بينما كانت حرب الاستنزاف على أشدها خصوصا منذ مطلع عام 1970 الذى شهد تطورا سياسيا بالغ الأهمية فى زيارة سرية قام بها الرئيس جمال عبد الناصر إلى موسكو خلال شهر يناير ونجح خلالها فى موافقة السوفيت على تزويد مصر بصواريخ سام 3 اللازمة لاستكمال منظومة الدفاع الجوى رفعت إسرائيل من وتيرة التصعيد ضد قواتنا بشكل عام وضد أضخم عمل إنشائى لبناء حائط الصواريخ الذى اكتمل بناؤه يوم 30 يونيو 1970 وأصبح التحدى أمام مصر هو كيفية الانتقال بهذا الحائط من كونه حائطا دفاعيا يؤمن جبهة قناة السويس والعمق المصرى إلى حائط هجومى يؤمن يوم العبور الكبير لقناة السويس. ومن هنا يكمن فهم دواعى وأسباب قبول جمال عبد الناصر فى يوليو 1970 المبادرة الأمريكية وتحمله الهجوم الظالم من الشامتين والشتامين العرب، بينما كان هذا القبول هو نقطة البداية الحقيقية للتحرك والانتقال من حرب الاستنزاف إلى حرب العبور فى حماية حائط الصواريخ الذى وفرت المبادرة الأمريكية وترتيباتها الفرصة لمصر لكى تحرك حائط الصواريخ إلى حافة القناة من خلال معجزة عسكرية وهندسية وسياسية وإعلامية أفقدت الإسرائيليين توازنهم. لقد بنت مصر حائط الصواريخ الرهيب فى أقل من عام تحت القصف الجوى المركز لطائرات الفانتوم الأمريكية التى حصلت عليها إسرائيل ودفعت مصر ثمنا غاليا من دماء شهدائها لكى تستكمل هذا البناء الذى كان بمثابة المدخل الصحيح لبدء التفكير فى رسم خطة عمليات دقيقة ومأمونة قادرة على إنجاز حلم العبور... وهو ما تحقق بالفعل يوم 6 أكتوبر عام 1973 بأقل قدر من الخسائر البشرية نتيجة عجز الطيران الإسرائيلى عن الاقتراب لمسافة 20 كيلو مترا شرق القناة بفضل رجال الدفاع الجوى وعلى رأسهم المشير محمد على فهمى رحمه الله فقد صنع رجال الدفاع الجوى معجزة بكل المقاييس ولم يمكنوا الطيران الإسرائيلى من تعطيل عملية العبور أو التأثير على مرابض المدفعية المصرية على طول الجبهة، وظل هذا الصمود قائما منذ يوم 6 أكتوبر إلى يوم 16 أكتوبر قبل أن توفر طائرات الاستطلاع الأمريكية لإسرائيل صورا تمكنها من التسلل برا عبر المنطقة الفاصلة بين الجيش الثانى والثالث حيث تمكن الكوماندوز الإسرائيليون من إصابة عدد محدود من قواعد الصواريخ غرب القناة لكن الحائط ظل متماسكا حتى وضعت الحرب أوزارها!.. وغدا نواصل الحديث.. لمزيد من مقالات مرسى عطا الله