وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    تحالف الأحزاب يدفع بمجموعة من المرشحات في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    وزير التعليم يبحث مع وفد الوكالة الألمانية سبل تعزيز التعاون    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال إنشاء مجلس مدينة السنبلاوين والممشى الجديد    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بنقابة المنوفية.. ويطالبهم بالتسلح بالفكر والعلم    النفط في عين العاصفة.. تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يشعل الأسعار    صور | إيران وإسرائيل.. موجة نزوح واسعة للمدنيين مع تجدد القصف المتبادل    بوكا جونيورز يواجه بنفيكا في صدام مرتقب بكأس العالم للأندية 2025    الاتحاد السكندري يعلن استقالة محمد مصيلحي من رئاسة النادي بشكل نهائي    على طريقة ريا وسكينة.. إحالة تاجر فاكهة للمفتى لقتله شخص بقطعة قماش بشبين القناطر    ضبط المتهم بالشروع في قتل طالب بدمياط    أمين الفتوى يوضح حكم الجمع بين الصلوات في السفر    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    وزيرا الشباب والعمل يشهدان احتفال مرور 10 سنوات على انطلاق «مشواري»    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    تطبيق صارم للمواعيد الصيفية لفتح وغلق المحلات.. وتشكيل لجان فرعية للمتابعة    التضامن تعلن تبنيها نهجا رقميا متكاملا لتقديم الخدمات للمواطنين    تفاصيل القبض علي المتهم بتقييد نجلته وسحلها بالشارع في حدائق أكتوبر    وزير الثقافة يشارك في إزاحة الستار عن "استديو نجيب محفوظ" بماسبيرو    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    مجانا حتى 21 يونيو.. فرقة بني مزار تقدم "طعم الخوف" ضمن عروض قصور الثقافة    توقيع بروتوكول الشراكة بين اسوان والهيئة العامة لقصور الثقافة    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    إيران تعلن إسقاط 3 طائرات مسيرة إسرائيلية    رئيس جامعة القاهرة يستقبل رئيس المكتب الثقافي الكويتي لبحث التعاون ودعم الطلاب الوافدين    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    الجامعة الألمانية تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء والمهن الطبية عن اليقظة الدوائية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    أردوغان: تركيا مستعدة للوساطة بالمفاوضات النووية بين أمريكا وإيران    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    سفير إيران لدى الكويت: لسنا بصدد توسيع الحرب ولن نتوانى في الدفاع عن سيادة بلادنا بحزم    تصنيف الاسكواش.. نوران جوهر ومصطفى عسل يواصلان الصدارة عالمياً    نائب رئيس هيئة الرقابة المالية: 75 مليون جنيه للتأمين الطبي و15 مليونا ضد الأخطاء المهنية    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    مراسلة القاهرة الإخبارية: صواريخ إيران تصل السفارة الأمريكية فى تل أبيب.. فيديو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    وزارة التعليم: ليس ضروريا حصول الطالب على نفس رقم نموذج الأسئلة بالثانوية    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    إصابة 3 أشخاص بطلقات بندقية فى مشاجرة بعزبة النهضة بكيما أسوان    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمننا القومى وباب المندب
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 05 - 2014

فى وقت يضيق فيه مضيق باب المندب أمام الوجود المصرى يتسع هذا المجرى المائى الاستراتيجى ويفتح الأبواب مشرعة أمام سفن الأطماع والتجسس الإقليمى والدولى، ويشهد حالة سباق محموم تتجاذبه المصالح والصراعات فى صنعاء وعدن.
وهو ما يجعلنا نقرع نواقيس الخطر ونحذر من أن الأمن القومى المصرى يظل مهددًا عبر ثغرات تلك المنطقة المهمة باستراتيجيتها الجغرافيوسياسية، وتتعد مظاهر هذا الخطر بين شرقه وغربه وجنوبه خاصة عقب اندلاع ثورات الربيع العربى التى أفرزت حالة من الفوضى فى محيطنا العربى.
وان كان السودان يشكل أحد مراكز الخطر جنوباً ؛ لاسيما بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين فى ثورة 30 يونيو2013، التى أعطت أكبر صفعة للإسلام السياسى فى المنطقة، فالسودان يسعى جاهدًا لتعكير صفو مصر وتهديد أمنها الجنوبى بدعم جماعات الإسلام السياسى والتطرف والارهاب بدعم قطرى لا يخفى على العين المجردة، وتقوم الدعوة بعداء سافر لمصر وتشاركها فى عدائها ذلك إيران وتركيا، فى الشرق الأقصى.
فى وقت تشكل فيه الجماعات المتطرفة فى ليبيا أحد محاور التكالب على مصر من الناحية الغربية بدعم ذات الجهات فى الدوحة وطهران وإسطنبول.
وليس بعيدًا عن هذا المشهد مضيق باب المندب، وقد يتبادر إلى الذهن سؤالاً " بريئاً " حول علاقة مصر بذلك المضيق الذى يبعد عنها آلاف الكيلومترات؟ ولكن الإجابة السريعة لهذا التساؤل هى أن باب المندب يمثل بوابة التأمين الجنوبية الشرقية لأمننا القومى، ويعد عبر مراحل التاريخ من المناطق الساخنة فى السياسة الدولية وهدفاً لذاته أو كوسيلة لتحقيق أهداف استراتيجية فى مناطق أخرى من العالم، مما جعل شعوب البحر الأحمر هدفاً مستمراً للغزو والتدخل الخارجى، وأصبح بعد الحرب العالمية الثانية بمثابة إحدى المتغيرات الكبرى التى تلعب دورًا حاسمًا فى صراعات القوى العالمية الكبرى. لاسيما وأن هذا المضيق يعتبر واحداً من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية فى العالم.
واذا ما اعتبرنا قناة السويس بوابة البحر الأحمر ومدخله الشمالى فإن مضيق باب المندب يعد البوابة الجنوبية له ومخرجه الجنوبى إن جاز التعبير، وقد لعبت مصر واليمن دورًا أساسيًا فى تاريخ البحر الأحمر بحكم سيطرتهما على مدخله ومخرجه.
وهو ما يجعلنا نعيد إلى الذاكرة ما حدث خلال حرب أكتوبر 1973 عندما سمحت اليمن لمصر بالتواجد فى الجزر اليمنية بالبحر الأحمر، بما فيها مجموعة جزر حنيش الكبرى، خلال تحضيرات مصر للحرب، بموجب اتفاقٍ وَقَّعَتْهُ اليمن ومصر فى 12 مايو 73م وقامت اليمن باغلاق المضيق على إسرائيل، وكان له أكبر الأثر فى انتصار مصر والعرب على العدو الإسرائيلى.
ومع أن أهمية باب المندب ظلت محدودة، لكن هذا المضيق اتسع وصار مهماً عند افتتاح قناة السويس 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط وعالمه. فتحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، والمحيط الهندى وشرقى أفريقيا. ومما زاد من أهمية هذا الممر، أن عرض قناة عبور السفن 16 كم وعمقها من 100 إلى 200 م، وهو ما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين، مثلما يعد أقصر وأسرع طريق بحرى يربط بين الشرق والغرب، وتبقى أهمية باب المندب مرتبطة ببقاء قناة السويس أولا وممر هرمز ثانياً مفتوحين للملاحة، أمام ناقلات النفط. وتهديد هذين الممرين أو قناة السويس وحدها يحول السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
وتكمن أهمية المضيق كذلك فى أن مياهه تحتضن ثروات كامنة ومتنوعة حيث توجد فيه أكثر من 300 نوع من الأسماك وتوجد به كميات هائلة من (الجمبرى) وخاصة فى سواحله اليمنية كما توجد ثروات معدنية وبترولية تقدر بعدة مليارات من الدولارات والتى لم تستغل بعد ويجب استغلالها بواسطة الدول العربية المطلة على البحر الأحمر. ومن خلال التنسيق الذى يحقق المصلحة خاصة للدول الشاطئية والذى لا يتعارض مع المصلحة العامة للجماعة الدولية، إلا أنه يسد ثغرات الأطماع الدولية والإقليمية والتى تتسابق وسط هذا المضيق من أجل متسع لوجودها من أجل حماية مصالحها واستغلال موارد اليمن، ولضرب مصالحنا، وتهديد أمننا القومى.
من ناحية أخرى تزداد أهمية باب المندب بعد إقرار تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم (أربعة فى الشمال وإقليمين فى الجنوب) ضمن مخرجات الحوار اليمنى برعاية دوليه وإقليمية ودخول اليمن تحت البند السابع بموجب قرار مجلس الأخير 2041، مما يشكل خطورة على الأمن القومى اليمنى والعربى وفى مقدمتها مصر فى ظل التسابق على الممرات المائية والمنافذ البحرية العالمية الهامة التى من ضمنها باب المندب.
وهناك حيل استعمارية دؤوبة للسيطرة على هذا المكان الحيوى مثل: حادثة إغراق سفينة بريطانية قرب عدن ، والادعاء بمراقبة السفن لمنع تجارة الرقيق، التجارة مع الموانئ على البحر الأحمر لجمع المعلومات قبل الغزو، محاولة شراء بعض الجزر والموانئ عند فشلهم فى الاستيلاء عليها، استغلال الخلافات المحلية لتقديم الدعم للمشائخ مقابل استغلال المنطقة، وأخيرا وفى العصر الحديث تأتى خدعة القراصنة الصوماليين.
الجميع يبحثون عن مقاعد لهم على طاولة اليمن، وكثير من اليمنيين يؤكدون وجود مخطط صهيونى خبيث للسيطرة على باب المندب، فإسرائيل لديها نفوذ فى المندب بالتنسيق مع جيبوتى وإثيوبيا عن طريق التمدد الصهيونى فى أفريقيا، وقد صرح رئيس القوات البحرية الإسرائيلية "إن سيطرة مصر على قناة السويس لا يضع بين يديها سوى مفتاح واحد فقط فى البحر الأحمر أما المفتاح الثانى والأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية فى باب المندب. فمن المحتمل أن يقع بين يدى إسرائيل إن عرفت كيف تطور سلاحها البحرى فى منطقة البحر الأحمر".
تشير التحركات الأمريكية والأوروبية فى البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربى، إلى وجود مُخَطَّطٍ دَوْلِى يتم تنفيذه بخطًى حثيثةٍ، تحت لافتة "القراصنة"، يقود فى نهايته إلى سيطرةٍ بريطانيةٍ على خط الملاحة الدولى، المارِّ عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وإيران تفكر فى اليمن من الناحية الاستراتيجية. وأن نظام طهران الشيعى نشط جدًا فى اليمن عن طريق دعم وتمويل الحوثيين الذين يحرزون نتائج إيجابية يوما بعد يوم تفوق قوة الإخوان المسلمين "حزب الإصلاح، أو فلول " على عبد الله صالح ".
والخلاصة أن الجميع يقفز فى المشهد اليمنى بشكل معلن أو غير معلن ليس لإنقاذ اليمن من مشاكلها المعقدة وإنما لمصلحة هذه الدول والعمل على إيجاد موطئ قدم فى هذه الجغرافيا المتميزة، واليمن تعيش حالة من الفوضى. من الناحية السياسية هى متشظية على أسس قبلية وطائفية فالولاء للقبيلة هو أعمق بكثير من الفخر بالعلم الوطنى " ثقافة الشمال " بعكس ثقافة الجنوب التى كانت سائدة قبل الوحدة وقامت صنعاء بإرغام تغيير ثقافة الجنوب بالقوة والعمل على أريفة مدن الجنوب بما فيها مدينة عدن.
وهو ما يدفعنا للمطالبة بالاهتمام بما يجرى فى اليمن كعمق عربى مهم؛ مستندين على العلاقات الأزلية والروابط التاريخية والثقافية والحضارية بين مصر واليمن كشعبين عربيين، وليس ببعيد التعاون والتنسيق بين اليمن ومصر فى القرن الماضى.
وهى عوامل تجعل دور مصر فى غاية الأهمية والحساسية، فتحفز مصر للقيام بدور محورى فى حل الصراعات فى اليمن انطلاقاً من العلاقات، ومن المصالح، ومن حماية أمننا القومى
إن هذه الأهمية توجب على صانعى القرارات السياسية وأجندة أمننا القومى عدم اسقاط ما يدور فى اليمن من الحسابات، والعمل الدؤوب لإيجاد صيغة توقف النزيف اليمنى كهدف أخلاقى، واطفاء بؤر التوتر كهدف سياسى وأمنى لوقف التغلغل المعادى لنا اقليمياً ودولياً، وبالطبع فأن باب المندب يجب أن يكون على رأس هذا الاهتمام اليمنى والمصرى والعربى، ولا يكفى أن يخرج وزير الخارجية اليمنى د. أبو بكر القربى، للتعبير عن قلق اليمن من مخاطر الوجود العسكرى المُكَثَّف والمتعدد الجنسيات فى البحر الأحمر، وما يُمَثِّلُه من مقدمة لتمرير مشروع تدويل مياه البحر الأحمر، الذى سبقَ وأن اقترحته إسرائيل، وقوبل برفض عربى. وللأسف هناك عدم التفات واضح من مصر إلى ما يحدث فى اليمن بشكل عام وجنوب اليمن بشكل خاص وإهمال غير مبرر، فى الوقت الذى نرى التصارع والتكالب للقوى الإقليمية والدولية للمساهمة فى رسم خريطة جديدة للمنطقة فى اليمن شماله وجنوبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.