الشاي»    مدرب الزمالك السابق: شيكابالا لديه عقلية انتصاريه وأي مدرب يتمنى تدريبه    أحمد حمودة: حسام عبد المجيد لم يقدم شئ للزمالك وتجديد عبدالله الصفقة الأفضل    وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره البريطاني المستجدات في المنطقة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مواقع تابعة لحزب الله في لبنان    وزير خارجية فرنسا لنظيره الإيراني: نطالب بالإفراج الفوري عن مواطنينا المحتجزين    حريق ضخم في مصنع بطاريات قرب مدريد يستمر ليومه الثالث    عاجل| «أديس» تواصل البحث عن المفقودين الثلاثة في حادث غرق البارجة «أدمارين 12»    حملات للكشف عن تعاطي المخدرات لقائدي المركبات بكفرالشيخ    الإمارات تنفي منح الإقامة الذهبية للمستثمرين في العملات الرقمية    تعرف على خطوات التصالح في مخالفات البناء وفقا للقانون    تعرف على طريقة إبلاغ الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية عن الجرائم المرورية والجنائية    شاهيناز تطرح أحدث أغانيها "سوا" على يوتيوب    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 7-7-2025 في محافظة قنا    "ملف اليوم" يناقش مفاوضات التهدئة في غزة.. تحرّك أمريكي وتساؤلات حول فرص النجاح    أمير هشام: الاهلي لم يفكر مطلقا في ضم حجازي    طريقة عمل الآيس كوفي منعش ولذيذ في الطقس الحار    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    المكتب الحكومي في غزة ينفي ضلوع «حماس» في الهجوم على موقع إغاثة    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    الداخلية تواصل تطوير خدماتها: منافذ جديدة وتقنيات ذكية لتيسير الإجراءات على المواطنين | فيديو    حريق يلتهم شقة سكنية في عزبة النخل    25 صورة من عزاء المطرب الشعبي أحمد عامر    يوتوبيا: قصة المدينة الفاضلة التي وُلدت كبديل للطغيان والفساد    عن "دار العلوم" العزيزة أتحدث    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    سرقوا توكتوك وصاحبه تحت الإكراه .. محاكمة لصوص مدينة نصر أمام الجنايات    على طريقة غادة والي.. فنانة دانماركية تتهم مها الصغير بسرقة لوحاتها    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    تعرف على مواصفات اختبارات القدرات 2025 بكلية الفنون الجميلة    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    تجهيز مركز طب أسرة الزهراء بطور سيناء استعدادًا لبدء التشغيل (صور)    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن البورقيبية العائدة
من هو «نداء تونس» ولماذا تفوق على «النهضة» ؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 10 - 2014

لعل السؤال الذى يطرح نفسه فى العالم العربى الآن هو من حزب حركة "نداء تونس" هذا الذى تمكن من التفوق على "النهضة" أقوى الأحزاب الإسلامية المصرح لها قانونا فى المنطقة ،وحرمها من العودة إلى تشكيل الحكومة فى أولى دول ثورات الربيع العربي؟ ولماذا جاء هذا الحزب الأول فى الانتخابات التشريعية بتونس، وعلى حساب "النهضة" الذى يضرب بجذوره إلى عقد السبعينيات ،ومع أنه لم يتأسس إلا فى يونيو 2012، أى منذ أقل من عامين ونصف العام ؟
فى محاولة للتعرف مبكرا على هذا «النداء» الذى أطلق عليه خصومه مع مولده وصف " الظاهرة الإعلامية ليس إلا «كنت قد ذهبت إلى مقر الحزب بالعاصمة فى نوفمبر 2012. ولفت نظرى صورة ضخمة معلقة لمؤسس تونس الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة. ولقد استدعت الصورة على التو لقاء مع زعيم الحزب «الباجى قائد السبسى» فى مقر الحكومة بالقصبة، وقتما كان رئيسا للوزراء فى الحكومة، التى أجريت فى عهدها انتخابات المجلس التأسيسى خريف 2011، وجلبت «النهضة» إلى الحكم .
فقد لاحظت غطاء رأس مميزا مطروحا على أحد مقاعد الغرفة . فاستفسرت فأجابنى «سى الباجي» بأن بورقيبة كان يرتدى مثل هذا الغطاء. وواقع الحال فإن علاقة " السبسي" بأول رئيس لتونس الملقب ب «أب التونسيين» يقاسمه فيها العديد من شخصيات الدولة التى تولت مناصب وزارية وحزبية ( وقت الحزب الواحد) فى زمن بورقيبة المديد ( 1956 1987). لكن الرجل الذى ألف كتابا ضخما فى الوفاء للزعيم بعنوان " الحبيب بورقيبة المهم فالأهم " لعب بمهارة بعد الإطاحة ب «بن على» على ميراث البورقيبية . فأعاد تقديم نفسه للتونسيين فى صورة بورقيبة الأب .

وأى محاولة لفهم «النداء» يجب أن تنتهى إلى دور الزعيم المؤسس . وقصة مولد الحزب فى ذاتها خير شاهد. وكما روى لى «الأزهر العكرمى» لدى زيارتى لمقر الحزب، فقد بادر السبسى منفردا فى 26 يناير 2012 إلى إصدار نداء إلى مختلف القوى السياسية للتوافق على الدفع نحو انتخابات مبكرة، مستغلا سخط قطاعات من الرأى العام على حكم الترويكا الثلاثى بقيادة النهضة، والتخوف من جر البلاد إلى مشروع «دولة دينية». وكما قال «الأزهر» وهو وزير سابق فى حكومة السبسى بعد الثورة: «اتضح إلى أى حد مع نهاية ولاية حكومة السبسى أن هذا الرجل محبوب شعبيا، وأن هناك رضا من الجمهور على أداء حكومته. فقد نجحت على الأقل فى الحد من الخسارة فى الاقتصاد وأعادت الأمن و اعتمدت فى الإدارة على ثقافة الدولة. ومع الوقت كلما تبين سوء أداء حكومة الترويكا أخذ الناس فى المقارنة بينها وبين حكومتنا».

وبالقطع فإن «النداء» ليس حزبا أيديولوجيا عقائديا. فقيادته تأتى من مشارب متنافرة اجتمعت حول «السبسي» . فهناك النقابيون كالأمين العام الطيب البكوش، وهو واحد من الشخصيات المهمة فى تاريخ الاتحاد العام للشغل «العمال»، والدستوريون «نسبة إلى رجال عهد الحزب الحاكم زمن بورقيبة»، وحتى التجمعيون «نسبة إلى تغير اسم الحزب الحاكم مع زمن بن على»، فضلا عن ليبراليين وبعض الشخصيات المحسوبة على اليسار. كما يضم الحزب ويقف وراءه ماليا مجموعة بارزة من رجال الأعمال، لاتخلو ممن ينتسبون إلى رأسمالية محاسيب زمن بن على. ولقد أثارت هذه التركيبة المتنافرة فى قيادة الحزب ومازالت توقعات بانفجار الحزب من الداخل عند أى أزمة. وربما يفسر هذا من بين أسباب أخرى لماذا لم يعقد «النداء» مؤتمره التأسيسى إلى الآن . ولماذا لم ينتخب هياكله القيادية بعد. لكن الحزب استطاع تجاوز أزمة ترشيحات رؤساء قوائمه للانتخابات التشريعية فى الدوائر المهمة. وإن كان قد خسر فى هذه الأزمة العديد من نوابه فى المجلس التأسيسى «انخفض عدد كتلة من انضموا للحزب من 11 نائبا إلى نائبين فقط».

ومفارقة فوز «النداء» فى الانتخابات التشريعية رغم كل هذه الملابسات تتمثل أيضا فى أنه ليس بالحزب جيد التنظيم على غرار حالة «النهضة». صحيح أن مصادر الحزب تقدر عدد أعضائه بنحو 100 ألف. وهو رقم مقارب لأعضاء النهضة. لكن قصر عمر الحزب وعدم عقد مؤتمره التأسيسى يمنعان بناء تنظيم قوى . ومع هذا فإن الحزب أثبت فى هذه الانتخابات أنه يمتلك ماكينة انتخابية لابأس بها تستند إلى إمكانات وافرة، وإلى خبرات سياسية لرجال دولة. ويبدو أن «النداء» قد عوض ضعفه تنظيميا أمام النهضة بالنجاح فى تسويق نفسه إعلاميا بوصفه البديل السياسى عنه والمناقض لمشروعه الإسلامى. هذا على الرغم من أن النهضة يمزج بين الإسلام السياسى والحداثة. ولقد استثمر «النداء» منذ مولده فى أن تونس تعيش استقطابا سياسيا بين العلمانيين والإسلاميين. وأن طرفى هذا الاستقطاب تحديدا هما النهضة والنداء. ومع المعركة الانتخابية لم يهادن الحزب فى تأجيج هذا الاستقطاب فى مواجهة خطاب النهضة التوافقى الذى ينكر هذا الاستقطاب ويسعى لتجاوزه. والأهم فى سياق المعركة الانتخابية أن الحزب رفع شعار «التصويت النافع»، داعيا الناخبين إلى التركيز على التصويت له. وبزعم أن التصويت للأحزاب العلمانية الأخرى يصب فى صالح النهضة ويمنحها الفرصة كى تحل أولا، فيجرى تكليفها بتشكيل الحكومة الجديدة .ومن ثم يعود الإسلاميون إلى الحكم.

عوامل الضعف فى «النداء» التى أشرنا لها سابقا وفى ظل خريطة حزبية سريعة التغيير والتقلبات ترجح كون هذا الحزب حصد معظم أصواته بفضل الاقتراع العقابى لناخبين أرادوا أن يعترضوا على النهضة وتجربته فى الحكم، وبعدما خابت آمالهم فى وعوده التى قدمها عام 2011. وهكذا صوتوا للنداء ليس اقتناعا به .بل لأنه بدا فى ظل صورة الاستقطاب التى روج لها الإعلام بمثابة البديل العملى الذى يمكنه هزيمة الإسلاميين. وهذا بصرف النظر عن برنامج النداء الانتخابى .وهو برنامج ينتمى على صعيد الخيارات الاقتصادية والسياسية إلى يمين الوسط والليبرالية الجديدة . تماما كبرنامج «النهضة».

ولأن الانتخابات هذه المرة تغلب عليها الاعتبارات الشخصية أكثر مما كان عليه الحال فى خريف 2011 فقد لعب رؤساء القوائم فى الدوائر دورا أكثر تأثيرا .وهكذا لم يكن برنامج الحزب أو قوته التنظيمية وقدرته على الحشد فى المؤتمرات الجماهيرية هى العوامل الحاسمة فى اختيارات الناخبين. بل جاء أولا مدى شهرة رؤساء القوائم وعلاقتهم بأبناء الدائرة. وفى هذا السياق فإن السبسى وحلقة ضيقة محيطة به قرأت هذه المتغيرات جيدا. وعملت على اختيار رؤساء قوائم الحزب بعناية وفق هذه المتغيرات. علما بأن ثقل «النداء» يتركز فى دوائر الساحل التونسى بشرقى البلاد خلافا لحالة النهضة الذى تعد دوائر ولايات الجنوب معقله التقليدي. وقد سجلت نسب التصويت إقبالا فى الشمال عنه فى الجنوب . كما أن هناك تقديرات بأن الشباب المحبط من بطء التغيير بعد الثورة على مستوى أحواله المعيشية وحقه فى العمل قد عزف عن المشاركة إلى حدما .هذا مقارنة بمشاركة ملحوظة لكبار السن والنساء ،ممن يتوجسون من «النهضة» ويرون انه يخفى مشروعا يهدد مكاسب الدولة المدنية منذ عهد «بورقيبة».

مستقبل النداء يتوقف بالأساس على مؤسسه وزعيمه «السبسى» (88 عاما). وأيضا على نخبة قيادته التى تنتمى أساسا إلى بورجوازية العاصمة جيلا بعد جيل، والمرجح أنه فى حال فوز «السبسي» نفسه بالرئاسة، فإن «النداء» سيستبعد «النهضة» ويأتلف مع أحزاب أقل تمثيلا فى البرلمان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.