بعد سيطرتها على السلطة القضائية بفوز قائمتها فى انتخابات المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم، قدمت الحكومة التركية أمس إلى البرلمان مشروع قانون يتضمن "إصلاحات للنهوض بالمؤسسة القضائية" على حد تعبيرها، بينما اعتبرتها المعارضة "تقليصا للحريات وتكريس الدولة البوليسية فى البلاد". وذكرت صحيفة "زمان" أن من بين تلك الإصلاحات إمكانية صدور قرار بالتفتيش لمجرد الاشتباه دون أدلة ملموسة ومؤكدة، وسيكون بمقدور محاكم الصلح والجزاء - التى أسسها الرئيس رجب طيب أردوغان عندما كان رئيسا للحكومة - أن تتخذ قرارات فى كل الجرائم المنظمة، وسيتم تقليص حق الدفاع، ولن يتسنى للمحامين أو المتهمين النظر فى ملف التحقيق. ونقلت الصحيفة عن متخصصين قولهم إن هناك مغزى من إعداد هذه الحزمة التى تعيد إلى الأذهان فترة الأحكام العرفية، لا سيما بعد مصرع 40 شخصا فى احتجاجات كوبانى (عين العرب) السورية. وسيتم تعيين قضاة بشكل سرى فى الجرائم المتعلقة بالنظام الدستورى وأمن الدولة، يمكن لهم الكشف عن الاتصالات وتسجيلها ومراقبتها بوسائل تقنية وعمل تسجيلات صوتية ومرئية، فضلا عن أنه يمكن الحجز على جميع الممتلكات العامة للمتهمين.
كما تتضمن حزمة الإصلاحات خفض معيار الخبرة المهنية كأحد شروط الانتقال من المحاماة إلى وظيفة القضاة والمدعين العموم من 5 سنوات إلى عامين فقط.
ومن جانبه، أكد الكاتب الصحفى التركى البارز جنكيز تشاندار أن ممارسات أردوغان بعد الكشف عن عمليات الفساد والرشوة فى 17 ديسمبر الماضى يفوق ما ارتكبته الانقلابات العسكرية بالبلاد، مشيرا إلى أن تركيا فى عهد حزب العدالة والتنمية عادت إلى حقبة ما بين عامى 1923 و1946، وشدد على أن وصاية الجيش فى 28 فبراير 1997، التى عرفت بالانقلاب الأبيض إبان حكومة الراحل نجم الدين أربكان، لا تقارن بوصاية الحزب الحاكم الآن.
كما توقع الكاتب المخضرم فهمى كورو أن تكون نهاية أردوغان مثل الرئيس الأمريكى الراحل ريتشارد نيكسون الذى استقال من منصبه عقب فضيحة "ووترجيت" الشهيرة بسبعينيات القرن الماضي، ورأى وجود تشابه بين الحالة المزاجية لأردوغان ونيكسون من حيث التهديدات وعدم تحكمه فى أعصابه تجاه المؤامرات المدبرة ضده.