عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    مع تطبيق الزيادة الجديدة.. كيفية الاستعلام عن المعاش 2025 بالاسم    رسميًا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 26 يونيو 2025    مروة عبد الجواد: الإنسان يتحرك داخل قفص تاريخه الرقمي في زمن الذكاء الاصطناعي    ماهر فرغلي: هناك تكتم إعلامي بشأن حادث تفجير كنيسة مار إلياس بسوريا(فيديو)    عاجل-أبو عبيدة: جنائز جنود الاحتلال ستصبح حدثا يدرس في كتب تاريخ العالم    الاستخبارات الأمريكية: المنشآت النووية الإيرانية تم تدميرها بشكل كامل    ضياء رشوان: إسرائيل أقنعت ترامب بضرب إيران لكن الواقع خالف التوقعات    ضياء رشوان: إيران وأمريكا لم تعودا خصمين    «مثل الكلبة».. ترامب يدعو لطرد صحافية من «CNN» بسبب تقاريرها حول حجم دمار المنشآت النووية الإيرانية    كأس العالم للأندية.. صن داونز يكتفي بالتعادل ويودع البطولة من دور المجموعات    كريم رمزي: مروان عطية تحامل على نفسه في المونديال لهذا السبب    مصطفى نجم: الزمالك يسير بخطى ثابتة نحو استقرار كروي شامل    نبيل الكوكي يقود المران الأول للمصري استعداداً للموسم الجديد    مدرب العين: لا بديل عن الفوز على الوداد المغربي في مونديال الأندية    «قالي لو هاخد ملايين مش هلعب في الأهلي.. كفاية اللي اتعرضتله».. طاهر أبوزيد يكشف سرًا صادمًا عن أبوتريكة    قائمة الزمالك ..الأولى وموقف رباعي الفريق (تفاصيل)    «الطقس× اسبوع».. حار إلى شديد الحرارة رطب نهارًا يتخلله رياح نشطة وشبورة مائية بالمحافظات    حادث تصادم..وفاة وإصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة بالمنيا    عاجل- هل حررت مها الصغير محضرًا رسميًا ضد طليقها أحمد السقا؟ (تفاصيل)    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    السيطرة على حريق فى مسجد بالدقهلية.. والمعاينة الأولية: ماس كهربائى    خبير ذكاء اصطناعي: التكنولوجيا تحولت لسلاح رقمي لنشر الفوضى واستهداف الدول العربية    ابنة وزير شؤون مجلس الشورى الأسبق تكشف تفاصيل مشكلة بشأن ميراث والدها.. ومحامية تعلق    محمد رمضان: رفضت عرضًا ب 4 ملايين دولار في الدراما علشان فيلم «أسد» (فيديو)    بعد الانفصال... وليد سامي يستعد لطرح أغنية "أحلام بسيطة"    براد بيت يكشف الكواليس: لماذا تنحى تارانتينو عن الإخراج وتولى ديفيد فينشر مهمة "مغامرات كليف بوث"؟    د.حماد عبدالله يكتب: الإهتمام "بالتراكم "المعرفى !!    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    «التأمين الصحي» توقع بروتوكول تعاون مع «إيفا فارما» لتعزيز التحول الرقمي في خدمات رعاية المرضى    محافظ الغربية يشهد احتفالية رأس السنة الهجرية بالمسجد الأحمدي بطنطا.. صور    توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للرعاية الصحية واتحاد شركات التأمين المصرية    محمد فريد: التحول الرقمي محور رئيسي لتعزيز دور القطاع المالي غير المصرفي في تحقيق الشمول التأميني والاستثماري والتمويلي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة العلاقات الحكومية برئاسة عبدالظاهر    أبو عبيدة: جنائز وجثث جنود الجيش الإسرائيلي ستصبح حدثًا دائمًا ما دام استمر العدوان ضد شعبنا    عمرو دياب يحتل "إكس" في نصف ساعة .. و"ابتدينا" كلمة السر    ترامب يهاجم أول من نشر التقييم الاستخباراتي بشأن إيران.. ويطالب بطردها    النيابة العامة بالمنيا تقرر تشريح جثة مدير المخلفات الصلبة بالمحافظة    الكنيسة والفقراء في قلب الحوار اللاهوتي والاجتماعي.. مؤتمر بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    محافظ بورسعيد يكشف سبب ارتفاع الحد الأدنى للقبول بالصف الأول الثانوي    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    حتى 29 يونيو.. عروض مسرحية النداهة ضمن الموسم المسرحي بالوادي الجديد    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة تعريف الوزارات
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 06 - 2014

بداية نحتاج فى مصر إلى إعادة تعريف السياسة، وننتقل من تلك العبارة البالية التى يرددها الناس فى مصر
والتى تقول أن «السياسة هى فن الممكن» وهى تعريف العاجز والفعل السلبى الى تعريف جديد للسياسة وهو «السياسة هى إن تجعل الاخر يريد ما تريد», وهو تعريف مرتبط بالمبادرة والعمل الإيجابى . وسأنطلق من هذا التعريف الجديد للسياسة لرسم ملامح بعض المفاهيم الحاكمة لاستراتيجية مصر فى السنوات الأربع المقبلة. تلك المفاهيم الحاكمة يجب ان تحدد الخطوات من تشكيل الوزارات أو استكمال بناء المؤسسات أو اى خطوة تنظيمية اخرى.
عندما نركن الى تعريف السياسة كفن الممكن فذلك يعنى اننا سنعمل بالأدوات التى لدينا ونغزل «برجل حمار»، لأن هذا هو المتاح وهذا ما سيأخذنا الى ما هو ممكن، وان ما لدينا من استراتيجية وطريقة عمل هو الممكن وانه ليس فى الإمكان ابدع مما كان، هذا ليس تعريف السياسة بل تعريف عدم الرغبة فى العمل والمبادرة أو ما يمكن تسميته بتعريف السياسة للعجزة والذين أصابهم الكساح الاستراتيجي. أما التعريف الذى أطرحه اليوم فهو ان «السياسة هى ان تجعل الاخر يريد ما تريد» اى ان يقتنع المنافس ، شخصا كان او منظمة او دولة، ان ما تريده هو فى مصلحته ويجب ان يرغب فيه هو ايضا، لأن فيه فائدة له. فن الممكن يعتمد على استخدام محدود لأدوات القوة ، بينما فكرة ان تجعل منافسك يريد ما تريد فهو استخدام خلاق لكل أدوات القوة على إطلاقها.
كيف ننتقل من هذا الكلام النظرى الى الحديث العملي، خصوصا فيما يخص الدولة المصرية بعد ثورتين ؟ لنقل ان مصر بعد ثورتين لها ثلاث رؤى استراتيجية قادمة من ثلاث مؤسسات ذات خلفيات مختلفة نريد ان نختار فيما بينها وننظم أدوات الدولة ومؤسساتها لتؤدى هذه المهمة.
لنقل إن الرؤية الاولى هدفها الاستراتيجى هو مثلا الحصول على 30 مليار دولار سنويا لكى تقف مصر على قدميها خلال اربع سنوات، ولنقل ان هذه هى رؤية الرئيس والمجتمع الاقتصادى المصري، فكيف يتحقق هذا الهدف فى إطار التعريف الجديد للسياسة الذى طرحته آنفا والذى يعتمد على إقناع الآخر بأن ما تريده هو فى مصلحته ايضا؟
لتحقيق هذه الرؤية يجب على رئيس مجلس الوزراء أن يجعل هذه الرؤية هى المفهوم الحاكم أو العمود الفقرى الذى تبنى حوله حكومته من حيث قدرات العاملين بها وخلفياتهم وقدرتهم على التنسيق فيما بينهم. فمثلا يكون وزير خارجيته لديه انحياز اقتصادى فى الترويج لمصر خارجيا، ويكون وزير الخارجية ووزير الاستثمار توأمين ملتصقين، وتكون آلة الإعلام والثقافة والسياحة والآثار كمنظومة للقوة الناعمة والإقناع فريق عمل واحدا، وتصبح وزارة الاستثمار والجذب وزارة سيادية. أما الجانب الادارى للدولة وايجاد ما يسمى بالمناخ الجاذب للاستثمار فيتطلب فريقا من الشباب سريع الحركة من القادرين على السباق مع الرئيس فى ركوب الدراجة وليس فريقا من العجزة، اى ان يكون وزير التنمية والإدارة شابا تعلم فى الخارج وتمرس فى دولاب الدولة داخليا، لا ضابط امن سابق ولا حامل أختام قديم، وطبقا ان تكون وزارتا الدفاع والداخلية همهما الاول تأمين جو صحى للاستثمار والمستثمرين . طبعا هذا يشتمل على رؤية جديدة لمفهوم العدالة الاجتماعية الذى نادت به الثورة، فبدلا من الحقب الغابرة التى كانت تعنى فيه العدالة الاجتماعية التوزيع العادل للفقر فى المجتمع تتحول الى توزيع عادل للثروات والغني.
يمكنك ان تقول ان هذه الرؤية ليست الأهم بالنسبة لمصر ولنقل ان الرؤية الاستراتيجية ليست جذب استثمار، بل هى ان الهم الاول خلال السنوات الأربع المقبلة هو « الحفاظ على الوطن وسلامة أراضية كوحدة جغرافية» . لا مانع ان يكون هذا هو الهدف ولكن لكى يتحقق هذا الهدف يجب ان يكون المبدأ الحاكم لحكومة محلب مختلفا عن ترتيب حكومة تهدف لجذب الاستثمار.
اذا كانت الرؤية هى الأمن وسلامة الاراضى والحفاظ عليها، إذن الأمن القومى هو المفهوم الحاكم وهذا يتطلب حكومة ومؤسسات مختلفة وصيغة تعاون مختلفة.
اولا تتطلب ان يكون وزير الخارجية المصرى مختلفا، فبدلا من وزير له تحيز اقتصادى كما الحال فى السيناريو السابق، يكون تحيز الوزير للدفاع والأمن وربما يفضل ام يكون ذا خلفية أمنية مثل حالة كمال حسن على مثلا، وتكون علاقاتنا مع الجوار المباشر من ليبيا للسودان لإسرائيل محورية فى تصورنا للعلاقات الخارجية. الأمن ايضا يؤمن الداخل او الجبهة الداخلية ليكون الأمن المائى وأمن الطاقة مثلا أساسيا . إذن تصبح الوزارات السيادية أمنية بامتياز ويصبح الاقتصاد جزءا من الأمن الداخلي، اى وزارة تابعة او عربة فى القطار وليس الديزل المحرك للقطار. اذا كان الأمن هو المحور تصبح وزيرة العشوائيات الجديدة وزيرة سيادية ( طبعا هنا أبالغ واتندر) لان التهديد القادم سيكون من العشوائيات وتخدم وزارات القوى الناعمة من إعلام وثقافة وسياحة الى وزارات تابعة.
اما اذا كانت الرؤية مثلا هى بناء قدرات الدولة ومؤسساتها لتحمل القادم من الهزات وامتصاصها بحيث لا يؤثر ذلك على الوطن واستقلاله وسلامة أراضية، فهذا يتطلب تشكيل وزارة اخرى ومبادرات اخرى يمكن الحديث عنها بإسهاب فى سياقات اخرى تفصيلية. بناء قدرات الدولة لتحمل الهزات القادمة هو التصور الأقرب الى ما نحتاجه والأكثر واقعية الآن. وهذا يعنى اننا نتحدث عن رؤية استراتيجية فيها معظم عناصر الرؤيتين السابقتين وتكون أدوات القوة فيها خليطا من القوة الصلبة والقوة الناعمة وهذا يجعل مسألة إلغاء وزارة الاعلام امرا غريبا الا اذا كانت هناك إعادة ترتيب لأدوات القوة الناعمة، بحيث تصبح الثقافة والإعلام وزارة واحدة تهدف للترويج لمصر فى الخارج وتسهم فى صناعة الصمغ او الأسمنت الداخلى الذى يؤدى الى تماسك المجتمع . فى هذا التصور تكون وزارات القوة الصلبة من دفاع وداخلية واقتصاد بينها تنسيق عال جداً من خلال وظيفة مستحدثة لمستشار أمن قومى مهمة جهازه التنسيق بين الأجهزة المختلفة. الهزات بشكل واقعى قادمة، والتحسب لها يتطلب وزارات من نوع مختلف وما طرحه الوزير الأول المهندس ابراهيم محلب لا يتناسب أبدا مع هذه المهمة الثالثة، إلا اذا تمت اعادة بناء الوزارات وتركيبها. فبوضعها الحالى هى وزارة انتخابات للوصول الى المرحلة الثالثة من خريطة المستقبل. طبعا انتخابات البرلمان لن تكون مثل انتخابات الرئاسة وأى محاولة لطبخها ستأخذنا مرة ثانية ل 25 يناير 2011، خصوصا مع وجود وزراء من عهد مبارك كانت لهم يد فى طبخ انتخابات سابقة. هذا يقع فى نطاق التعريف القديم لسياسة العجزة المعروفة بفن الممكن ولا يرقى الى المبادرة الإبداعية فى ان تجعل الناس تريد ما تريد .
إعادة تعريف السياسة فى مصر من فن الممكن الى إقناع الآخرين بأن ما تريده هو فى مصلحتهم هى بداية التفكير الكبير فى مستقبل مصر. السيناريوهات الثلاثة السابقة التى طرحتها للرؤية الاستراتيجية لمصر وطبيعة إعادة تنظيم الأولويات والمؤسسات طبقا لأى رؤية ليست هى السيناريوهات الفصل فهناك عشرات الرؤى والاستراتيجيات البديلة ومع كل واحدة تنظم مؤسسات الدولة بشكل مختلف. حتى الآن وزارة المهندس ابراهيم محلب هى من مدرسة « السياسة فن الممكن».
فكر تفكير اكبر ( think big) من اجل مصر الجديدة. وبداية التفكير الكبير هو اعادة تعريف السياسة ومعها أدواتها الجديدة ولتكن دراجة الرئيس أيضاًرمزا ومعيارا إذ يفضل ان يكون الوزير ليس فقط قادرا على قيادة الدراجة بل الوصول بها الى خط النهاية.
لمزيد من مقالات د.مامون فندى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.