فى كلمته التى خاطب فيها الشعب الكندى عقب الحادث الارهابى الذى تعرضت له كندا مؤخرا أكد رئيس الوزراء ستيفن هاربران مثل هذه الحوادث تدعو إلى تقوية العزم ومضاعفة جهود وكالات الأمن القومى لاتخاذ كل الخطوات الضرورية لتحديد التهديدات والتصدى لها والحفاظ على كندا آمنة . وأضاف هاربر “ ان واقعتى هذا الأسبوع تبعثان على التذكير بشكل مخيف بأن كندا ليست فى مأمن من اشكال الهجمات الإرهابية التى نراها فى أماكن أخرى من العالم.” وقد تباينت ردود افعال الكنديين حول الحادث الارهابى الذى وقع فى العاصمة الكندية اتاوا.حيث تمت مهاجمة البرلمان الكندي، عقب اطلاق نار استهدف جنديا امام النصب التذكارى للجندى المجهول فى الساحة المقابلة للبرلمان الكندي. وقد استطاعت قوات التأمين اصابة أحد الارهابيين الذى سقط قتيلا فى حين يتردد ان شركاء له قد لاذوا بالفرار. واعلنت الشرطة الكندية عن رفع حالة التحذير للحالة القصوى فى جميع انحاء كندا ، كما تم اغلاق كل المداخل للعاصمة الكندية اتاوا يوم الاربعاء الماضى فى حين قامت قوات الامن بتمشيط المناطق المحيطة بالبرلمان وتأمين مغادرة رئيس الوزراء واعضاء البرلمان . وحتى الآن لم تعلن السلطات الكندية بشكل قاطع عن عدد منفذى العملية التى تعد الاكبر فى تاريخ كندا. ولكن التصريحات التى اعلنها بعض مسؤلى الامن ترجح الى ان الحادث يمكن ان يكون ردا على مقتل ارهابى قبل ايام عقب مطاردة الشرطة له بعد دهسه اثنين من افراد الجيش الكندى فى ولاية كيباك ومحاولته الفرار واشهاره السلاح فى مواجهة الشرطة. وهو ما لا يفصله المحللون عن قرار الحكومة الكندية بالاشتراك فى التحالف الدولى للحرب على داعش، الذى اتخذه رئيس الوزراء الكندى ستيفن هاربر وحصل على تأييد البرلمان له بإرسال ست طائرات مقاتلة من طراز «سى إف 16 »، إضافة إلى طائرة تزود بالوقود وطائرتين للاستطلاع من طراز «أورورا سى بى 140»، وأخرى للنقل الجوى من طراز «سى سى 150. القرار الكندى بالمشاركة فى الحرب على داعش شهد جدلا واسعا داخل كندا ، التى تؤكد استطلاعات الرأى فيها الى عدم ميل الشعب الكندى للتدخل العسكرى خارجيا ، وقد شن رئيس الوزراء الاسبق “ جان كريتيان” هجوما على القرار داعيا جميع الكنديين الى اختيار الدعم الانسانى فى مثل هذا النوع من الحروب. وفيما يبدو ان تغييرا ما قد طرأ على ردود افعال الكنديين خاصة بعد التهديد المباشر الذى وجهته داعش لكندا، حيث أشار استطلاع اجراه مركز ايكوس براديو كندا الى ان 44% من الكنديين يوافقون على المشاركة عسكريا فى التحالف الدولى للقضاء على داعش فى مقابل 42% يفضلون الدعم الانساني. على مستوى آخر فإن احد مسئولى الشرطة فى اتاوا صرح بأن مرتكب حادثة دهس الجنود هو واحد ضمن قائمة تضم 90 شخصا تضعهم الشرطة الكندية تحت المراقبة نظرا لتوجهاتهم المتطرفة ومحاولتهم الانضمام لتنظيم داعش عبر الحصول على تأشيرات سفر لتركيا ومن ثم الالتحاق بصفوف داعش فى العراقوسوريا. وهو ما اكده الناطق الرسمى باسم وزارة الامن العام والحماية الكندية جان كريستوفر بقوله ان الاستخبارات نبهت السلطات الكندية إلى وجود أشخاص أو ومجموعات فى كندا أو الخارج لها النية والقدرة على ارتكاب أعمال إرهابية. ويأتى ذلك بعد الاعلان عن ان ما يقرب من 130 كنديا قد غادروا كندا للانضمام لمجموعات ارهابية فى سوريا و العراق واليمن والصومال وشرق افريقيا. وهو ما افاد به مدير وكالة الاستخبارات الكندية، ميشيل كولومبي، فى شهادته أمام لجنة الأمن والدفاع فى مجلس الشيوخ الكندى . وهذا تحديدا هو ما دفع حكومة هاربر الى استصدار قانون بسحب الجنسية الكندية ممن يثبت تورطه وانضمامه لتنظيمات ارهابية، وهو القانون الذى تم تنفيذه بالفعل على بعض الاشخاص. وفى امر لافت للنظر فإن وسائل الاعلام الكندية كانت تتعامل مع تغطية الحدث بحذر بالغ فقد تجنبت وسائل الاعلام التى تم رصدها الاشارة لديانة منفذى العملية الارهابية الاخيرة امام البرلمان الكندى . فى استجابة واضحة لما دعت له عدد من المنظمات والجمعيات الاسلامية فى كندا بضرورة توخى الحذر وعدم وصم المسلمين بالارهاب.خاصة بعدما تردد من تأكيدات ان تنظيم الدولة الاسلامية فى العراقوسوريا نجح فى تجنيد خمسة من الشباب الكندى ذوى الاصول الصومالية والذين سافروا بالفعل للالتحاق بالتنظيم. من ناحية اخرى فقد سادت حالة من الغضب فى الشارع الكندى عقب الحادث ؛ واعرب العديدون عن صدمتهم من امكانية تعرض كندا لعمليات ارهابية. ومع ذلك وفى استجابة سريعة للسلطات الامنية تم اغلاق جميع المصالح والهيئات الحكومية والمجتمعية بالعاصمة، وكذلك المحال التجارية فى المناطق المحيطة بالبرلمان وتوقفت حركة المواصلات من والى وسط العاصمة، فى حين تم اغلاق المدارس ومنع الطلبة من الخروج لحين انتهاء اجراءات التأمين المطلوبة. ويرى بعض المحللين ان تواتر العمليات الارهابية فى الداخل الكندى ربما يمنح حكومة هاربر والمحافظين الكنديين شعبية اكبر فى الايام المقبلة ، مما يقلل من فرص الليبراليين فى الانتخابات البرلمانية التى تستعد كندا لها خلال شهور. وكان السياسيون يرجحون ان الحكومة الكندية القادمة ستكون حكومة ليبرالية بالتأكيد خاصة ان حالة من عدم الرضاء عن اداء حكومة هاربر المحافظة تسود الشارع الكندي. وهو الامر الذى قد يشهد تغييرا ملحوظا فى الايام القليلة المقبلة.