عادت السحابة السوداء إلى سماء القاهرة خلال الأسبوعين الماضيين بعد اختفائها لأكثر من عامين. وعكست عودة هذا الضيف الثقيل مدى الضعف الذى تعانيه أجهزة البيئة المنوط بها مواجهة هذه الظاهرة. ولهذا،يتساءل المواطنون عن مدى انشغال خالد فهمى وزير البيئة بقضية استيراد الفحم وتوفير الطاقة عن متابعة ملفات رئيسية أخرى ومن أبرزها: القمامة، وتلوث الهواء، والماء، والصرف الزراعي، والصناعى على نهر النيل، والاستثمار البيئى فى المحميات الطبيعية. وحملنا هذه التساؤلات إلى الوزير فكان هذا الحوار: يتهمك البعض بالتخاذل فى إدارة ملف السحابة السوداء، والتصدى لحرائق قش الأرز فى العام الحالى فما تعليقك؟ توليت المنصب بتاريخ 18يونيو ولم أجد أى تعاقدات مع شركات كبس، وجمع وتدوير قش الارز، ورصدت عدة مشاكل قانونية وعكفت على حلها.
ولكن لماذا هذا الظهور المكثف للسحابة السوداء فى جميع المجافظات عن العام الماضي؟ العام الماضى كان هناك حظر للتجوال، فلم تكن هناك انبعاثات بمدينة القاهرة نتيجة للحظر. كما توقف عمل المصانع، والمسابك، وكل الأنشطة الصناعية الملوثة، ممايؤكد نظريتى بأن سبب السحابة السوداء يرجع فى المقام الأول لارتفاع نسب ملوثات الهواء بالقاهرة نتيجة للانشطة الصناعية وليس لحرق قش الأرز بالمحافظات. فالمزارعون حرقوا قش الارز وتخلصوا منه فى العام الماضى وهذا مثبت بتقارير لجان التفتيش وبصور تحديدية لمواقع الحرق بتكنولوجيا الاقمار الصناعية. ورغم ذلك لم نشعر بالسحابة. وفى العام الماضي، كانت سرعة الرياح النشيطة 40% والساكنة 16% فى حين وصلت سرعة الرياح الساكنة هذا العام إلى 40%. وأضاف الوزير: أنا كجهاز بيئة فعلت مايجب أن أقوم به. ولكن الإمكانات المادية ضعيفة ولاتمكننى من منح كل مزارع 200 جنيه لكبس مليون طن من القش. أى ان هذا الجهديتطلب 200 مليون جنيه لوقف حرق قش الارز وهذا غير متوافر لدى الوزارة.
إذن فما الحل فى نظركم لتفادى حرق القش والاستفادة منه بكبسه وتدويره؟ هناك اتجاه مقترح جديد لإدارة مخلفات قش الأرز، من خلال إنشاء شبكة من المحطات الصغيرة لجمع وكبس القش وتوريده للمصانع التى تعيد تدويره لإنتاج الوقود الحيوي. فمثلا صناعة الاسمنت تحتاج إلى قش الأرز لخلطه مع الفحم وتوليد طاقة. وأبدت المصانع استعدادها لدفع أى مقابل. ويفيد هذا المقترح فى إتاحة فرص عمل جديدة للشباب من خلال إدارة محطات الجمع، والكبس، وتزويد الصناعة بجزء من احتياجاتها من الطاقة أو المواد الخام، هذا فضلاً عن الحفاظ على البيئة وعدم تأثرها من الحرق. وأن هذه المنظومة ستبدأ فى محافظة الشرقية لأنها الاكثر تأثيرا على هواء القاهرة. وإذا ما نجحت هذه المنظومة، فسيتقرر تعميمها فى بقية المحافظات. كما إنه تم الاتفاق مع وزير التموين على استغلال «شون» تخزين القمح للاحتفاظ بكميات قش الأرز وتجميعها لتتولى سيارات شركات الأسمنت نقله.
يستنكر عدد من المزارعين بدء تنفيذ هذه المنظومة الآن وموسم السحابة يوشك على الانتهاء واغلب المزارعين تخلصوا من القش فعليا وزرعوا أراضيهم برسيم؟ 56% فقط من المزارعين انتهوا من موسم الحصاد بالشرقية. أما محافظة الدقهلية فقد انتهوا من حصاد المحصول فى سبتمبرالماضي، ونحن نرصد كل ماتم حصاده وجمعه وتدويره ومواقع الحرائق بصور الأقمار الصناعية ..فهم لايعلمون شيئا، فليتركوا إدارة شئون البيئة لى ويهتموا بالزراعة. وشدد الوزير على فرض غرامة فورية قيمتها 2000 جنيه على منيحرق قش الارز، ولن تلغى هذه الغرامة تحت أى ظرف.
يطلق عليك وزير الفحم والقمامة وأن كل اهتماماتك تنصب على هذين الملفين، فما ردك على ذلك؟ نعم أنا وزير الفحم، ولكننى أعلم كيفية التداول الآمن للفحم. فمثلا نحن ندرك أن مصنع اسمنت طرة/1 موجود داخل الكتلة السكنية ولذلك أغلقنا ثمانية خطوط انتاج فيه وتقع على مسافة 250مترا فقط من المساكن، ونقلنا الطاقة الانتاجية بالكامل إلى طرة/2 وزودنا مداخن المصنع بالفلاتر اللازمة. وأعادت إدارة المصنع تأهيل الأفران بحيث تنتج أربعة ملايين طن. وإن كل الخطوط التى تقرر وقفها كانت تنتج 1200 طن يوميا بينما الخطوط الجديدة التى نقلنا اليها تنتج ثلاثة الاف طن/يوم. وبهذه الطريقة نكون قد قمنا بتوفيق اوضاع المصنع، وزيادة انتاجه. واعتقد ان ذلك افضل من إغلاق المصنع تماما، فالوزارة لا تستطيع غلق مصانع قائمة منذ اكثر من 30 عاما مرة واحدة. ولكن ما اقوم به الان هو وضع خطط لتوفيق أوضاعها. وتساءل الوزير فى سخرية عن معارضى الفحم قائلا: أين انتم؟ ولماذا لا نسمع لكم صوتا الان؟. وقال أنا اعمل الان على توفيق أوضاع 42 صناعة غير الاسمنت، ولن اقبل الاخلال بالشروط والالتزام البيئى من اى منشأة وسأكشف عن انيابى لكل مخالف وسأنفذ القانون.
عرضت على رئيس مجلس الوزراء مؤخرا دراسة تعدها وزارة البيئة لاستثمار المحميات الطبيعية فما تفاصيلها؟ الدراسة تعتمد على إنشاء هيئة اقتصادية لإدارة بعض المناطق فى المحمية، وتقوم الهيئة باستغلال هذه المناطق فى السياحة البيئية أو بزراعة بعض النباتات المتناغمة مع البيئة من خلال إعطائها لشركات تديرها مقابل حق الانتفاع الذى يخصص للصرف على المحمية، وهو مايرفع من عبء هذه الإدارة على الموازنة العامة للدولة ويكفل الموارد اللازمة لتحديث وتطوير المحميات وفى الوقت نفسه المحافظة على مكانة مصر العالمية فى هذا المجال واستثمارها سياحيا والحفاظ عليها من التعديات، بينما المناطق شديدة الحساسية من المحميات الطبيعية ستبقى تحت ادارتنا مباشرة.
وهل وافق مجلس الوزراء على هذه الدراسة؟ عرضت الدراسة على رئيس مجلس الوزراء، ووافق عليها من حيث المبدأ. وسيتم عرضها على المجلس لاستشارة بقية الوزراء.
ما المحميات التى سيتم البدء بهاواستثمارها بيئيا؟ بدأنا بالفعل فى ست محميات، ووضعنا لها خطة استثمار بيئى هى محميات: وادى الجمال، والغابة المتحجرة، ومحمية وادى دجلة، والعميد، ورأس محمد، وسانت كاترين، وهذه اول مجموعة وسيتم التعامل مع البقية لاحقا.
كيف تتعامل مع التعديات على المحميات الطبيعية وأخص بالذكر محمية وادى الريان؟ صمت الوزير قليلا ثم قال« وادى الريان/2» واستطرد قائلا: وقعنا اتفاقية مع رهبان الكنيسة لأن هذا خلافيدور على أرض وليس خلافا طائفيا، وهناك احترام لاماكن العبادات ولن تتضرر من جانبنا إطلاقا لحين دراسة الضرر الواقع على المحمية نتيجة لزراعاتهم حول العيون الكبريتية وادخالهم دون قصد منهم زراعات غير بيئية وانشائهم سورا بطول 200 متر حول المحمية للتأمين وقت الثورة. ولكن كل ذلك لايمنع حق العرب فى السياحة البيئية، وقد تم الاتفاق على تجهيز مداخل فى السور تخصص للسياحة البيئية، ثانيا ان هذه الارض ملك للدولة وادارتها بالكامل لمصلحة وتحت اشراف وزارة البيئة لان هناك الجزء الخاص باكثار الحيواناتيجب ألايكون به اى انسان، وقد تم الاتفاق على ان المصلحة العامة تحتم وجود سقفى السور بعيدين عن اماكن العبادة نصف كيلو على الاقل بدون تحويل المشكلة إلى قضية طائفية.
هل يمكن بناء طريق داخل محمية؟ نعم يمكن ذلك وهذا موجود فى محميات امريكا وكندا.
هل هناك نية للاعلان عن محميات جديدة؟ انا لن اعلن عن محميات جديدة إلا عندما استطيع ادارة المحميات التى اشرف عليها اولا، وضحك بشدة قائلا: كانى شخص لديه 30 طفلا ومطلوب منه الإنجاب مرة اخري، أنا وزير لايخفى الوقائع واعترف دائما بوجود تعديات ومشاكل بالمحميات ولكن الحل فى التعديات هو الادارة الاقتصادية التى تحدثت عنها، على ان ندخل السكان المحليين للحفاظ على اراضى المحميات، واضاف ان هناك اخطاء اساسية حدثت من قبل عند اعلان المحميات، فمثلا محمية العميد بمرسى مطروح اعلنتها اليونسكو على ان مساحتها كيلو متر مربع ثميقوم جهاز شئون البيئة باصدار قرار بأنها 50 كيلو مترا مربعا وبعد عام صدر قرار آخر بانها 750 كيلو مترا. وبذلك، دخلت فى المساحة قرى الساحل الشمالي، وترعة الحمام، والقطورات. كما دخل فيها مواقع تابعة للقوات المسلحة. اذن فانا اعترف بوجود اخطاء لدينا، وهناك ايضا محمية البرلس التى بيعت قطع منها من قبل المحليات وهناك قرى مبيعة بالكامل داخل المحمية وهذا شئ غير مقبول نهائيا ويجب اعادة النظر فيها كمحمية فأنا لن ادفن رأسى فى الرمال وأقول كله تمام.
ما الملفات البيئية الأخرى التى توليها اهتمامك؟ هناك عمل متواصل وملفات شائكة كثيرة أعمل فيها بالتوازى فهناك مثلا ملف التقييم البيئى الذى استحدثت له نظاما جديدا وأيضا ملف التفتيش البيئي. كما اقوم حاليا بتعديل لائحة صندوق البيئة وانتهى أيضا من ضوابط الفحم ومكافحة تلوث نهر النيل وبحيرة المنزلة والمخلفات الزراعية والطبية، فالملفات كثيرة، وهذا وقت العمل الجاد الذى يليق يمصر والمصريين.