قيادي بحماس: نرفض المفاوضات تحت وطأة نيران الاحتلال.. ونقاتل من أجل حرية وطن    ملف يلا كورة.. رسائل لاعبي الأهلي.. انتصار سيتي.. وعدد الجماهير في مباراة رادس    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    شوبير: الزمالك أعلى فنيا من نهضة بركان وهو الأقرب لحصد الكونفدرالية    سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    البيت الأبيض: بايدن سينقض مشروع قانون لمساعدة إسرائيل لو أقره الكونجرس    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    عبدالمنعم سعيد: مصر هدفها الرئيسي حماية أرواح الفلسطينيين    التنمية المحلية: 50 ألف طلب للتصالح في مخالفات البناء خلال أسبوع واحد    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    تحذير من ترك الشواحن بمقبس الكهرباء.. الفاتورة تزيد 50 جنيها لهذا السبب    جوارديولا: العمل لم ينته بعد.. ولابد من الفوز بالمباراة الأخيرة    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القاهرة    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    وسيم السيسي: 86.6% من المصريين يحملون جينات توت عنخ آمون    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    شاهد لحظة استهداف حماس جنود وآليات إسرائيلية شرق رفح (فيديو)    شهادة كوهين بقضية شراء الصمت: ترامب كان على علم دائم بما يجري    ميدو يوجه رسالة لاتحاد الكرة بشأن حسام حسن    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    الحماية المدنية تسيطر علي حريق هائل في محل زيوت بالاقصر    بطلقات نارية.. إصابة فتاة وسيدة في مشاجرة بسوهاج    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    تحرير 31 محضرًا تموينيًا خلال حملة مكبرة بشمال سيناء    كامل الوزير: لم نبع أرصفة ميناء السخنة.. والمشغل العالمي يملك البنية الفوقية    حتى لا تقع فريسة للمحتالين.. 5 نصائح عند الشراء «أون لاين»    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    حتى لا تستخدمها ضدك.. 3 تصرفات تجنبها مع الحماة النرجسية    شارك صحافة من وإلى المواطن    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    3 فعاليات لمناقشة أقاصيص طارق إمام في الدوحة    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    ريا أبي راشد بإطلالة ساحرة في مهرجان كان السينمائي    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    قبل انطلاقها في مصر بساعات.. أهم 5 معلومات عن إم جي 4 الكهربائية    بعد سماع أقواله بواقعة "فتاة التجمع".. صرف سائق أوبر من سرايا النيابة    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    أمين الفتوى: «اللى معاه فلوس المواصلات والأكل والشرب وجب عليه الحج»    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أيام من الانتخابات التشريعية :تراجع الصخب السياسى وتأجيل تساؤلات بريئة فى تونس
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 10 - 2014

مظاهر الحياة فى شوارع العاصمة التونسية لا توحى كثيرا بأن ساعات تفصلنا عن ثانى انتخابات تشريعية بعد الثورة . وحرارة الجدل السياسى فى المقاهى وعلى قارعة الطريق، تبدو أقل مقارنة بانتخابات المجلس التأسيسى في23 أكتوبر2011، والتى جلبت حزب "النهضة" الإسلامى إلى الحكم لمدة عامين بالتحالف مع حزبين علمانيين .
وعلى الرغم من أن أعداد الذين تقدموا لسجلات الناخبين تجاوز ما كان عليه الحال عام2011، حيث هم الآن وفق أرقام الهيئة المستقلة العليا المشرفة على الانتخابات نحو أربعة ملايين و285 ألف ناخب .لكن لا أحد بإمكانه الإجابة على هذا السؤال: هل يتجاوز عدد المصوتين هذه المرة من أدلوا بأصواتهم فى أول انتخابات بعد الثورة (3.6 مليونا )؟.
جانب من غياب الصخب الانتخابى فى الشوارع يعود إلى سبب فنى ليس إلا . فهذه المرة تبدو الدعاية الانتخابية أكثر تنظيما .إذ أنه من غير مسموح تعليق أى لافتات أو ملصقات خارج مساحات محددة وموزعة بالمساواة بين 1327 قائمة انتخابية حزبية ومستقلة وائتلافية تخوض المنافسة فى 27 دائرة داخل البلاد. ناهيك عن ست دوائر بالخارج. لكن مثل هذا السبب الإجرائى لا يفسر انحسار الجدل السياسى بين المواطنين التونسيين . وعلى وقع تخوفات بين الطبقة السياسية من إقبال أقل هذه المرة ، قال لنا الأكاديمى والمراقب المخضرم الدكتور " الصادق بلعيد" :" من الصعب بحق التكهن بما سيكون عليه الإقبال غدا" .وأوضح فى إشارة إلى النهضة :" فى عام 2011 كان هناك حزب رئيسى أحسن الناخبون الظن به ومنحوه 41٪ من المقاعد، والآن الكثير ممن منحوا هذه الثقة لهذا الحزب او لحلفائه فى الحكم نادمون عليها ". لكنه استدرك قائلا :"وهذا لا ينفى أن الحزب ما زالت له قاعدته الجماهيرية الكبيرة".
وفى الأيام الأخيرة التى سبقت يوم الصمت الانتخابى، انخرط النهضة برئاسة راشد الغنوشى، ومنافسه الرئيسى حزب نداء تونس بزعامة البورقيبى العتيد الباجى قائد السبسى فى مؤتمرات جماهيرية أشبه بمباراة استعراض قوة فى الفضاء العام . وقد أكد مشهد الموتمرات الانتخابية لمختلف القوائم ما ذهبت اليه استطلاعات الرأى العام قبيل بدء الحملة الانتخابية من أن هذين الحزبين يتصدران السباق دون منافس . وفى حالة "النهضة" فإن استعراض الحشود هذا يكشف عن ماكينة حزبية انتخابية محترفة وقوية . أما بشأن " النداء" وهو تحالف تأسس فى عام 2012 فقط من ليبراليين، وتجمعيين سابقين، عملوا فى نظام الرئيس المخلوع بن على، أو من أنصاره ويرفع شعار الدفاع عن الدولة المدنية فإن مثل هذه الحشود تترجم ثقل الساخطين على حكم النهضة. وأيضا وفرة الإمكانات، ودعم رجال الأعمال.
وباستثناء النهضة والنداء، تبدو المؤتمرات الانتخابية شاحبة،بما فى ذلك مؤتمرات الجبهة الشعبية اليسارية، برئاسة حمة الهمامى التى رشحتها استطلاعات الرأى لتحل فى المركز الثالث . وواقع الحال، أنه مع سير المعركة الانتخابية اتضح أن المركز الثالث للجبهة عرضة للاختطاف من جانب أربعة أحزاب ترأسها شخصيات من نظام بن على . ويطلق عليها الإعلام التونسى الأحزاب الدستورية، نسبة إلى التجمع الدستورى المنحل. وهذه الأحزاب الأربعة مرشحة للائتلاف لاحقا فى كتلة دستورية داخل البرلمان. لكن زهير حمدى، القيادى فى الجبهة الشعبية، استبعد أن يعيد التونسيون إنتاج الماضى. وقال:"سنكون نحن فى المركز الثالث وليسوا هم .ونحن نراهن على وعى وذكاء الناخبين ". وأضاف :"الصراع فى هذه الانتخابات ليس على برامج بل على مشروعات كبرى . ونحن نتقدم فى مواجهة مشروعى الاسلام السياسى، والليبرالية الجديدة بمشروع دولة مدنية ديمقراطية ترعى الحريات والعدالة الاجتماعية".
و نتيجة للمكون التجمعى داخل قيادة وجسم النداء، فإن العلاقة مع أحزاب الكتلة الدستورية محل أخذ ورد. ولعله من مناورات اللحظات الأخيرة قبل الانتخابات قيام الأمين العام السابق لحزب التجمع المنحل محمد الغريانى بالإعلان على الهواء فى برنامج تليفزيونى عن استقالته من النداء، ومن مسئولية المستشار السياسى للسبسى. وقد شفع الاستقالة بقائمة اتهامات بأن الحزب غير ديمقراطى، ولا يقدم بدائل حقيقية . واعتبر مراقبون أن هذه الاستقالة ضربة فى توقيت قاتل، وتخصم من رصيد النداء لحساب الأحزاب الدستورية . إلا أن القيادى فى النداء الأزهر العكرمى، حاول التهوين من عواقب هذ التطور . وأبلغنا فور اختتام مؤتمر حاشد لحملة قائمته الانتخابية فى ولاية بن عروس المجاورة للعاصمة، أن الغريانى بخطوته هذه، وفى هذا التوقيت، عمل لحساب النهضة.ووصف الرجل بأنه "مع السلطة فى أى مكان". واللافت أن إجابات العكرمى على اسئلتنا تجنبت أى هجوم على الأحزاب الدستورية .
ثمة فى خريطة القوى المتنافسة أيضا لاعبون غير هامشيين. فأحزاب منها: الجمهورى لنجيب الشابى، والتكتل لرئيس المجلس التأسيسى مصطفى بن جعفر و المؤتمر، الذى أسسه رئيس الجمهورية منصف المرزوقى ومعظمها ينتمى إلى يسار الوسط تملك حظوظا وإن كانت محدودة فى الخروج ببضعة مقاعد. وعلى أى حال، فإن النظام الانتخابى جرى تصميمه على قاعدة النسبية، وبما يحول دون إعادة إنتاج ظاهرة الحزب الواحد (حزب الأغلبية المطلقة الساحقة)،والتى هيمنت على تاريخ تونس منذ استقلالها عام 1956 وحتى الإطاحة ببن على قبل نحو أربعة أعوام.
وفى حى مونبليزير بالعاصمة، يلفت نظر المتردد على المقر الرئيسى لحزب حركة النهضة أن هذا البناء المميز يبدو أقل جاذبية من ذى قبل، خصوصا أن الطرق المحيطة به أصابها الإهمال وأعمال الحفر. لكن المتحدث باسم الحزب زياد العذارى قال إن النهضة ستحتفظ بكونها القوة رقم واحد فى البرلمان . ولم يستبعد فى تصريحاته لنا أن تحقق نسبة مقاربة لما أنجزته فى عام 2011 . وأضاف قائلا:"لدينا رصيد انتخابى ضخم.. و مؤتمراتنا كانت ناجحة جدا ..نحن متجذرون فى هذا الشعب". وبعد أن عبر عن رضا حزبه عن أداء هيئة الانتخابات، نفى ماردده العكرمى من اكتشاف رؤساء للجان انتخابية من المنتسبين إلى النهضة بالمخالفة للقانون، الذى ينص على الحيادية . بل ذهب العذارى إلى أن النهضة لديها كذلك قوائم برؤساء وأعضاء لجان انتخابية ينتسبون إلى خصومها . وينتهى كما العكرمى إلى القول "إن أداء هيئة الانتخابات بشكل عام مقبول، ولن نترك مثل هذه الملاحظات الجانبية تعكر صفو العرس الانتخابى".
وكشفت شخصية أوروبية فى تونس لنا عن أن دفع الفرقاء فى تونس إلى الثقة بالعملية الانتخابية لم يكن بالأمر السهل. وقال المصدر الذى رفض الكشف عن اسمه إن الأوروبيين كانوا على الخط مع عملية بناء ثقة طويلة استمرت شهورا .وتوجتها جلسات حوار وطنى رعته أربع مؤسسات للمجتمع المدنى، يتقدمها الاتحاد العام للشغل . علما أن يوم الاثنين الماضى شهد جلسة لهذا الحوار طرحت خلاله أحزاب تخوض الانتخابات قلقها من ظاهرة المال السياسى الفاسد . سواء تمثل فى الإنفاق الباهظ المتجاوز للحدود القانونية أو شائعات عن محاولات ستجرى لشراء الاصوات فى مناطق الفقر والتهميش .
لكن بين التونسيين من ينظر إلى هذه الانتخابات فى إطار لعبة دولية كبرى . ومثال ذلك المعلمة النقابية حد الزين عمامى، التى ذكرت أنها امتنعت عن الترشح لأن "المنافسة الجدية تحتاج إلى أموال وفيرة وآلة حزبية ودعم خارجى". وهى فى هذا السياق ترى أن النهضة مازالت إلى حد ما الخيار المفضل للأمريكيين ،فيما يقف الفرنسيون بحسم أكبر الى جانب " النداء". وبصرف النظر عن مصداقية هذا التصور ، فإن النهضة تتقدم إلى هذه الانتخابات بخطاب واضح يدعو الى حكومة وحدة وطنية لا تسثنى النداء و أحزاب رجال بن على . أما النداء" فدعايته تبدو أكثر تحفظا فى إعلان القبول بحكومة ائتلافية مع "النهضة" . وخصوصا أنه يركز فى خطابه على اتهام الحركة الإسلامية بأنها تهديد للدولة المدنية و الهوية الوطنية التونسية .
وفى كل الأحوال فإن فرنسا كانت قد استضافت منذ شهور جولات من الحوار الثنائى بين السبسى والغنوشى .وهو أمر يجعل المراقبين هنا لا يستبعدون ائتلافا حكوميا يضم النداء و النهضة معا. ومن يطالع بتمعن البرنامجين الانتخابيين للحزبين ( نحو ستين صفحة لكل منها )، سيلاحظ مدى التقارب على صعيد السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتبنى خيار الليبرالية الجديدة .بل بالإمكان تصنيف الحزبين على خريطة السياسة لتونس فى خانة واحدة هى : يمين الوسط .
لكن خريطة الائتلاف الحكومى المقبل الذى سيخلف حكومة التكنوقراط برئاسة " مهدى جمعة " لن تتضح إلا بعد الإعلان عن نتائج انتخابات الغد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.