ضبط شخصين بحوزتهما مبالغ مالية بمحاولة للتأثير على الناخبين ببورسعيد    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    وزيرة التخطيط: 65.7 مليار جنيه استثمارات حكومية موجهة لأقاليم الصعيد في خطة العام المالي    الأمم المتحدة: قوات الدعم السريع السودانية قتلت أكثر من ألف مدني في مخيم زمزم في أبريل    بعد إلغائها.. فيفا يعلن قراره النهائي بشأن مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب    التصريح بدفن جثمان شاب لقي مصرعه أسفل عقار المنيا المنهار    الداخلية تضبط شخصين لتوجيه الناخبين في المحلة    لوسى ل اليوم السابع: أنا بخير وفى بيتى وتعرضى لأزمة صحية غير صحيح    دعاء يوم الجمعة: فضل عظيم وأوقات استجابة    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    الخارجية الروسية: تطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن ليس بالأمر السهل    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    خبير اقتصادي: توقعات بارتفاع أسعار الذهب والفضة في 2026    القاهرة تلوّح بالتدخل في السودان... أمن قومي أم اصطفاف إقليمي؟    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    مجمع الفنون والثقافة يحتضن فعاليات مسرح المنوعات بجامعة العاصمة    ضياء رشوان: لا يوجد أي نوع من الترتيبات أو الاتصالات بشأن عقد لقاء بين الرئيس السيسي ونتنياهو    الدفاع المدني بغزة يحمّل المنظمات الدولية والاحتلال مسؤولية ضحايا مخلفات الذخائر    الداخلية تكشف حقيقة نقل ناخبين بسيارة في المحلة    سوريا تتوج بجائزة اللعب النظيف في كأس العرب    نقيب المهندسين ومحافظ الأقصر يشهدان توقيع بروتوكول مشترك    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    قصور الثقافة تنظم زيارة للأطفال ذوي الهمم إلى متحف دار الأوبرا المصرية    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات مؤتمر إعادة إعمار غزة

أعتقد أن لسان حال كبار قادة الكيان الصهيونى كان يقول، وهم يتابعون، بقلق، أعمال مؤتمر «إعادة إعمار غزة» الذى استضافته مصر بالمشاركة مع الحكومة النرويجية أمس الأول الأحد (12 أكتوبر 2014): «دعهم يعمرون ونحن سنكرر التدمير»،
تماماً مثلما كانوا يهزأون من الجهود العربية والدولية الحريصة على إغاثة المصابين وعلاجهم طيلة أيام العدوان الإسرائيلى الآثم على قطاع غزة الذى حمل مسمى «الجرف الصامد» وكانوا يقولون: «دعهم يعالجون ويضمدون ونحن سنواصل القصف والقتل». مقولات «إسرائيلية» أضحت شائعة ومحفوظة تكشف عن واقع مرير بات يحكم معادلة الصراع الذى تخوضه «إسرائيل» ضد الشعب الفلسطينى وضد العرب، واقع فرضته معادلة توازن القوى شديدة الاختلال لمصلحة هذا الكيان الصهيونى يعطى للإسرائيليين بدافع مما تعتبره استحقاقات «حق القوة» أن تفعل ما تشاء وما تراه من ضرورات الدفاع عن أمنها والحفاظ على مصالحها.
فالإسرائيليون يروجون دائماً لمقولة إن القوة لها استحقاقاتها مثلما أن للضعف واجباته، ومن منظور «تفوق القوة» ترى إسرائيل أن من حقها أن تحصل على ما تريده، وأن من واجبات العرب والفلسطينيين، على وجه الخصوص، أن يدفعوا الأثمان، وأخشى ما كانوا يتحسبون له طيلة الأيام الماضية، التى شهدت جهود الإعداد المصرية لمؤتمر «إعادة إعمار غزة» أن يتجاوز هذا المؤتمر حدود عمليات إعادة الإعمار إلى البحث فى كيفية منع تكرار العدوان، بالخوض فى جوهر الصراع، وتحويل المؤتمر من ساحة الدعوة الأخلاقية ل «جمع التبرعات» إلى محاسبة سياسية وقانونية للعدوان، وإدانته، ووضع قواعد ملزمة لتحقيق «السلام العادل» الذى أقرته القرارات الدولية وأكده القانون الدولي، وفى مقدمة هذه القواعد؛ إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضى التى جرى احتلالها عام 1976، وأن تكون القدس الشرقية المحتلة هى عاصمة هذه الدولة، ولذلك تعمد «الإسرائيليون» إظهار التحدى العملى للمؤتمر قبل أن يبدأ، ورفعوا الرايات الحمراء أمام المشاركين راية تقول: «محظور عليكم أن تفعِّلوا معادلة «قوة الحق» التى تعتقدونها أساساً أخلاقياً واجباً للقانون الدولي، لأن إسرائيل لا تحترم غير القانون الذى يحقق مصالحها، والذى يقر ب «حق القوة» ويزدرى «قوة الحق».
رايات إسرائيل الحمراء التى سبقت انعقاد مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة كانت شديدة الوطأة على كل من راهنوا على ما كان يسمى «عملية السلام» و«مسلسل التفاوض العبثى» طيلة 21 سنة مضت وبالتحديد منذ توقيع «اتفاق أوسلو» عام 1993، حيث أثبتت إسرائيل بالدليل القاطع أن مشروع «حل الدولتين» دخل عملياً مرحلة الاحتضار، وأنه فى حال لا يمكن وصفها إلا بأنها «موت إكلينيكى» لعملية السلام ولحل الدولتين.
فقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية منذ أيام قليلة المصادقة النهائية على بناء 2610 وحدات استيطانية جديدة فى مستوطنة «جعفات همتوس» المقامة أصلاً على أراضى القدس الشرقية فى بيت صفافا. وهى تقع فى منطقة إستراتيجية قرب «باب المغاربة» وتبعد مسافة 200 300 متر لا أكثر عن المسجد الأقصي. حركة السلام الآن الإسرائيلية اعتبرت أن مخطط بناء هذه المستوطنة هدفه «تدمير حل الدولتين»، خصوصاً وأن هذا المخطط يشمل أيضاً مرحلتين تاليتين له مجموع وحداتهما الاستيطانية يبلغ 1362 وحدة، ثم مرحلة رابعة تضم 1100 غرفة فندقية.
هذا التوسع الاستيطانى فى القدس الشرقية يعد من ناحية امتداداً لسياسة الاستيطان والتهويد المتبعة منذ احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية أعقاب عدوان عقب 1967 لإقامة دولة «إسرائيل الكبري» ويعد من ناحية أخرى التزاماً مبدئياً بالأسس والمفاهيم الثوارتية لتحويل إسرائيل إلى «دولة يهودية» القائمة على ثلاثية: «أرض مقدسة قدستها التوراة من أجل الشعب المختار».
ولقد ظل التخطيط الصهيونى للقدس، باعتبارها من وجهة نظرهم العاصمة الموحدة والأبدية للدولة اليهودية مرتكزاً على قاعدتين أساسيتين، الأول: زيادة نسبة السكان «الإسرائيليين» على حساب السكان العرب الفلسطينيين تحسباً لأى إجراء سياسى بهدف إثبات أن القدس (الشرقية المحتلة) مدينة إسرائيلية خالية من العرب وليس للعرب أى دليل أو حق للمطالبة بها. أما المرتكز الثانى فهو زيادة مساحة المدينة قدر المستطاع للاستحواذ على الجزء الأكبر والممكن من الضفة الغربية. ضمن سياسة هدفها تفريغ مشروع «حل الدولتين» من مضمونه.
كل هذا يهون أمام الراية السوداء أو «الكارت الأسود» وليس الأحمر الذى رفعه الرئيس الأمريكى باراك أوباما ليس فقط فى وجه العرب بل فى وجه كل العالم قبل ثلاثة أسابيع تقريباً فى كلمته التى ألقاها أمام الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك.
لقد فاجأ الرئيس أوباما وأسمع العالم كلاماً لم يقله أى رئيس أمريكى قبله، على حد ما كتب زلمان شوفال فى صحيفة «إسرائيل اليوم» الإسرائيلية. أوباما قال، وبصراحة غير مسبوقة، بل وبتجاوز غير مسبوق، إن «الوضع فى العراق وسوريا وليبيا يجب أن يشفى الجميع من وهم أن هذا الصراع (الإسرائيلى الفلسطيني) هو مصدر المشكلات فى المنطقة. كان هذا الصراع (الإسرائيلى الفلسطيني) يستخدم زمناً طويلاً وسيلة لصرف انتباه العالم عن المشكلات».
يقول زلمان شوفال، وهو غير مصدق ما قرأه من كلام أوباما: «لم استطع أن أصدق ما رأته عيناي، لأن جهود دولة إسرائيل الدعائية والسياسية كانت موجهة منذ سنين طويلة، دون نجاح، لتحطيم الدعوة الكاذبة، وهى أن الصراع الفلسطينى جذر أو أصل كل المشكلات فى الشرق الأوسط، لاسيما مشكلات الولايات المتحدة مع العالم العربي، وهنا جاء أوباما لا غيره، وقال بفم ملآن، وبتأكيد معناه الوحيد الواضح أننا (الأمريكيين) والإسرائيليين كنا على حق».
قنابل موقوتة تتفجر واحدة تلو الأخرى للانحراف بالمسار الذى أرادته مصر لمؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة، لكن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكتف بما تحدث عنه فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من إنكار لأولوية أو أهمية حل القضية الفلسطينية إذا قورنت بالخطر الإيرانى الذى يرى أنه يجب أن يحظى بكل الأولوية ولكنه شاء أن يفجر أهم هذه القنابل عندما تحدث فى أحد الفنادق بنيويورك أمام مجموعة من 200 من رؤساء الاتحادات الصهيونية قبيل عودته إلى إسرائيل، بل شاء أن يفجر قنبلتين فى وقت واحد: الأولى عندما قال أن «إيران أخطر من (داعش)، وأن التغييرات فى الشرق الأوسط توحد بين إسرائيل ودول إسلامية معتدلة فى مواجهة الدول المتطرفة وفى مقدمتها إيران وذراعاها الإرهابيتان «حزب الله» و«حماس»، والثانية عندما قال: «أن دولة إسرائيل تريد السلام، لكن لا يبدو الآن أن أبو مازن معنى به، وليس الحل فى رام الله (مقر السلطة الفلسطينية) بل فى العاصمتين الإسلاميتين المعتدلتين (الرياض والقاهرة) اللتين تقودان مع إسرائيل إلى اتفاق برقابة دولية يمنح إسرائيل الأمن والسيطرة على الحدود ونزع سلاح كل المنطقة التى ستسلم إلى الدولة الفلسطينية»(!!).
هل سيكون لدى مؤتمر إعادة إعمار غزة والدول والأطراف المعنية ،القدرة على إبطال مفعول أو نزع فتيل كل هذه القنابل الأمريكية والإسرائيلية؟ هذا هو التحدى.
لمزيد من مقالات د. محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.