قومى المرأة يشارك فى مهرجان 16 يومًا لمناهضة العنف ضد الإناث    "إيرينا يسري" ترد على شائعات ارتباطها بمصطفى أبو سريع    ضعف مياه الشرب عن بعض قرى بنى سويف.. «اعرف الأسماء والمدة الزمنية»    وزير الخارجية: ناقشت مع لافروف تطورات الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية    خليفة بونو، إنزاجي يتخذ قرارًا حاسمًا    إخلاء سبيل والدة الإعلامية الراحلة شيماء جمال في بلاغ تهديد بالقتل    أثناء حضورهما مسرحية أم كلثوم، المسلماني يرحب برئيس الهيئة الوطنية للإعلام بدولة الإمارات    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    أسس كتابة القصة القصيرة في لقاء أدبي بثقافة الإسماعيلية    مجلس وزراء الصحة العرب يسلم أحمد طه جائزة الطبيب العربي لعام 2025    ترامب لا يستبعد الحرب مع فنزويلا    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    بوتين لزيلينسكي: ما دمت على عتبة الباب لماذا لا تدخل؟ الرئيس الروسي يسخر من نظيره الأوكراني    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    أبرزها صدام نيجيريا وتونس.. مواعيد مباريات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    رئيسا وزراء مصر ولبنان يترأسان جلسة مباحثات موسّعة لبحث سُبل تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية المختلفة.. ومدبولي يؤكد أهمية تطبيق ما تم التوافق عليه خلال أعمال اللجنة العليا المصرية اللبنانية    يبدأ رسميًا 21 ديسمبر.. الأرصاد تكشف ملامح شتاء 2025 في مصر    محافظ أسيوط يطلق مبادرة كوب لبن لكل طفل دعما للفئات الأولى بالرعاية    افتتاح مسجد نادي جامعة أسيوط بعد تجديد شامل    وزير الخارجية: العلاقات مع روسيا شهدت طفرة استراتيجية على جميع الأصعدة    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    سوريا: عقوبات "قيصر" انتهت دون شروط أو تهديد بإعادة فرضها    تعرف على خريطة ما تبقى من انتخابات مجلس النواب 2025    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اطلاق بوستر الدورة ال16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    ضبط 99530 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 116 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    تنفيذ 27 حملة تفتيش وتحرير 156 محضرا فى حملة تموينية بالوادى الجديد    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    وزيرة التخطيط تختتم الحوار المجتمعي حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الإفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    أفضل أوقات استجابة الدعاء يوم الجمعة – اغتنم الساعة المباركة    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة تعريف الوزارات
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 06 - 2014

بداية نحتاج فى مصر إلى إعادة تعريف السياسة، وننتقل من تلك العبارة البالية التى يرددها الناس فى مصر
والتى تقول أن «السياسة هى فن الممكن» وهى تعريف العاجز والفعل السلبى الى تعريف جديد للسياسة وهو «السياسة هى إن تجعل الاخر يريد ما تريد», وهو تعريف مرتبط بالمبادرة والعمل الإيجابى . وسأنطلق من هذا التعريف الجديد للسياسة لرسم ملامح بعض المفاهيم الحاكمة لاستراتيجية مصر فى السنوات الأربع المقبلة. تلك المفاهيم الحاكمة يجب ان تحدد الخطوات من تشكيل الوزارات أو استكمال بناء المؤسسات أو اى خطوة تنظيمية اخرى.
عندما نركن الى تعريف السياسة كفن الممكن فذلك يعنى اننا سنعمل بالأدوات التى لدينا ونغزل «برجل حمار»، لأن هذا هو المتاح وهذا ما سيأخذنا الى ما هو ممكن، وان ما لدينا من استراتيجية وطريقة عمل هو الممكن وانه ليس فى الإمكان ابدع مما كان، هذا ليس تعريف السياسة بل تعريف عدم الرغبة فى العمل والمبادرة أو ما يمكن تسميته بتعريف السياسة للعجزة والذين أصابهم الكساح الاستراتيجي. أما التعريف الذى أطرحه اليوم فهو ان «السياسة هى ان تجعل الاخر يريد ما تريد» اى ان يقتنع المنافس ، شخصا كان او منظمة او دولة، ان ما تريده هو فى مصلحته ويجب ان يرغب فيه هو ايضا، لأن فيه فائدة له. فن الممكن يعتمد على استخدام محدود لأدوات القوة ، بينما فكرة ان تجعل منافسك يريد ما تريد فهو استخدام خلاق لكل أدوات القوة على إطلاقها.
كيف ننتقل من هذا الكلام النظرى الى الحديث العملي، خصوصا فيما يخص الدولة المصرية بعد ثورتين ؟ لنقل ان مصر بعد ثورتين لها ثلاث رؤى استراتيجية قادمة من ثلاث مؤسسات ذات خلفيات مختلفة نريد ان نختار فيما بينها وننظم أدوات الدولة ومؤسساتها لتؤدى هذه المهمة.
لنقل إن الرؤية الاولى هدفها الاستراتيجى هو مثلا الحصول على 30 مليار دولار سنويا لكى تقف مصر على قدميها خلال اربع سنوات، ولنقل ان هذه هى رؤية الرئيس والمجتمع الاقتصادى المصري، فكيف يتحقق هذا الهدف فى إطار التعريف الجديد للسياسة الذى طرحته آنفا والذى يعتمد على إقناع الآخر بأن ما تريده هو فى مصلحته ايضا؟
لتحقيق هذه الرؤية يجب على رئيس مجلس الوزراء أن يجعل هذه الرؤية هى المفهوم الحاكم أو العمود الفقرى الذى تبنى حوله حكومته من حيث قدرات العاملين بها وخلفياتهم وقدرتهم على التنسيق فيما بينهم. فمثلا يكون وزير خارجيته لديه انحياز اقتصادى فى الترويج لمصر خارجيا، ويكون وزير الخارجية ووزير الاستثمار توأمين ملتصقين، وتكون آلة الإعلام والثقافة والسياحة والآثار كمنظومة للقوة الناعمة والإقناع فريق عمل واحدا، وتصبح وزارة الاستثمار والجذب وزارة سيادية. أما الجانب الادارى للدولة وايجاد ما يسمى بالمناخ الجاذب للاستثمار فيتطلب فريقا من الشباب سريع الحركة من القادرين على السباق مع الرئيس فى ركوب الدراجة وليس فريقا من العجزة، اى ان يكون وزير التنمية والإدارة شابا تعلم فى الخارج وتمرس فى دولاب الدولة داخليا، لا ضابط امن سابق ولا حامل أختام قديم، وطبقا ان تكون وزارتا الدفاع والداخلية همهما الاول تأمين جو صحى للاستثمار والمستثمرين . طبعا هذا يشتمل على رؤية جديدة لمفهوم العدالة الاجتماعية الذى نادت به الثورة، فبدلا من الحقب الغابرة التى كانت تعنى فيه العدالة الاجتماعية التوزيع العادل للفقر فى المجتمع تتحول الى توزيع عادل للثروات والغني.
يمكنك ان تقول ان هذه الرؤية ليست الأهم بالنسبة لمصر ولنقل ان الرؤية الاستراتيجية ليست جذب استثمار، بل هى ان الهم الاول خلال السنوات الأربع المقبلة هو « الحفاظ على الوطن وسلامة أراضية كوحدة جغرافية» . لا مانع ان يكون هذا هو الهدف ولكن لكى يتحقق هذا الهدف يجب ان يكون المبدأ الحاكم لحكومة محلب مختلفا عن ترتيب حكومة تهدف لجذب الاستثمار.
اذا كانت الرؤية هى الأمن وسلامة الاراضى والحفاظ عليها، إذن الأمن القومى هو المفهوم الحاكم وهذا يتطلب حكومة ومؤسسات مختلفة وصيغة تعاون مختلفة.
اولا تتطلب ان يكون وزير الخارجية المصرى مختلفا، فبدلا من وزير له تحيز اقتصادى كما الحال فى السيناريو السابق، يكون تحيز الوزير للدفاع والأمن وربما يفضل ام يكون ذا خلفية أمنية مثل حالة كمال حسن على مثلا، وتكون علاقاتنا مع الجوار المباشر من ليبيا للسودان لإسرائيل محورية فى تصورنا للعلاقات الخارجية. الأمن ايضا يؤمن الداخل او الجبهة الداخلية ليكون الأمن المائى وأمن الطاقة مثلا أساسيا . إذن تصبح الوزارات السيادية أمنية بامتياز ويصبح الاقتصاد جزءا من الأمن الداخلي، اى وزارة تابعة او عربة فى القطار وليس الديزل المحرك للقطار. اذا كان الأمن هو المحور تصبح وزيرة العشوائيات الجديدة وزيرة سيادية ( طبعا هنا أبالغ واتندر) لان التهديد القادم سيكون من العشوائيات وتخدم وزارات القوى الناعمة من إعلام وثقافة وسياحة الى وزارات تابعة.
اما اذا كانت الرؤية مثلا هى بناء قدرات الدولة ومؤسساتها لتحمل القادم من الهزات وامتصاصها بحيث لا يؤثر ذلك على الوطن واستقلاله وسلامة أراضية، فهذا يتطلب تشكيل وزارة اخرى ومبادرات اخرى يمكن الحديث عنها بإسهاب فى سياقات اخرى تفصيلية. بناء قدرات الدولة لتحمل الهزات القادمة هو التصور الأقرب الى ما نحتاجه والأكثر واقعية الآن. وهذا يعنى اننا نتحدث عن رؤية استراتيجية فيها معظم عناصر الرؤيتين السابقتين وتكون أدوات القوة فيها خليطا من القوة الصلبة والقوة الناعمة وهذا يجعل مسألة إلغاء وزارة الاعلام امرا غريبا الا اذا كانت هناك إعادة ترتيب لأدوات القوة الناعمة، بحيث تصبح الثقافة والإعلام وزارة واحدة تهدف للترويج لمصر فى الخارج وتسهم فى صناعة الصمغ او الأسمنت الداخلى الذى يؤدى الى تماسك المجتمع . فى هذا التصور تكون وزارات القوة الصلبة من دفاع وداخلية واقتصاد بينها تنسيق عال جداً من خلال وظيفة مستحدثة لمستشار أمن قومى مهمة جهازه التنسيق بين الأجهزة المختلفة. الهزات بشكل واقعى قادمة، والتحسب لها يتطلب وزارات من نوع مختلف وما طرحه الوزير الأول المهندس ابراهيم محلب لا يتناسب أبدا مع هذه المهمة الثالثة، إلا اذا تمت اعادة بناء الوزارات وتركيبها. فبوضعها الحالى هى وزارة انتخابات للوصول الى المرحلة الثالثة من خريطة المستقبل. طبعا انتخابات البرلمان لن تكون مثل انتخابات الرئاسة وأى محاولة لطبخها ستأخذنا مرة ثانية ل 25 يناير 2011، خصوصا مع وجود وزراء من عهد مبارك كانت لهم يد فى طبخ انتخابات سابقة. هذا يقع فى نطاق التعريف القديم لسياسة العجزة المعروفة بفن الممكن ولا يرقى الى المبادرة الإبداعية فى ان تجعل الناس تريد ما تريد .
إعادة تعريف السياسة فى مصر من فن الممكن الى إقناع الآخرين بأن ما تريده هو فى مصلحتهم هى بداية التفكير الكبير فى مستقبل مصر. السيناريوهات الثلاثة السابقة التى طرحتها للرؤية الاستراتيجية لمصر وطبيعة إعادة تنظيم الأولويات والمؤسسات طبقا لأى رؤية ليست هى السيناريوهات الفصل فهناك عشرات الرؤى والاستراتيجيات البديلة ومع كل واحدة تنظم مؤسسات الدولة بشكل مختلف. حتى الآن وزارة المهندس ابراهيم محلب هى من مدرسة « السياسة فن الممكن».
فكر تفكير اكبر ( think big) من اجل مصر الجديدة. وبداية التفكير الكبير هو اعادة تعريف السياسة ومعها أدواتها الجديدة ولتكن دراجة الرئيس أيضاًرمزا ومعيارا إذ يفضل ان يكون الوزير ليس فقط قادرا على قيادة الدراجة بل الوصول بها الى خط النهاية.
لمزيد من مقالات د.مامون فندى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.