أصبح تشخيص الحالة اليمنية، فى المرحلة الحالية، هو «الرجل المريض» فى شبه الجزيرة العربية، الذى يفترض أن يجرى عملية جراحية أقرب إلى «القلب المفتوح»، نظرا لتحول اليمن من وضعية الدولة الفاشلة إلى الدولة الهشة إلى الدولة الرهينة. وهو ما يرتبط –أساسا- بتعقد طبيعة الصراع الداخلية، وخاصة بين أطرافه، سواء بين الدولة وأطراف الحراك الجنوبى المطالب بالانفصال منذ سنوات، أو بين الدولة وتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة، أو بين الدولة وجماعة الحوثيين، أو بين الحوثيين والقوى القبلية والسلفية والإخوانية واليسارية، الأمر الذى يجسد ما اصطلح على توصيفه فى النظم السياسية المقارنة ب«نصف الثورة» التى عرفتها اليمن فى عام 2011، إذ تم إسقاط «رأس» النظام وليس «هيكل» النظام، لاسيما بعد التوصل إلى المبادرة الخليجية الخاصة بانتقال السلطة فى البلاد، فى مرحلة ما بعد على عبدالله صالح. غير أن تعثر وترنح المرحلة الانتقالية فى اليمن حولها إلى «ثورة معطلة»، خاصة مع وجود تدخلات لأطراف إقليمية تحمل أجندات سياسية مختلفة عن بعضها. فى هذا السياق، تستعرض صفحة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية رؤيتين مكملتين لبعضهما البعض، فيما يخص نطاقات ومسارات الأزمة اليمنية، إذ يستعرض د.معتز سلامة رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بالمركز الأبعاد الداخلية للأزمة، التى تتجسد فى حالة «الدولة الضعيفة فى مواجهة المجتمع القوى»، وصارت اليمن رهينة ثلاثية «أنصار الله» و«أنصار الشريعة» و«أنصار صالح». غير أنه يستبعد انجراف اليمن إلى الحرب الأهلية، نظرا لأن الخروج على أطر الدولة صار هو القاعدة، وتمتلك أطراف الصراعات خبرة تسكين الصراعات مثلما تدرك كيفية رفع حدته. غير أن الخيار الأسوأ هو أن الدولة اليمنية ستبقى فى مهب الريح، بل سنشهد تعددا فى نماذج إقامة «الإمارات الإسلامية». أما أ.صافيناز محمد أحمد فترى الأزمة اليمنية انعكاسا للتنافس الإقليمى الإيرانى السعودي، سواء للبحث عن المكانة السياسية أو تحقيق التوازنات الطائفية، فى إطار السياسة الإيرانية الراغبة فى اقتناص «الفرص السياسية»، ومحاولتها تقليص نفوذ المملكة السعودية بما يعرض مصالح الأخيرة للخطر لاسيما فى تحول تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية إلى داعش جديدة، وما يزيد من حدة هذا التهديد هو سيولة الحدود السعودية اليمنية، فضلا عن إيجاد موضع قدم لليمن فى المناطق المتاخمة لمضيق باب المندب.