اللجنة العامة رقم 7 مركزي زفتى والسنطة تعلن الحصر العددي لفرز أصوات اللجان الفرعية    بعد جدل أمني، تيك توك تبيع أصولها في أمريكا    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    إشادة بمسيرته العلمية.. تكريم دولي للدكتور الخشت في فرنسا| فيديو    فوز «حسن عمار» في جولة الإعادة بالدائرة الأولى ب انتخابات مجلس النواب ببورسعيد    بناء القدرات في تحليل وتصميم نماذج العواصف الرملية والترابية بالشرق الأوسط    سفير مصر في المغرب يكشف تفاصيل معسكر منتخب مصر قبل كأس الأمم    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    النفيلي وقدح يتصدران.. الحصر العددى لدائرة طوخ وقها بالقليوبية فى إعادة النواب    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    إعلان الحصر العددي بدائرة المنصورة.. رضا عبد السلام ونبيل أبو وردة الأعلى أصواتًا    وكيل فرجاني ساسي يصدم الزمالك: سداد المستحقات أو استمرار إيقاف القيد    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    أمم إفريقيا - منتخب مصر يخوض مرانه الأول في المغرب    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، محمد زهران مرشح الغلابة يقترب من خسارة الانتخابات    بالأرقام، الحصر العددي لجولة الإعادة بالدائرة الأولى بالمنصورة    (اشتباكات الإسماعيلية) إهانات بين الكعب الأعلى: جيش أم شرطة؟.. وناشطون: طرفان في المحسوبية سواء    قرار جديد بشأن دعوى نفقة مصاريف الدراسة لبنات إبراهيم سعيد    قوات الاحتلال تقتحم وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية    تركي آل الشيخ ينفي مشاركة موسم الرياض في إنتاج فيلم «الست»    محافظ القليوبية يستجيب ل محمد موسى ويأمر بترميم طريق بهادة – القناطر الخيرية    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    الزمالك يهنئ بنتايج والشعب المغربى بالتتويج ببطولة كأس العرب    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    الفريق أول عبد الفتاح البرهان: شكراً مصر.. شكراً فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى    تعرف على الجوائز المالية لبطولة كأس العرب بعد تتويج المغرب    الحريديم يصعدون احتجاجاتهم ضد محاولات تجنيدهم في إسرائيل    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    «لم يصلوا أبداً».. حكاية 7 أشخاص احترقت بهم السيارة قبل أن تكتمل الرحلة بالفيوم    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    أكسيوس: تيك توك توقع اتفاقية لبيع عملياتها فى أمريكا إلى تحالف استثمارى أمريكى    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا مصغرا لبحث تطورات المرحلة الثانية بغزة    تحرش وتدافع وسقوط سيدات| محمد موسى يفتح النار على صاحب محلات بِخّة بالمنوفية    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    وائل كفورى ينجو من الموت بعد عطل مفاجئ بالطائرة.. فيديو    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    ترامب يوقع أمرا باعتبار الماريجوانا مخدرا أقل خطورة    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    الحصر العددى فى دائرة حدائق القبة يكشف تقدم المرشح سعيد الوسيمى ب7192 صوتًا    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    وفاة الفنان التشكيلي محمد عمر سليمان    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    تكريم مسؤول ملف السيارات ب«البوابة» في قمة EVs Electrify Egypt تقديرًا لدوره الإعلامي    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب وفن «المش» ممكن
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 10 - 2014

اعتاد العرب على تعريف السياسة على انها «فن الممكن»، ولا ادرى من سوق هذه العبارة فى عالمنا العربية بهذه الكفاءة وهذه السرعة التى وضعت هذا التعريف فى مصاف النصوص المقدسة وحفظه وردده الكثيرون،
رغم ان أساس السياسة ومادتها هى عالم «المش» ممكن، أو ما هو ليس ممكنا وتحويله الى أمر ممكن ومحتمل ويمكن تحقيقه على أرض الواقع. تعريف السياسة فى عالمنا العربى على انها فن الممكن هو الذى أوصلنا الى الحالة التى نحن فيها والتى يكون فيها تقريبا نصف دول العالم العربى ضمن عداد الدولة الفاشلة، أو دول فى طريقها الى الفشل والسبب الرئيس فى ذلك هو اننا بدأنا بتعريفات خاطئة للسياسة. طبعا لدى ملحوظات كثيرة على تعريفات السياسة حتى فى سياقها الغربى مثلى مثل كل من درسوا علم السياسة كعلم. فبداية العلم هو تحديد المفاهيم وكيف يتم تحويل المفاهيم المجردة الى مفاهيم إجرائية يمكن تطبيقها على الارض أو تنفيذ خطط بناء على التعاريف المحددة للمفاهيم الأولية.
السياسة لها تعريفات عدة مثل التعريف التقليلدى المعتمد فى العلوم السياسية وهو «توزيع إمكانات وكل ماهو ذو قيمة فى المجتمع بشكل مشروع ومقبول» وهذه ليست ترجمة حرفية لما قاله أستاذنا ديفيد ايستين صاحب نظرية تحليل النظم السياسية.
تعريفات كثيرة للسياسة ليس من بينها فن الممكن والذى أظنه جاء نتيجة لدراسة علم التفاوض فى إطار الوصول الى الموافقة. ومع ذلك لو قبلنا بان هذا جزء من السياسة، يجب ان ندرك مع هذا المفهوم عيوبه. «السياسة هى فن الممكن» هو تعريف عاجز، وكذلك ايضا هو تعريف العاجز والفعل السلبى. اى نتعامل مع ماهو ممكن ونترك ما ليس ممكنا وبهذا تموت فكرة التغيير.
تعريف السياسة على انها فن «المش ممكن» معناه ان الدولة التى تحدث بها العمليات السياسية هى دولة حية تحول ما هو غير ممكن الى ماهو ممكن. تعريف توزيع الاستحقاقات، وكل ماهو ذو قيمة فى المجتمع يشكل فى عدالة تسمح لمعادلة الرضا بين الحاكم والمحكوم بالاستمرار هو تعريف يدعو السياسى الى العمل بشكل لا يتوقف لإرضاء مواطنيه. لا يفعل ماهو ممكن، بل احيانا يفعل ماهو مستحيل لخلق توافق اجتماعى يجعل معادلة الحكم مقبولة ومستمرة».
كتبت من قبل فى هذا السياق بطريقة اكثر تبسيطا وكان التركيز منصبا على الشأن المصرى وحده بعد ثورات 25 يناير و30 يونيو، ولكنى هذه المرة احاول ان اطرح الشباك بشكل يشمل العالم العربي. فالخلل الذى يحدث فى مصر على مستوى المفاهيم يكرر نفسه فى العالم العربى بأضعاف مضاعفة احيانا وبضرر اكبر.
هناك تعريفات للسياسة قادمة من عالم علاقات الدول ببعضها البعض مثل ان تقول ان تعريف السياسة هو : «ان تجعل الآخر يريد ما تريد». وهو تعريف ربما مغاير تماماً على العكس من فكرة فن الممكن الرائجة، فهذا التعريف ليس مرتبطا بالعمل السلبى، والتعامل فقط مع ماهو ممكن بل مرتبط بالمبادرة والعمل الإيجابى. هذا التعريف قد يكون بداية معقولة للحديث عن السياسة فى العالم العربى داخل الدولة الواحدة، وبين الدول وبعضها البعض. اى انه تعريف يستخدم سياسة الإقناع وجاذبية النموذج، وليس التغيير عن طريق العدوان او العنف.
وسأنطلق من تعريف السياسة القائل بإقناع المنافس بأن ما تريده هو مفيد بالنسبة له أيضا فى محاولة لرسم ملامح بعض المفاهيم الحاكمة لمنطقتنا العربية.
تعريف السياسةعلى أنها فن الممكن، فمعنى ذلك ان منطقتنا العربية ستظل تخوض فى الطمى الى أزمنة طويلة، ولكى نخرج من الوحل علينا ان نبدأ بتعريف السياسة على انها فن «المش ممكن» حتى لا يصيبنا الكساح الاستراتيجى.
واحدة من التعريفات التى اطرحها اليوم هو ان «السياسة هى ان تجعل الآخر يريد ما تريد» اى ان يقتنع المنافس ، شخصا كان او منظمة او دولة، ان ما تريده هو فى مصلحته، ويجب ان يرغب فيه هو ايضا لان فيه فائدة له. فن الممكن يعتمد على استخدام محدود لأدوات القوة، بينما فكرة ان تجعل منافسك يريد ما تريد فهو استخدام خلاق لكل أدوات القوة على إطلاقها. اى ان تستخدم القوة الناعمة القادرة على الترويج للفكرة والتأصيل الفكرى لعملية الإقناع بها لدى الطرف الآخر، بحيث لا يكون الإقناع مجرد تضليل للذات، والآخر بل مبنى على فكر متماسك. إذن التعريف الثانى للسياسة فيه استخدام لخليط من القدرات الصلبة و الناعمة معا بدرجات مختلفة وعلى مستويات متعددة للوصول الى تحقيق الأهداف.
هناك فرق بين ان يريد العالم من حولنا، ما تريد كعرب مجتمعين وبين ما نريده كدول متفرقة او ما تبقى من عالمنا العربى ومازال يمكن تسميته دولة. ان يريد العالم ما نريد يعنى تطوير مفهوم حاكم للأمن القومى العربى ويجب ان يكون هذا هو المفهوم الحاكم لكل تصرفات دولنا، او الحاكم للحد الادنى من التصرفات. هو المفهوم الحاكم، وهذا يتطلب حكومة مختلفة ومؤسسات مختلفة وصيغة تعاون مختلفة.
هذا يتطلب مجموعة إجراءات صعبة تقع فى إطار التنسيق بين وزارات الخارجية المختلفة ومستشارى الأمن القومى فى البلدان العربية المختلفة بحيث تكون تحيزات الوزارات على الأقل مربوطة بالتوجه الاستراتيجى لأمن قومى عربى مبلور بصيغة واضحة.
هناك مؤسسات مختلفة للأمن القومى العربى من مخابرات عامة فى بلدان مثل مصر والسعودية ولكن هناك مفهوما جديدا لمستشار الأمن القومى بدأ فى التبلور فى بلدان الخليج العربى. التنسيق بين هذه الأجهزة المختلفة ومستواه هو بداية الانتقال من عقلية السياسة كفن الممكن الى فن المش ممكن.
التحدى الاكبر أمام العالم العربى اليوم هو بناء قدرات الدول ومؤسساتها لتحمل القادم من الهزات وامتصاصها، بحيث لا يؤثر ذلك على الأوطان واستقلالها وسلامة أراضيها. هذا يتطلب تشكيل رؤية عربية جديدة تتجاوز تعريف السياسة كفن الممكن الى تعريف جديد للسياسة هو ان تجعل خصمك ومنافسك يريد ما تريد أو السياسة كفن المش ممكن.
لمزيد من مقالات د.مامون فندى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.