نجح الحوثيون والحكومة معاً في تمزيق اليمن، ولم يعد معروفاً ما هي طبيعة الصراع القائم.. سياسياً مذهبياً شيئاً آخر. لم يعد سعيداً، ووصل إلى ذروة الصراع التي لم تكن منتظرة، فتدويل الأزمة الراهنة لا يتحدث عن فشل حكومة صنعاء في تهدئة الأمور، بقدر ما يوضح السيناريو الدولي الرامي إلى تمزيق الدولة، لاسيما أنها ليست بعيداً عن مرمى القوى العالمية. وهذه المرحلة الآنية خرجت عن صراع الأشقاء والمواطنون في الدولة وامتدت بمساعدة "جمال بن عمر" مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن، الذي فشل في أن يقف على الحياد بين الأطراف المتنازعة بل وورط نفسه بالانحياز منذ أن جعل نفسه خصماً للرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح بدعم خارجى يقال أن إحدى الممالك العربية تقف ورائه، فالذين يلعنون التدخل الأجنبي يدعونه في صعده، والجبهة الأخرى التي دعمت فكرة سيادة الوطن فتحت له أبواب صنعاء. وبات لا فرق هناك بين الثورة والفوضى، إذ أصبح احتدام الأزمة مدخلاً سهلاً لأطراف إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مصالح ما، لاسيما المملكة العربية السعودية التي تأبى الخروج عن نطاق المبادرة الخليجية المطروحة، وألا يتم نقضها حتى يتم الإبقاء على الرياض كعاصمة سياسية لليمن. وعلى الجانب الآخر، ليس خافياً على أحد الدور الإيراني الذي تلعبه طهران وأذرعها المختلفة في صفوف الحوثيون ، خاصة أنها تمكنت خلال الفترة الماضية من نشر العديد من الجواسيس لتحقيق هذا السيناريو، وبرغبة انتقامية تجاه محاولات تقليم أظافرها وتكسير أجنحتها المختلفة، بعد القاء القبض على العشرات من الحرس الثورى عقب افتضاح أمرهم، وسقوط من حاولو عقد الصفقات على جثة الوطن من تحت الطاولة، فضلاً عن مداومتها لتهريب الأنواع المتطورة من الأسلحة الحديثة لتأجيج النزاع، وهدفها الرئيسى أن تكون جزء من الإمبراطورية الشيعية التى تحلم طهران بتكوينها. أما الولاياتالمتحدةالأمريكية فمن صالحها بقاء الأمور معقدة وتزداد تعقيداً بل أيضاً أن تكون ملتهبة رغم أنها أعلنت رغبتها فى التفاوض مع الحوثيين، لاسيما أن اليمن إحدى الأذرع الأمريكية فى محاربة الإرهاب ، وذلك مع وجود قاعدة العند الجوية في الجنوب قرب عدن، الجزيرة العسكرية العائمة في البحر الأحمر على مدخل باب المندب بين اليمن وجيبوتي، وفرق التدريب العسكري في صنعاء، وكذلك فرق الكوماندوز التي تحتل أحد الجبال المسلحة حول صنعاء ، لذا لديها حرص بالغ فى المحافظة على الوضع وحماية خرائطها العسكرية وحفاظاً على قبضتها هناك، ورغم ابتعاد قواعدها العسكرية هناك عن دائرة الصراع. هذه السيناريوهات وتلك الأهداف تتشابه فى كثير من الدول العربية، وما حدث اليوم فى اليمن ليس بعيداً أن يتحول الغد إلى دولة عربية أخرى، فقطار التقسيم لن يتوقف عند حد معين، بل يبقى ممتد التأثير والمفعول، وسقوط اليمن أكبر إنذار للدول المحيطة حولها خاصة التى ما زال الصراع فيها قائماً، وتأكيداً فى الوقت نفسه على أن قوى الاستعمار والخارجى لن تترك المنطقة دون أن تلتهمهاً وتستغلها كأداة لتحقيق أغراضها.