انتشرت خلال فترة ما بعد الثورة ظاهرة طعن بعض "شيوخ الفضائيات" فى الصحابى الجليل عثمان بن عفان رضى الله عنه، حتى وصل الأمر بأحد مرشحى الرئاسة السابقين إلى القول "بكل فخر" بأن حركة الخوارج التى قامت ضد عثمان كانت "ثورة"، ووجَّه آخر رسالة على الهواء للرئيس الأسبق قال له فيها: "كن أبا بكر ولا تكن عثمان، لو كنت عثماناً ستضيع مصر وستُسأل عليها أمام الله". هذان وغيرهما يُعدان مثالاً صارخاً لمن يأخذون علمهم من سيد قطب الذى اشتهر بكثرة طعونه وافتراءاته على الخليفة الراشد.. وأنقل عنه ما كتبه فى كتابه "العدالة الاجتماعية فى الإسلام- الطبعة الثالثة عشرة- دار الشروق- 1993م". - إسقاطه لخلافة عثمان، فقال: "ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي رضي الله عنه امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله, وأن عهد عثمان الذى تحكم فيه مروان كان فجوةً بينهما". (العدالة الاجتماعية – 172) - ويقول عن علىّ رضى الله عنه، قاصداً لمز عثمان: "جاء علىّ ليرد التصور الإسلامى للحكم إلى نفوس الحكام ونفوس الناس..... وسار علىّ فى طريقه يرد للحكم صورته كما صاغها النبى –صلى الله عليه وسلم- والخليفتان بعده" (العدالة الاجتماعية – 162) - ويقول أيضاً: "هذا التّصوّر لحقيقة الحكم قد تغير شيئاً ما دون شك على عهد عثمان -وإن بقي في سياج الإسلام- لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يُصرّف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام. كما أن طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه الشّديد على أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من الصّحابة من حوله، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانى الإسلام منها كثيرا" (العدالة الاجتماعية – 159). إنه يتهم "ذا النورين" بالضعف واللين ومجاملة أهله على حساب المسلمين، وانحراف فترة حكمه عن الإسلام، بل ويتهمه بأنه أحد أسباب الفتنة التى قُتل فيها شهيداً "بشهادة النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث (اثبت أُحُد)". - واتهمه بالانحراف عن روح الإسلام، وبأنه استسلم لمروان بن الحكم مسلماً له زمام الأمور فقال: "ولقد كان الصحابة يرون هذا الانحراف عن روح الإسلام، فيتداعون إلى المدينة لإنقاذ الإسلام وإنقاذ الخليفة من المحنة، والخليفة في كبرته لا يملك أمره من مروان، وإنه لمن الصعب أن نتهم روح الإسلام في نفس عثمان، ولكن من الصعب كذلك أن نعفيه من الخطأ، الذى نلتمس أسبابه فى ولاية مروان للوزارة فى كبرة عثمان". (العدالة الاجتماعية – 159). - ويبارك سيد قطب ثورة الخوارج على عثمان ويقول إنها كانت من روح الإسلام، رغم اعترافه بتدبير اليهودى بن سبأ لها: "وأخيراً ثارت الثائرة على عثمان، واختلط فيها الحق بالباطل، والخير بالشر. ولكن لابد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام، ويستشعر الأمور بروح الإسلام، أن يقرر أن تلك الثورة فى عمومها كانت فورة من روح الإسلام، وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودى ابن سبأ عليه لعنة الله". (العدالة الاجتماعية – 160 : 161). - حتى عندما أراد سيد قطب التماس العذر لعثمان فيما رميه به بالباطل، كان اتهامه له بضعف الشخصية وتسليم الأمور لبنى أمية: "واعتذارنا لعثمان رضى الله عنه أن الخلافة قد جاءت إليه متأخرة، فكانت العصبة الأموية حوله وهو يدلف إلى الثمانين، فكان موقفه كما وصفه صاحبه علي بن أبي طالب: "إني إن قعدت في بيتي قال: تركتني وقرابتي وحقي، وإن تكلمت فجاء ما يريد، يلعب به مروان، فصار سيقة له يسوقه حيث شاء، بعد كبر السن وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم" (العدالة الاجتماعية – 161). ولا يزال الحديث عن طعون وافتراءات سيد قطب على عثمان رضى الله عنه مستمراً..... لمزيد من مقالات عماد عبد الراضى